هل نقبل على انهيار اقتصادي جديد؟
تضخ البنوك المركزية حول العالم مبالغ بالتريليونات في الاقتصاد هادفةً إلى تحفيز النمو، لكنّ أفعالها تؤدي إلى رفع الأسعار في قطاع العقارات وأسواق الأسهم. بحسب «شبيغل»، لم تعد المسألة تتعلق بالتأكّد من حصول الانهيار بل بتحديد توقيته.
حين يرغب مدير صندوق التحوط مارك سبيتزناغل (42 عاماً) في نسيان مشاكل عمله الذي يحمل مجازفات كبرى لفترة، يتوجه إلى مزرعة الماعز التي اشتراها وزوجته آيمي في تلال ميشيغان الريفية. ينتج هناك الأجبان عبر استعمال وسائل مستدامة بيئياً لأنه يعتبر أن الزراعة المعاصرة التي تعتمد على استعمال واسع للمبيدات وعلى المزارع المؤتمتة قابلة للانهيار. كذلك يظن أن الزراعة الصناعية هي {استعارة مثالية} لوصف الاقتصاد.من وجهة نظر سبيتزناغل، أصبحت الأسواق المالية وأسواق الأسهم العالمية شائبة بدورها، وما يحصل فيها غير صحي وغير مستدام بأي شكل. بصفته مديراً مالياً، اختار نموذجاً مهنياً بديلاً: يراهن على حصول انهيار اقتصادي.
بالنسبة إلى عملاء سبيتزناغل، يُعتبر صندوقه الغني بمليارات الدولارات أشبه ببوليصة تأمين ضد الانهيار المقبل في النظام المالي. عندما تبلي الأسواق حسناً، يخسر هؤلاء كميات ضئيلة من الأموال. لكنهم يستفيدون من الوضع مجدداً حين تبدأ الأسعار بالانخفاض، حتى لو أُهدرت جميع الاستثمارات الأخرى.كسب مدير صندوق التحوط أموالاً طائلة في الماضي بفضل تكهناته الصائبة، وهو مقتنع بأن الاضطرابات الكبرى المتوقعة ستحصل في المستقبل القريب. يقول سبيتزناغل: {جميع العوامل تنذر بذلك}.توقعات بالأسوأمنذ الأزمة الأخيرة، ضخّت البنوك المركزية في أنحاء العالم التريليونات في دورة الاقتصاد، وذلك من خلال تخفيض معدلات الفائدة وشراء الأوراق المالية في الأسواق. بالنسبة إلى المصرفيين في البنوك المركزية مثل رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي بن برنانكي، تهدف هذه السياسة إلى تحفيز الاقتصاد وإنقاذ البنوك التي ما عادت تستطيع زيادة الرساميل في أماكن أخرى. لكن تترافق هذه «التجربة النقدية الكبرى» كما يسميها سبيتزناغل مع آثار جانبية. بما أنها تجعل الاقتراض أرخص من أي وقت مضى والادخار بلا جدوى، هي تشجع المستثمرين على عقد صفقات متهورة. تتفجّر أسعار الأسهم في بورصات العالم مقابل ارتفاع أسعار العقارات بوتيرة متسارعة ومقلقة. وأصبحت شريحة واسعة من الشركات الأميركية مديونة الآن بقدر ما كانت عليه قبل الأزمة المالية.لتوضيح الاستعارة التي استعملها سبيتزناغل، يمكن القول إن تدفق المال من البنوك المركزية يشبه استعمال أسمدة اصطناعية وعدائية جداً. هو يولّد محاصيل ضخمة على المدى القصير لكنه يؤدي في نهاية المطاف إلى دمار محتمل.لهذا السبب، بدأت الفورة الحاصلة في أسواق الأسهم والعقارات تبدو غريبة بالنسبة إلى عدد متزايد من المراقبين. صرح روبرت شيلر الفائز بجائزة نوبل لصحيفة {شبيغل}: {قد يسوء الوضع فعلاً}. حتى إن بعض الخبراء الاقتصاديين مقتنعون بأن المسألة لم تعد تتعلق بالتأكد من حصول الانهيار المقبل بل بتحديد توقيت ذلك الانهيار.بالنسبة إلى السماسرة العاملين في قاعة التداول في بورصة نيويورك، تبقى تلك التوقعات مبالغاً فيها. عمل بيتر توكمان في وول ستريت طوال 30 سنة تقريباً وهو معروف بشعره الذي يشبه تصفيفة أينشتاين وبوضع ست أساور في يده وانتعال حذاء رياضي مهترئ، ما جعله أسطورة فعلية في تلك القاعة. يقول: {لسنا أمام فقاعة جديدة}. ينقر على هاتفه الذكي بضع مرات ويعرض رسماً بيانياً لرصد مؤشر {ستاندرد أند بورز 500} الخاص بأسعار الأسهم في 500 شركة كبرى، وقد ارتفع بنسبة 166% منذ أن وصل إلى أدنى مستوياته في عام 2009. يقول توكمان وهو يشير إلى الرسم البياني التصاعدي: «إنه تقدم ثابت». من وجهة نظره، تأتي أوقات إيجابية دوماً غداة سنوات الأزمة: «تظهر قوائم جديدة للشركات كل يوم. إنه مؤشر إيجابي بالنسبة إلي».إنه أول خميس من شهر نوفمبر، وهو يوم الطرح العام الأولي لأسهم موقع «تويتر». بدا هذا التاجر المضحك مرتاحاً حين حضرت فتاة في التاسعة من عمرها مع الممثل باتريك ستيوارت الذي أدى دور الكابتن جان لوك بيكار في مسلسل Star Trek: The Next Generation للضغط على جرس الافتتاح التقليدي.في الساعة العاشرة إلا ربع من ذلك الصباح، خلال مرحلة التسعير الأولية، ارتفع سعر السهم في تويتر من 26 دولاراً إلى أكثر من 40. وفي الساعة العاشرة إلا ست دقائق، كان موقع تويتر يطرح أسهمه مقابل 42 دولاراً لكل سهم. وفي الساعة العاشرة و49 دقيقة، وصل السعر إلى 45.10$. قال أحد التجار من زملاء توكمان مع نبرة حزن في صوته: {لو اشترينا السهم البارحة مساءً وبِعْناه اليوم، كنا لنكسب عائدات استثمارية بنسبة تفوق السبعين بالمئة}.لم يحصد موقع تويتر أي أموال بعد، ولم يتوصل إلى أي فكرة مقنعة حول طريقة تحقيق ذلك.تحقق أسهم أخرى في مجال التكنولوجيا نتائج ممتازة مثلما كانت تفعل في ذروة {الاقتصاد الجديد}. تضاعف سعر أسهم {أمازون} خلال سنتين، بينما كسبت شركة {تيسلا} لتصنيع السيارات الكهربائية 300% من قيمة السوق خلال الفترة نفسها.يقول مدير صندوق التحوط سبيتزناغل: {إنها مهزلة حقيقية}. يوضح أن السوق ترتكز على ثقة المستثمرين بأن الأسعار ستتابع ارتفاعها مستقبلاً، لكنه يعتبر أن هذه {العملية الذاتية منفصلة بالكامل عن الواقع الاقتصادي}.تهافت على الأسهم الألمانيةبالنسبة إلى اكثيرين، ما يصفه سبيتزناغل له طابع أميركي بامتياز. في عمق الرأسمالية، يشكّل الانهيار بالنسبة إلى الحياة الاقتصادية ما كان يمثله مسدس {كولت} بالنسبة إلى الغرب البري. لكن في ألمانيا، تشغّل الشركات العائلية القائمة منذ قرون مصانع القرميد وقذائف الهاون لصنع أدوات وآلات وأنظمة متطورة تُستعمل لتصنيع منتجات يومية حقيقية وملموسة في بقية مناطق العالم. قد يظن البعض أن الأسعار ستكون متدنية في ظل هذه البيئة المترسخة.تُعتبر شركة Dürr AG التي تصنّع الأدوات الخاصة بالآلات في منطقة سوابيا الألمانية واحدة من تلك الشركات التقليدية. في قطاع الأعمال منذ عام 1895، توفر شركةDürr منتجاتها إلى شركات السيارات، فضلاً عن قطاع المواد الكيماوية والطيران، وهي تصنّع أنظمة تكنولوجية للإنتاج والبيئة، وهو خط إنتاج مزدهر جداً.لكن تضاعفت أسعار الأسهم في شركة Dürr خلال سنة وزادت بأربعة أضعاف خلال السنتين الأخيرتين. اليوم، يكلّف السهم في شركة Dürr 66 يورو، لكن كان يمكن شراؤه بأقل من 4 يورو في عام 2009.هكذا هو الوضع لأن المستثمرين الدوليين يتوقون إلى شراء أوراق مالية كتلك التي تملكها شركة Dürr التي تجسد النموذج الناجح في اقتصاد التصدير الألماني، ولأن شركات مثل Dürr تستفيد من النمو في الاقتصادات الناشئة وتنفذ عملياتها في ألمانيا وليس في إحدى الدول الغارقة في الأزمة ضمن منطقة اليورو.دفع هذا الطلب بمؤشر الأسهم الألماني {مداكس} (MDAX) الخاص بالشركات المتوسطة إلى الارتفاع من 11400 إلى 16300 نقطة خلال سنة. ارتفع المؤشر راهناً بأربعة أضعاف تقريباً عما كان عليه خلال فورة سوق الأوراق المالية في عام 2000، ويتفوق بنسبة كبيرة على مؤشر {داكس} (DAX) نفسه، أي المؤشر الخاص بأكبر ثلاثين شركة في ألمانيا، مع أن الأخير يكسر المقاييس بشكل متلاحق أيضاً.تُعتبر ألمانيا موقعاً جاذباً بالنسبة إلى المستثمرين، في سوق الأسهم والعقارات معاً. ترتفع أسعار المنازل العائلية الفردية والوحدات السكنية في المدن الكبرى مثل ميونخ وهامبورغ وفرانكفورت وكولونيا بوتيرة أسرع من الإيجارات، وهو مؤشر على أن المضاربين بدأوا يشقون طريقهم نحو هذه السوق. يأتي العملاء من ألمانيا وإيطاليا وأوروبا الشرقية وآسيا، ويشترون العقارات الألمانية لأنهم يظنون أن الاستثمار في «ذهب ملموس» يسمح لهم بالاحتماء من مخاطر التضخم.تولد فورة الشراء مناطق توتر محتملة في أنحاء العالم. ارتفعت أسعار العقارات في مدن صينية كبرى بأكثر من 20% خلال سنة فقط، ويشتري الأجانب الأثرياء عقارات فخمة في اسطنبول، وتقدم الحكومة في بريطانيا دعماً إضافياً للاقتصاد عبر توفير برنامج خاص للقروض لكل من يريد شراء المنازل.على مر السنة الماضية، ارتفعت أسعار العقارات في الولايات المتحدة أكثر مما فعلت منذ عام 2006. حتى إن بعض المدن مثل سان فرانسيسكو ولاس فيغاس شهد ارتفاعاً في الأسعار من 24 إلى 27%. تكمن المفارقة في واقع أن الأزمة الأخيرة بدأت في سوق الإسكان الأميركية المضطربة.تجاهل المخاطريسعى بعض الخبراء الاقتصاديين إلى تهدئة المخاوف عبر التأكيد على أن سوق العقارات يجب أن تقطع أشواطاً طويلة قبل أن تبلغ المستويات التي سببت الانهيار السابق وأن الأسعار لا تزال أدنى بنسبة 50% مما كانت عليه في تلك الفترة. لكن من قال إن الانهيار الدراماتيكي يحتّم بلوغ أقصى درجات التضخم التي سجلتها الأزمة الأخيرة؟ ومتى تتحول نزعة النمو الثابتة إلى فورة غير صحية؟يتحدث المؤرخ الاقتصادي ويرنر أبلشوزر عن وجود {نوعين من الفقاعات: الكلاسيكية والمعاصرة}. تمثلت الفقاعة الرئيسة في فئة الأنواع الكلاسيكية بفورة السوق التي سادت في الولايات المتحدة خلال العشرينيات ووصلت إلى نهاية مفاجئة في 24 أكتوبر 1929، أو ما يُعرف بالخميس الأسود. يقول أبلشوزر: {بدءاً من الخدم وصولاً إلى سائقي الأجرة، شعر الناس بالنشوة أمام فكرة بدء عصر من الازدهار اللامتناهي. فاشتروا ثلاجات وسيارات وأسهماً عبر استعمال القروض}.بعد يوم الخميس الأسود، حل الاثنين الأسود والثلاثاء الأسود. خلال بضعة أيام، خسر مؤشر {داو جونز} ثلث قيمته.في أواخر التسعينيات، ومع انطلاق عصر الإنترنت، ظن المستثمرون مجدداً أن القوانين الاقتصادية الجديدة ستُطبَّق فعلاً وأن معدلات النمو ستتابع ارتفاعها. فنشأ مصطلح {الاقتصاد الجديد}. مجدداً، بدأ الناس يتاجرون في السوق مع أنهم بالكاد يفهمون معنى الأسهم، حتى إنهم تدافعوا لشراء الأسهم في الشركات مع الاتكال حصراً على احتمال مبهم بكسب الأرباح.انفجرت فقاعة {الاقتصاد الجديد} حين عجزت أولى تلك الشركات عن تحقيق توقعاتها المفرطة وحين ظهرت قضايا احتيال للعلن. إغفال عن العواقبحتى أبلشوزر الذي يُعتبر رجلاً حذراً ويشكك بكل شيء عموماً خسر المال في سوق الأسهم خلال تلك الفترة. ما يُدهش أبلشوزر أكثر من ظاهرة السوق الصاعدة التي تحركها عاملات المزارع وأطباء الأسنان هو النوع الثاني من فقاعة المضاربة، أي تلك التي ترتكز على الوسائل الجديدة في الرياضيات المالية والقناعة الجنونية بالقدرة على تجاوز المخاطر عبر منتجات مالية متطورة.حصل أول انهيار مماثل في عام 1987 نتيجة تكنهات مضلِّلة في المشتقات المالية، ثم تبعه انهيار ثان في عام 2008. هذه المرة كانت البنوك هي المذنبة لأنها قدمت عرضاً مغرياً في الظاهر على قروض الرهن العقاري وباعت كمية كبيرة منها.بدل التخلص من المخاطر الاستثمارية، أدت النماذج الحسابية المعاصرة إلى جعل المستثمرين أكثر استعداداً لأخذ المجازفات، ما دفعهم إلى الإغفال عن عواقب هذه الفورة المفرطة.برزت ظاهرة أخرى أيضاً منذ السبعينيات: سياسة إدارة الديون. بعد الصدمات النفطية والأزمة الاقتصادية التي سببتها، حاولت الحكومات إعادة إطلاق اقتصادها عبر تكثيف حركة الاقتراض والإنفاق. يقول أبلشوزر: {مع ارتفاع كمية الأموال التي تم ضخها في دورة الاقتصاد، توسّع المجال أمام نشوء فقاعات المضاربة}.اليوم، تشجع البنوك المركزية على وجه التحديد تدفق الرساميل مع معدلات فائدة منخفضة جداً وخطط إنقاذ مالي للبنوك والحكومات.لكن يزداد الوضع خطورة حتى لو لم يؤدِّ ضخ مبالغ طائلة من البنوك المركزية في الاقتصاد إلى زيادة الاستهلاك والاستثمار في الشركات. يتحدث الخبراء الاقتصاديون من أمثال كارل كريستيان فون فايتسكر من «معهد ماكس بلانك لأبحاث السلع الجماعية» في بون، ألمانيا، عن وجود أدلة على اختناق الاستثمار العالمي، وهم يشيرون إلى بناء عدد ضئيل من المصانع وتطوير عدد غير كاف من المنتجات الجديدة. يحصل ذلك بسبب تنامي كمية المدخرات التي تجمعها المجتمعات الغربية المسنّة كضمانة للمستقبل.تفاقم المشكلةلكنّ هذه المقاربة مضلِّلة. يؤدي ارتفاع معدل المدخرات وتراجع حجم الاستثمارات إلى انخفاض معدلات الفائدة. تخضع شركات التأمين وصناديق التقاعد لضغوط هائلة كي تستثمر أرصدة عملائها بطرق مربحة بنسبة معينة على الأقل. لكن يبدو أن تدفق الأموال من البنوك المركزية لا يساهم إلا بتفاقم المشكلة.يدعي المصرفيون في البنوك المركزية أنهم سيتمكنون من استعمال أدوات السياسة النقدية لانتزاع الأموال من الاقتصاد العالمي مجدداً، لكن في الوقت المناسب وبكميات مناسبة. في بعض الأحيان، بدا وكأنهم يحاولون استعمال الأرقام لإخفاء المخاطر.لكن يبقى الخطر المطروح حقيقياً وتتعلق المسألة الأساسية بمعرفة إلى أي حد انحرفت الأسعار المتداولة في الأسواق المالية عن القيم الأساسية.تكمن المشكلة في واقع أن كل خبير يقدم جواباً مختلفاً. يقول ناثان شيتز، الرئيس العالمي للاقتصاد الدولي في مجموعة {سيتي غروب} (مقرها الولايات المتحدة)، إن وضع أسواق السندات شائك بعض الشيء. إن تراجع معدلات الفائدة يجعل الاقتراض أرخص من أي وقت مضى. هذه السنة، اقترضت الشركات الأميركية وحدها المال بوتيرة أسرع من أي وقت سابق، وذلك من خلال إصدار سندات إلى المستثمرين الراغبين في شرائها. إذا قررت البنوك المركزية كبح تدفق الأموال، قد تبرز الحاجة إلى فرض تدابير تصحيحية موجعة.لكن لا يشعر شيتز بقلق مماثل بشأن الأسعار في أسواق الأسهم الأميركية: {يرتفع عدد الشركات التي تُعتبر مربحة للغاية وتنافسية على المستوى الدولي ولديها ميزانيات عمومية قوية}.نقاط توتر محتملةيشعر محلل الأسواق يواكيم غولدبيرغ بالقلق. يقول: {يفضل الناس الاستثمار في أمور لم يختبروا الفشل فيها مثل سوق العقارات في ألمانيا}.يتهافت الألمان بدورهم على الاستثمار في عملة {بيتكوين} الرقمية التي ارتفعت فوق الألف دولار للمرة الأولى في الأسبوع الماضي. في بداية شهر أكتوبر، كانت قيمة وحدة البيتكوين لا تزال تساوي أقل من 200 يورو. لكن يبقى حجم العملة محدوداً بفعل نظام معقد للحلول الحسابية وهو الذي يرفع السعر أيضاً.يوضح غولدبيرغ: {الأشخاص الذين دافعوا عن الاستثمار في الذهب حتى الفترة الأخيرة بدأوا يدعمون عملة البيتكوين الآن}. كاد العالِم السلوكي ينساق وراء هذا الإغراء في الفترة الأخيرة. يقول غولدبيرغ ضاحكاً: {أردت الاستثمار لكني ترددت في أحد الأيام ثم تضاعف السعر في اليوم التالي}.يقول غولدبيرغ إن الانزعاج الذي شعر به بعد حصول ذلك هو الذي يؤدي إلى نشوء فقاعات المضاربة: {عندما يلحظ الناس أن جيرانهم يغتنون من دون بذل أي جهد ويصبح التوتر النفسي الناجم عن خسارة الأرباح أكبر من أن يتحمّلوه، يبدأون بتجاهل المخاطر وينضمون إلى الموجة السائدة}.هل ستندلع الأزمة المقبلة على الإنترنت بسبب انهيار عملة اصطناعية يعتبرها معظم الناس حتى الآن مجرد حيلة ذكية يحلم بها بضعة مهووسين بالإنترنت؟ أم أنها ستبدأ في سوق الفنون التي جذبت المضاربين الذين يعتبرون أنفسهم من هواة الفن؟لا تزال هذه الأسواق المتخصصة على الأرجح أصغر من أن تسبب هزة عالمية. مع ذلك، تكثر نقاط التوتر المحتملة التي يمكن أن تسبب المشاكل.لكن يبدو أن مدير صندوق التحوط سبيتزناغل مقتنع في مطلق الأحوال بأن الانهيار المقبل ليس بعيداً: {لا نعلم أين سيبدأ. لكن لن يكون الوضع جيداً!}.مخاوف بشأن السوق الصاعديتحدث مدير صندوق التحوط سبيتزناغل عن مؤشر بسيط ليبرر مخاوفه من السوق الصاعد: إنه مقياس {توبينز كيو} الذي سُمي تيمناً بالمخترع جيمس توبين الفائز بجائزة نوبل. يشير مقياس {توبينز كيو} إلى مدى ارتفاع قيمة سوق الشركات مقارنةً بمجموع أصولها.لطالما حصل انهيار في مرحلة معينة غداة ارتفاع هذا المعدل في الماضي بحسب سبيتزناغل. ارتفع معدل {توبينز كيو} الآن بمستوى هائل في الولايات المتحدة.في أماكن كثيرة، بات يصعب التحدث عن أرباح الشركات كتبرير لارتفاع أسعار الأسهم بوتيرة متسارعة. لا ينطبق ذلك حصراً على أسهم شركات التكنولوجيا الراقية، بل على الشركات الألمانية الصلبة أيضاً، الصغيرة منها والمتوسطة. على مستوى مؤشر {مداكس} (MDAX) مثلاً، بلغ متوسط أسعار الأسهم مقابل أرباح الشركات أعلى مستوياته على الإطلاق. ستحتاج الشركات إلى 27 سنة تقريباً لكسب ما يدفعه المستثمرون مقابل أسهمها. صحيح أن المحللين يتوقعون تراجع الأرباح، لكن تتابع أسعار الأسهم ارتفاعها.مع ذلك، لا يتوقع محلل الأسواق يواكيم غولدبيرغ تشكّل فقاعة في سوق الأسهم الألمانية. يظن أن ازدهار السوق يصبح خطيراً عندما تَعْلَق أعداد كبيرة من الناس في هذه الفورة.لكن لا مجال لحصول ذلك اليوم. يقول غولدبيرغ الذي كان يعمل في {دويتشه بنك} ويدير الآن شركته الخاصة في فرانكفورت حيث يدرس العوامل التي تؤثر على المستثمرين كي يتخذوا قراراتهم: {إنها على الأرجح من أكثر الأسواق الصاعدة المكروهة التي عرفتُها يوماً}.بحسب غولدبيرغ، لاحظ الناس أن الأسعار ترتفع لكنهم في الوقت نفسه سمعوا الخبراء الاقتصاديين وهم يحذرون من المخاطر، بما في ذلك أزمة اليورو وانقلاب معدلات الفائدة أو كل ما اعتبره الخبراء أكبر تهديد خلال لحظة معينة. لهذا السبب، يعتبر أن عدداً كبيراً من المستثمرين في القطاع الخاص يميل إلى التشكيك بالوضع.