قلق وأمل

نشر في 14-06-2014
آخر تحديث 14-06-2014 | 00:01
 د. نجوى الشافعي يسبق القلق الأمل في متابعة المشهد في بلدي الحبيب مصر، وقد يشفع لي أنني شاركت في الثورتين؛ الأولى في ٢٥ يناير ٢٠١١ والثانية في ٣٠ يونيو ٢٠١٣، تعلقنا جميعا خلالهما الواحدة تلو الأخرى بالحلم في تغيير الواقع على الأرض؛ وحلّقت أرواحنا في سماء الأماني والتفاؤل محسنين الظن بالله أولاً، ثم بالطاقات الهادرة للشباب الذي فجر الثورتين، والذي انشغل بكل أسف بحب التعبير عن نفسه خلال المظاهرات والاحتجاجات دونما بناء موازٍ للبنية الأساسية للحياة الديمقراطية الجادة.

 وقد تكون حداثة عهده باللعبة السياسية برمتها هي وراء فشله في المراحل الأولى للثورة؛ مما أدى إلى انحراف مسارها وتخبطها في دهاليز خلط الدين بالسياسة، وتعطل مسيرة الحرية والديمقراطية والوحدة الوطنية، وما إن قام الشعب بمساندة الجيش باسترداد ثورته وتصحيح مسارها حتى هبت عواصف الإرهاب الغادر المر في محاولة مستميتة لسحب قاطرة الوطن إلى الخلف، ولولا تلاحم الجيش والشرطة والشعب وفضل الله ورحمته بمصر أرضاً وشعباً لأصابها ما أصاب بلاداً تحيط بها شرقاً وغرباً.

 والحمد لله أن بوركت مسيرة الوطن بعد ذلك، وقاومت مصر ضغوطاً رهيبة داخلية وخارجية، واستطاعت إنجاز اثنين من استحقاقات خريطة المستقبل، إلا أن التحديات كبيرة والطريق طويل، وخبرة ممارسة الحرية والديمقراطية للأسف قليلة، والتنسيق بينهما وبين معركة البناء هو مفتاح هذه المرحلة الحرجة، وهذا المنعطف الخطير في حياة الأمة ناهيك عما يحيط بالمنطقة كلها من دماء ودمار وخراب وضياع.

وضع الشعب المصري ثقته الكاملة بالقيادة التي اختارها، وعقد عليها الآمال في تحقيق أهداف الثورتين؛ راجيا من الله عز وجل ألا يخيب الرئيس عبدالفتاح السيسي ظن الناس وتوقعاتهم في تواضعه وزهده وإخلاصه ووطنيته ووضوح رؤيته للطريق، إلى جانب إحساسه بالفئات المهمشة من المجتمع، والتي دفعت وما زالت تدفع فاتورة الفساد والرشوة والظلم الاجتماعي البين إلى الآن.

 أما عناصر القلق فهي كثيرة يتقدمها حجم المشكلات بالنسبة إلى المعطيات المتوافرة للحلول، وفقدان همة العمل الذاتية لدى قطاعات كبيرة من الشعب المصري الذي تعود لسنوات طويلة أن يعمل إما تحت القهر أو الخوف أو أمام إغراء الرشوة، والمعلوم كنتيجة طبيعية لضعف الانتماء وفقدان الأمل والقدوة وتغييبه عمداً عن المشهد السياسي، وإحساسه بأن مقدراته تضيع وثرواته تنهب، إلا أن الأمل في وجه الله لا ينقطع، والقنوط من رحمته ليس من الإيمان، والسماء لا تغلق أبوابها أمام المخلصين الجادين والمحسنين، خاصة إذا عزموا على التغيير، وهذا هو مكمن قوة الشعب المصري وإبداعه إذا ما توافرت لديه القيادة النقية الصادقة المخلصة، وذاك هو رهان الرئيس عبدالفتاح السيسي.

***

لم ولن تمل مصر حكومة وشعباً من الاعتزاز والإشادة دائما وأبداً بدعم أشقائها العرب في الدول الخليجية، والذي كان سنداً لها في مواجهة مؤامرات الداخل والخارج منذ ٣٠ يونيو حتى الآن، وندعو الله أن تعبر مصر شهورها وسنواتها القادمة بسلام.

back to top