عبدالحميد السيد أحد أبرز روّاد الأغنية الكويتية الحديثة (1 - 3) تعرّض للموت في طفولته مرتين

نشر في 05-07-2014 | 00:01
آخر تحديث 05-07-2014 | 00:01
ازدهرت الحركة الغنائية الكويتية في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن الماضي، فظهر فنانون ومطربون اشتهروا في تلك الفترة، من بينهم الفنان القدير المطرب والملحن عبدالحميد السيد الذي عمل بجد ونشاط، ووضع مصلحة الكويت نصب عينيه، وأبرز الأغنية الكويتية بشكل جيد وراق ونشرها في الخارج، من خلال إذاعة الكويت التي كان بثها آنذاك متواضعاً، إلا أنها كانت تُسمع بشكل جيد في الدول المجاورة.
 انطلق الفنان عبدالحميد السيد في أوائل الستينيات مع رواد الحركة الغنائية الكويتية، فحقق شهرة من خلال الأغاني العاطفية والتراثية المطورة التي غناها في تلك الفترة، ويرددها اليوم الفنانون الشباب في حفلات المعهد العالي للفنون الموسيقية، وأنشطة فرقة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وفي مناسبات عدة.

الطفولة

 عبدالحميد السيد، اسمه الكامل عبدالحميد السيد هاشم السيد عبدالوهاب الحنيان، من مواليد الكويت 1938. كان طفلاً شقياً لكن شقاوته هادئة غير مخرّبة، أحب اللعب مع الأطفال في سنّه أو أصغر منه بعض الشيء... في السابعة من عمره كان يلعب مع أولاد الحي، وتميّز بطبع هادئ ولم يكن يضرب أو يشاكس. كان يغني مع البنات {هيله يا رمانة} التي غناها في ما بعد بكلمات جديدة من كلمات للشّاعر الغنائي علي الربعي.

 تعرض عبدالحميد السيد في طفولته إلى الموت مرتين، الأولى عندما سقط من على {الجالبوت} في البحر وغرق وتم إنقاذه بعدما فقد وعيه وشرب كمية من الماء المالح، والثانية عندما سقطت عليه أكياس السكر فأغمي عليه فترة طويلة.

كان والد عبدالحميد معلما في مدرسة الجهراء، تعلم على يديه وجهاء القوم في الكويت، وكان عبدالحميد السيد يرافق والده إلى مدرسة المباركية بعدما نقل إليها من الجهراء، كان الأخير يملك مدرسة خاصة، وكثيراً ما راقب عبدالحميد التلاميذ وهم يكتبون ويقرأون، وعندما بلغ التاسعة من عمره أصبح تلميذاً في المدرسة.

في المعهد الديني

 عندما افتتحت مدرسة الروضة، كان ناظرها، آنذاك، عقاب الخطيب، التحق بها كتلميذ، إلا أن والديه فضلا أن يذهب إلى المعهد الديني، لأنه يقدم راتباً شهرياً مقداره 40 روبية، كإعانة للطالب. لم يكن عبدالحميد مرتاحاً في الدراسة في المعهد الديني، فتركه وعاد أدراجه إلى مدرسة الروضة بعد عشرين يوماً، ثم نقل إلى المدرسة الأحمدية (1949)، ومكث فيها سنة.

 في عام 1950 رجع إلى المعهد الديني، وبقي فيه أربع سنوات، برز في تلاوة القرآن الكريم وتعلم أصول التجويد على يد الشيخ أحمد البحيري، وكان يتلو القرآن الكريم في بعض المساجد.

 في عام 1951 قصد الشيخ عبدالله النوري منزل عبدالحميد السيد، وكان مديراً لإذاعة الكويت، فطلب من والده السماح لعبدالحميد بتلاوة القرآن الكريم في الإذاعة مقابل أجر شهري مقداره 150 روبية، وافق والده وكان عبد الحميد في الثالثة عشرة من عمره، وسرعان ما ارتفع أجره، مع مرور الوقت، إلى 300 روبية، وكان معه من زملائه المقرئين علي الحسيني، وناصر حسين.

عمل عبدالحميد السيد قارئاً في الإذاعة من 1952 إلى 1958، وعمل سنة 1955 كاتباً في الجمارك، ثم موظفاً في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وهناك حظي باهتمام الفنانين حمد الرجيب ومحمد النشمي، وكانا من كبار موظفي الوزارة، ومن ثم انتقل إلى وزارة الإعلام، في إطار خطة الوزارة آنذاك، لتسهيل ممارسة الفنانين للإنتاج الفني المتميز.

 عشق أم كلثوم

 كان عبدالحميد السيد مولعاً بالاستماع إلى أم كلثوم، وعشق صوتها فملك عليه مشاعره، وسهر الليالي يردد أغانيها الجميلة، كذلك كان معجباً بالموسيقار محمد عبدالوهاب، ويتابع أغانيه القديمة من خلال الإذاعات والإسطوانات، وما يستجد منها، بشغف ويحفظها تماماً.

 عندما أصبح فناناً يشارك في الجلسات الطربية الخاصة، كان يُطلب منه أن يغني لكوكب الشرق أم كلثوم التي يجيد أغانيها إجادة تامة، كذلك الأمر مع الموسيقار محمد عبدالوهاب الذي غنى له في ما بعد في التلفزيون أغنيتي {مضناك جفاك مرقده} من إخراج أمين الحاج ماتقي، و{إنت إنت ولا انتش داري} تأليف حسين السيد وألحان محمد عبدالوهاب.

 تتلمذ عبدالحميد السيد على يد الفنان محمد حسن صالح (1957)، وتعلّم قواعد الموسيقى والنوتة وغناء التوشيحة والسماعيات، وكان يسهر حتى الصباح في الغرفة بعيداً عن والده الذي لم يكن موافقاً على هذا التحول في حياة ابنه. كذلك تعلّم العزف على آلة العود باجتهاد شخصي منه، وبدأ يردد أغاني أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، والموشحات الدينية ويلحن بعضها ثم بدأ يمارس الغناء، على نطاق خاص.

في مركز الفنون الشعبية

عام 1958 انتقل عبدالحميد إلى مركز الفنون الشعبية الذي افتتح سنة 1956، باستدعاء من حمد الرجيب الذي كان مديراً لدائرة الشؤون الاجتماعية والعمل، في ذلك الوقت، ورافق فكرة إنشاء هذا المركز ودعمه بالوسائل وشجع الفنانين الكويتيين، وهناك وجد عبدالحميد كل ترحيب وتشجيع من زملائه الفنانين الكويتيين، من بينهم: سعود الراشد، أحمد الزنجباري، أحمد باقر، شادي الخليج ومحمد التتان، وانخرط في اللجنة التي كان يرأسها حمد الرجيب، وكان يعزف على القانون ومعه الفنان سعود الراشد يعزف على العود، وتضم اللجنة مجموعة من الفنانين والشعراء أمثال: الشاعران أحمد العدواني ومنصور الخرقاوي وغيرهما من الأدباء والمؤرخين، وكان عبدالحميد السيد يشارك في الغناء خصوصاً أغاني أم كلثوم، ويشاركه محمد التتان وأحمد الزنجباري الذي كان يعزف على الكمان وأحمد باقر.

عايش عبدالحميد السيد في المركز أجواء فنية رائعة بين أشرطة التسجيلات القديمة والحديثة للفنون الشعبية الكويتية، وجمع التراث الفني الذي كان أحد أهداف المركز، ومارس كتابة النوتة الموسيقية و وقراءتها.

back to top