غرافيتي المشاهير كوسيلة للشهرة

نشر في 16-03-2014 | 00:01
آخر تحديث 16-03-2014 | 00:01
ثمة ظاهرة لافتة في العالم العربي، تقولها الجدران في المدن (بيروت، القاهرة، رام الله والإسكندرية) والمخيمات الفلسطينية في لبنان وغزة، وهي أن بعض فناني الغرافيتي والجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية، يختارون غرافيتي شخصيات أدبية أو فنية أو سياسية رمزاً ووسيلة للترويج لأنفسهم وأفكارهم وطموحاتهم ومشاريعهم وحتى مواقفهم.

من خلال تأمل رواد الغرافيتي اللبنانيين تحديداً، نلاحظ أن كثراً منهم أصبحوا «ستار غرافيتي» يوقعون باسمهم الكامل ووجوههم معروفة، على عكس نمطية هذا الفن التي تقتضي أن يبقى صاحبه مغفلاً أو يعمل تحت جنح الظلام، وبات فنانون كثر يعرضون لوحاتهم على مواقعهم الالكترونية والـ {فايسبوك”.

إلى ذلك يختار أبرز الغرافيتيين رسم المشاهير وسيلة أسهل للترويج لأنفسهم أولاً ولأعمالهم الأخرى ثانياً، هنا نخص بالذكر يزن حلواني وفريق «اشكمان» المؤلف من الأخوين عمر ومحمد قباني. فقد اشتهر حلواني، وهو شاب عشريني، في رسم  فيروز على درج (بيروت) مع بعض كلمات أغانيها، ومحمود درويش مع بعض أقواله، أسمهان، سمير قصير، وجبران خليل جبران الذي رسمه على عملة لبنانية متخيلة، أما فريق «اشكمان» الذي يغني الراب، فرسم وديع الصافي مع عبارة «ذهب صافي» وفيروز مع عبارة «لبيروت من قلبي سلام».  ومع أن حلواني وفريق «اشكمان» لهما أعمال كثيرة ومهمة، لكن وسائل الاعلام ركزت على لوحات  المشاهير، خصوصاً فيروز ومحمود درويش، كأن ثمة مبدأ في هذا المجال يقضي بأن من يرسم شخصيات مشهورة يصبح مشهوراً بدوره، ولا ضير في القول إن رسم يزن حلواني  في الشارع بمثابة إعلان له هو الذي يصمم ديكورات المنازل، والأمر نفسه مع فريق «اشكمان» الذي بات يوظف الغرافيتي لتصميم قمصان «تي شيرت» يكتب عليها بأحرف عربية...

  لا يقتصر توظيف غرافيتي المشاهير على الفنانين، فثمة جمعيات لجأت الى اختيار المشاهير رموزاً لها من خلال {بخ” أو {طس” وجوهها وعباراتها على الجدران، فأم كلثوم مطربة «الزمن الجميل» التي وسمت بصوتها وأغانيها عصراً عربياً بكامله، باتت صورتها توظف كأيقونة «بوب آرت»  لمجموعة «نون النسوة» المصرية التي برزت في خضم «الثورة المصرية»، وحملت راية الدفاع عن المرأة وقضاياها، من خلال استخدام أدوات فنية ومرئية مثل فن الشارع (الغرافيتي). وقد صاغت المجموعة أهدافها في نشاط أطلقت عليه «غرافيتي حريمي»، واستخدمت رسماً لأم كلثوم مع عبارة «اعطني حريتي أطلق يديَّ»... بالإضافة إلى صور: فاتن حمامة، مرفقة  بعبارة {عاشت مصر حرة”، تحية كاريوكا ومكتوب عليها {أقطاي هو أيبك.. بس من غير قناع يا مجلس” وسعاد حسني مع عبارة {يا واد يا تقيل”.

استعملت أيقونة أم كلثوم للدفاع عن المرأة والفن في مصر، أيضاً استعملت في رسم للسخرية من {الفن الهابط” أو {الجسدي” في لبنان. فعلى جدران منطقة رأس بيروت، في شارع الحمرا تحديداً، انتشر رسم غرافيتي لأم كلثوم وهي تغني {بوس الواوا” لهيفا وهبي.  

وفي الجانب السياسي يستعمل غرافيتي بعض الأدباء والشعراء كوسيلة لترويج بعض الأفكار أو المبادئ، فالكاتب الفلسطيني غسان كنفاني الذي اغتاله الموساد الإسرائيلي سنة 1972 في منطقة الحازمية (شرق بيروت)، يعتبر الأكثر حضوراً في رسوم الغرافيتي من بين الأدباء العرب، خصوصاً في المخيمات الفلسطينية. يبدو، بالنسبة إلى مريديه، ذلك المناضل والسياسي قبل أن يكون أديباً له قصصه ورواياته...

 اختار بعض الذين يرسمون غرافيتي لكنفاني وضع صورته إلى جانب قادة سياسيين وفدائيين فلسطينيين، أمثال جورج حبش وياسر عرفات وليلى خالد وأبو علي مصطفى ووديع حداد.

ولا يختلف توظيف أيقونة محمود درويش في الغرافيتي عن غسان كنفاني، فهي تحمل دلالة سياسية أكثر منها شعرية، وبعض الكلمات التي تستعمل مع رسومه هي الأشهر، خصوصا تلك التي لحنها الفنان مارسيل خليفة.  حضور الأدباء في الغرافيتي وإن حمل دلالات سياسية، لكنه يبقى، في الأحوال كافة، زينة لجدران المدن ويخفف من وطأة الازدحام والتشويه.

back to top