مكتبات «حية»!

نشر في 01-07-2014
آخر تحديث 01-07-2014 | 00:01
 د. ساجد العبدلي أفرح كثيراً في معارض الكتب عندما أجد بائعاً مثقفاً أتجاذب معه أطراف الحديث فيشير عليّ بكتاب هنا وكتاب هناك، ويلفت انتباهي لكاتب هنا وكاتب هناك، على عكس بائع لا يعرف عن الكتب التي من حوله إلا أسعارها، وحسبه أن جاء به صاحب المكتبة ليبيع ثم ينهمك بعدّ حصيلة الدنانير أو الدراهم والريالات!

زرت عشرات المكتبات ومحلات بيع الكتب حول العالم، فكان منها الضخم جداً على غرار مكتبة "ووترستون" في بريطانيا، وهي التي كان اسمها "ديلونز" سابقاً، ومكتبة "بارنز آند نوبلز" في أميركا، ومكتبة "كينوكونيا" في سنغافورة وفرعها الشبيه في دبي، وكان منها كذلك الصغير جداً على غرار محلات الكتب المختبئة في أزقة وسط البلد في عمّان الأردن، وفي سوق الزبداني في سورية وغيرها.

 وأستطيع اليوم أن أقول بكل ثقة إن أجمل تلك المكتبات وأقربها إلى قلبي هي التي كنت أصادف فيها بائعا مثقفا ملما بحركة الكتب وأسماء الكتّاب ونتاجاتهم القديمة والحديثة، فأدخل لأقتني كتاباً أو اثنين أو ثلاثة على أبعد تقدير لأخرج وقد استطاع البائع أن يلفت انتباهي إلى عناوين أخرى فيغريني بشراء عشرة وأحياناً عشرين كتاباً!

المكتبة التي لا يحييها بائع مثقف عارف بالكتب وأحوال الكتّاب، تظل عندي كمحلات السوبر ماركت والمخازن التجارية التي تعمل على طريقة اخدم نفسك بنفسك، تدخل وتتجول في الممرات بين الرفوف، فتضع في عربتك ما تريد من بضائع ثم تقصد عامل المحاسبة لدى الباب لتدفع قيمة ما أخذته وتخرج، في عملية "أوتوماتيكية" بحتة.

نعم، صحيح أني قد أجد في هذه الأماكن كل ما أريد، لكنها ستتطلب مني أن آتي مدركا لما أريده من عناوين لأقصدها مباشرة، أو أن أدخلها فأنهمك بالبحث والنظر والاطلاع في مئات العناوين المصفوفة على الأرفف بحثاً عما يوافق مبتغاي أو قد يلفت انتباهي، في حين أن زيارة المكتبة المزدانة ببائع مثقف عاشق للكتب تكون كالرحلة السياحية الماتعة، قد أقضي ساعات فيها دون شعور بمرور الزمن وأنا في حديث ثقافي جميل مع "صديقي" البائع الذي ينقلني خلاله عبر عشرات الموضوعات والعناوين، ويحملني معه إلى حيث عشرات الكتّاب والمؤلفين ممن قد أعرف أو لا أعرف، وقد قلت صديقي البائع لأن كل صديق للكتاب صديقي كما سبق أن كتبت في مقدمة كتابي الأخير "بصحبة كوب من الشاي".

أفرح كثيراً في معارض الكتب عندما أجد بائعاً مثقفاً أتجاذب معه أطراف الحديث فيشير عليّ بكتاب هنا وكتاب هناك، ويلفت انتباهي لكاتب هنا وكاتب هناك، على عكس بائع لا يعرف عن الكتب التي من حوله إلا أسعارها، وحسبه أن جاء به صاحب المكتبة ليبيع ثم ينهمك بعدّ حصيلة الدنانير أو الدراهم والريالات!

يقول صديقي الكتبي العراقي المحترف فارس الكامل مدير مكتبة المعقدين الكائنة في برج السنابل بالكويت: "سر نجاح المكتبة هو أننا نقرأ الكتب ولسنا بائعين لها فقط، فأنا أعمل في مجال بيع الكتب منذ عشرين عاما، وبدأت ببيعها على رصيف شارع المتنبي في بغداد، ودوماً أحرص على أن أبيع كتباً لا يستطيع أحد الحصول عليها بسهولة رغم أنها غير ممنوعة، لأني أفكر بخلق ذائقة جديدة للقارئ الذي يريد أن يتطور، عبر اقتراح كتب بعينها وعرضها عليه".

back to top