بتعملوها ليه طيب؟

نشر في 14-01-2014
آخر تحديث 14-01-2014 | 13:01
 باسم يوسف لا أفهم سبب غضب البعض بسبب أخبار القبض على الناس وضبط هذا وإحضار هذا، لا بأس، مادام ذلك يصب في مصلحة البلد، فلنحشد الجميع في السجون، مادام ذلك سيحقق الاستقرار ويصل بنا إلى بر الأمان، من نحن لنعترض، مش كده؟ (أنا بس أعلن تأييدي من الأول كده عشان ما نفتحش علينا باب إحنا مش قده).

لذلك فلا بأس إذا قبضنا على من يرفع علامة بـ4 أصابع أو نقبض على أبو ولد في إعدادي عنده مسطرة "صفرا"، صحيح ان من يتابع الأمور من خارج البلد يتعجب ويتساءل كيف تقلق إشارة صوابع بلد بأكلمه وتستنفر من أجلها أجهزة الأمن، لكن سحقا لهم، فنحن لا يهمنا ناس بتوع بره أو جوه، صحيح اننا وضعنا ترجمة فورية إنكليزية على قنواتنا، وصحيح ان حكومتنا ترسل زيارات مكوكية إلى أوروبا، وأميركا، وصحيح أننا نتكلم معهم تليفونياً ليل نهار لنقنعهم أننا لطاف وكويسين، ولكن بغض النظر عن ذلك فليذهب الغرب إلى الجحيم، لأنه كله يتآمر علينا، ولنعتقل كل من يرفع يده بإشارة نحن أعطينا لها قيمة وأهمية.

على فكرة بمناسبة العلامة الصفرا هناك الكثير من أصدقائي على الـ"فيسبوك" من خريجي مدارس لغات ويكرهون الإخوان زي عيونهم، ولكن زي ما أنتم "عارفين" العند بيولّد الكفر، فللأسف غيروا صورهم على الـ"فيسبوك" لإشارة رابعة، معلش شوية عناد وطيش شباب وأنا على استعداد أن أبلغ عنهم السلطات واحد واحد إذا كان ذلك سيخدم الاستقرار ويمشي البلد لقدام.

بمناسبة الاستقرار، قرأت على مدى الأيام الماضية أخباراً أثلجت صدري، فقد قامت قوات الأمن بالقبض على أربعة طلاب في محافظة المنيا بتهمة تعليق ملصقات "لا للدستور"، كما تم القبض على آخرين بتهمة توزيع منشورات "لا للدستور" في القاهرة، الحقيقة أن ذلك يعتبر نقلة رائعة في المسار الديمقراطي الذي نتمشى فيه "مع بعضينا"، مبدئياً كيف يجرؤ أي شخص على أن يقول لا للدستور؟ فكل القنوات الآن تقول لك إن من يعترض على الدستور هو خائن

وعميل، وإذا انتشرت ملصقات نعم للدستور بإمضاء ناس بتحب مصر، يبقى لو قلت "لا" يبقى أكيد انت مش بتحب مصر، وطبعاً  خاين وعميل، ومن هذا الذي يجرؤ على أن يضع نفسه في خانة العملاء؟ وإذا ازدحمت خانة العملاء فخانة الكفر مفتوحة دائماً، فها هو العالم الجليل يقول لنا إنه دستور "يرضي الله ورسوله"، هو أدرى طبعاً، أكيد سأل، وها هم العلماء الأجلاء يفتون بأن من يقول لا فإنه "آثم شرعاً".

يا ربي أنا سمعت الجملة دي فين قبل كده؟

وها هم نفس الناس الذين اعترضوا على استخدام الأطفال في تظاهرات "الإخوان" يحشدون أطفالاً من دار أيتام في عزّ البرد

بملابس خفيفة ليغنوا للدستور أمام قاعة المؤتمرات.

وها هو حزب "النور" يقوم بدوره على أجمل وجه في أن يطبل لأي أحد في السلطة، إخوان، ببلاوي، السيسي، منصور مش فارقة، فهم يرون أن هذا الدستور سيعلي من شأن الشريعة الإسلامية، رغم إزالة المواد المتخلفة التي وقفوا وراءها ووضعها الإخوان من أجلهم في دستور ٢٠١٢، وحاربوا من أجل المواد "التي تعلي شأن الشريعة الإسلامية" برضه، لكن لا بأس اختلفت الدساتير والذقن واحدة ونعم بتريح.

الحقيقة ليس بيني وبين الدستور عداوة حقيقية، بالعكس أنا أتمنى فعلاً أن الدستور ده "يعدي" ونخلص، ربما إذا حدث ذلك نتخلص نحن من حالة الهيستريا والسعار الموجودة في البلد، ربما يرتاح الإعلام وتقر عين السلطة حين تصبح هناك شرعية دستورية جديدة فيتركوا من يتكلم يتكلم، ومن يعترض يخبط راسه في الحيط.

لكن ما نعيشه الآن من هيستريا وتخوين كل رأي مخالف يجب أن يتوقف، فأنا لا أفهم كيف تروج لمفهوم الديمقراطية ثم تقبض على من يقول لا للدستور، لماذا إذن طبعنا بطاقات فيها نعم ولا؟ فلنطبع بطاقات عليها نعم ونعمين وعليّ الطلاق نعم أفضل.

طب وليه المصاريف؟ واستفتاء رايح واستفتاء جاي؟ خصوصاً أننا نشاهد على التليفزيون الآن من يقول إن الاستفتاء على الدستور هو استفتاء على السيسي، ولو جدع قول لا؟

فالإعلام يربط بين التصويت بنعم للدستور بشعبية السيسي بمدى حبك للجيش بإخلاصك وولائك لمصر، يعني كومبو أربعة في واحد ولو جدع قول لا.

وإن لم يحرك ذلك شيئاً داخلك فاعلم أن هناك عرضاً لفترة محدودة  برعاية الأزهر وحزب النور بإضافة "الحفاظ على الشريعة الإسلامية" إلى الكومبو.

ولو مالكش في السكة دي وتريد البركة حالاً أو اللعنة حالاً، فالكنيسة تبشرك بأن التصويت بنعم على الدستور سيعود على مصر بالبركات والخيرات، وقول نعم تجلب النعم وعلى ضمانتي.

ربما فهمي للديمقراطية على قدي، ولكن أليس الهدف من العملية الديمقراطية أن نستوعب جميع الآراء فيوافق من يوافق ويرفض من يرفض وفي الآخر نتبع رأي الأغلبية؟ إذا كان الدستور رائعاً

والسيسي شعبيته جارفة، فماذا يضيركم لو أن نسبة قليلة جداً قالت لا؟

ربما فهمي لثورة ٣٠ يونيو على قدي برضه، ولكن ألم يقم بها الشعب المصري ليحرر القرار السياسي من الابتزاز الديني وليتيح لكل مواطن أن يوافق أو يعترض بدون اتهامه بالكفر أو الخيانة؟

شاهدت السياسي العظيم وهو يقول للكاميرات يجب أن يترشح السياسي حتى لا نجد نفسنا بين مرشح ومرشح، معقول؟ طب إزاي كده؟ يعني إيه نلاقي نفسنا بين مرشح ومرشح وبين نعم ولا

ونضطر إلى أن نذهب لصناديق الاقتراع لـ.... لـ.... لـ.... أنا آسف لازم أقولها.... لنختار، آه والله لنختار، قد إيه الكلمة دي قبيحة يا جدع: نختار.

أنا يا سادة لا أعلن رفضي للدستور (الطيب أحسن برضه)، وكما ترون أنا أعلن موافقتي عليه بدون خوف وبدون قلق (خالص)،

ولكن أنا أطلب من السلطات والإعلام أن يتيحوا هامشاً صغيراً جداً لمن يقولون لا، يعني مش لازم الاعتقال والبهدلة والتخوين والكلام ده، وإذا حبكت قوي يمكننا أن نوفر على الدولة أموالاً طائلة في مصاريف واستفتاءات وبطاقات ملونة، فلا نحتاج أن نضيع وقتنا

وأموالنا.

إلا لو كانت هناك حكمة من وراء كل ذلك وهو عمل كمائن في لجان الاستفتاء لكل من تسول له نفسه التصويت بلا، في هذه الحالة سنستطيع القبض على كل العملاء والخونة والكفرة واللي مش بيحبوا مصر ولا الفريق السيسي ولا الجيش في ضربة معلم واحدة.

وإذا كان على الانتخابات ولا تزعل نفسك، فسوف تصلك النتيجة أينما كنت، دليفري، وعلى الكومبو حتاخد "واحد" مجاناً.

(ينشر باتفاق خاص مع «الشروق» المصرية)

back to top