تخاف طبيب الأسنان؟

نشر في 26-11-2013 | 00:01
آخر تحديث 26-11-2013 | 00:01
No Image Caption
قد ترتعد مفاصلك عندما تسمع صوت مثقاب طبيب الأسنان، ويتسارع نبض قلبك. لكن ما يحدث في الدماغ طالما كان لغزاً. {ذي غادرين} عرضت ما توصل إليه الباحثون في هذا الشأن.
يعتقد اليوم علماء في اليابان أنهم اقتربوا من حل هذا اللغز بعدما أجروا مسحاً لأدمغة عدد من الأشخاص خلال استماعهم إلى مثقبات طبيب الأسنان وأدوات الشفط.

تبيّن لدى مَن يخافون زيارة طبيب الأسنان اختلافات ملحوظة في ردّة فعل دماغهم، مقارنة بمن كانوا أكثر استرخاء، وفق تقرير نُشر خلال لقاء جمعية علوم الأعصاب في سان دييغو أخيراً.

يمكن للكشف عن طريقة تفاعل الدماغ مع الأصوات، وخصوصاً في حالة مَن يخشون زيارة طبيب الأسنان، مساعدة العلماء على التوصل إلى طرق مختلفة للحد من توتر أولئك المرضى بتحديد تأثير هذا الخوف في النشاط العصبي، حسبما يوضح هيرويوكي كاريبي من جامعة نيبتون لطب الأسنان في طوكيو.

أخبر كاريبي صحيفة The Guardian: {بصفتي طبيب أسنان أُعالج الأطفال، عاينت الكثير من المرضى منذ عام 1987. ومن تجاربي السريرية، تبيّن لي أن صوت المثقاب قد يولّد القلق في نفس المرضى}. لكن أوضح ألا أحد سبق أن حقق مباشرة في كيفية تأثير المعدات الطبية في عيادة طبيب الأسنان بنشاط دماغ المرضى.

بالتعاون مع علماء نفس، سأل كاريبي 21 امرأة و13 رجلاً تتراوح أعمارهم بين 19 و49 سنة المشاركة في دراسة تحدد مدى خوفهم من زيارة الطبيب. طرحت هذه الدراسة عليهم 20 سؤالاً، مثل {هل تشعر بالتوتر خلال تلقيك العلاج في عيادة طبيب الأسنان؟} و}هل ينتابك القلق عندما تسمع صوت المثقاب؟}. اعتمدت أجوبة المتطوعين على مقياس من واحد إلى خمسة، علماً أن واحد يشير إلى {كلا مطلقاً} وخمسة إلى {كثيراً}.

قسّم كاريبي المتطوعين إلى مجموعات شديدة الخوف وأخرى محدودة المخاوف، وذلك بالاستناد إلى النتائج التي سجلوها بعد الإجابة عن الأسئلة. عمل بعد ذلك إلى فحص أدمغة المشتركين بالتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، خلال استماعهم إلى مجموعة من الأصوات التي تشمل أزيز مثقاب الأسنان وضجيج آلة الشفط.

يذكر كاريبي: {كان كل المشاركين معزولين داخل غرفة التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي خلال استماعهم إلى أصوات الآلات الطبية. فلم نشأ معرفة طرق تفاعلهم البصرية أو الصوتية مع هذه الأصوات. لكننا استطعنا تحديد ردة فعلهم من خلال نشاط دماغهم}.

في المجموعة المحدودة المخاوف لم يشعر المتطوعون بقلق مفرط بشأن زيارة عيادة طبيب الأسنان. فعندما سمعوا أصوات الآلات الطبية، لاحظ العلماء نشاطاً أكبر في منطقتين من الدماغ هما التلفيفين الصدغيين العلويين الأيمن والأيسر، مقارنة بالفترات التي سمعوا فيها أصواتاً عادية. يوضح كاريبي أن هذا يشير إلى أن أصوات الآلات الطبية تزيد النشاط في المناطق السمعية الأساسية في الدماغ.

لكن ردة فعل المتطوعين الذي يخافون كثيراً زيارة طبيب الأسنان كانت مختلفًة. فبدل ارتفاع النشاط في المناطق السمعية من الدماغ، يقول كاريبي إنه لاحظ ردود فعل أكثر حدة في منطقة النواة الذنبية اليسرى، التي تؤدي على الأرجح دوراً في تعلم أصوات آلات طبيب الأسنان وتذكّرها.

يضيف كاريبي: {نعتقد أن من الممكن تطبيق هذه الاكتشافات لتقييم مدى فاعلية علاجات، مثل العلاج السلوكي المعرفي، في حالة المرضى الذين يعانون خوفاً كبيراً من زيارة طبيب الأسنان}.

يعاني نحو 10% من السكان حالة قلق حادة من زيارة طبيب الأسنان. ويعمد كثيرون منهم إلى إرجاء هذه الزيارة إلى أن يُعانوا الألم أو أي حالة طارئة أخرى، مثل الإصابة بخراج. وقد يؤدي هذا السلوك إلى دورة أحداث سلبية مع تنامي خوف المريض لأن العلاجات الطارئة قد تكون أكثر إيلاماً.

يوضح مارتن تيكل، بروفسور متخصص في صحة الأسنان العامة في جامعة ماساتشوستس، أن القلق من زيارة طبيب الأسنان أكثير شيوعاً بين الأولاد الذين يخشى أهلهم هذا الطبيب أيضاً، ومروا سابقاً بتجربة خلع إحدى الأسنان أو الأضراس.

لكن أظهرت دراسة أخيرة أجراها تيكل، أن الألم نادر خلال جراحات الفم والأسنان، واتضح من تقارير أعدّها تيكل عن 451 مريضاً بالغاً زاروا أطباء الأسنان في شمال غرب انكلترا، أن 75% من المرضى لم يشعروا بأي ألم خلال زيارتهم طبيب الأسنان. أما مَن خضعوا لعمليات أكثر صعوبة، مثل اقتلاع سن أو حشو القناة الجذرية، فسجلوا علامات ألم أعلى، ولكن حتى بين هؤلاء، ادعى كثيرون أنهم لم يعانوا الألم.

يذكر تيكل: {كان القلق من زيارة الطبيب أحد أقوى أسباب الشعور بالألم أثناء الخضوع لعلاج يرتبط بالأسنان. فبعد ضبط كل العوامل الأخرى، تبيّن أن احتمال الشعور بالألم يرتفع بمقدار أربعة أضعاف بين المرضى الشديدي التوتر، مقارنة بمن لا يخشون زيارة طبيب الأسنان}.

يتابع تيكل موضحاً: {لا أعتقد أن الجواب الذي تبحث عنه خدمات الصحة العامة يكمن في إخضاع المرضى الخائفين من زيارة طبيب الأسنان لمسح لنشاط الدماغ. فعلينا أولاً أن نحول دون إصابة الأولاد الصغار بتسوس الأسنان كي لا يُضطر الطبيب إلى خلعها، وخصوصاً أن السبب الأكثر شيوعاً لخضوع الأولاد لتخدير عام هو الحاجة إلى اقتلاع أسنانهم المسوسة}.

ويضيف: {يجب أن نكثف الأبحاث التي تتناول كيفية التعاطي بفاعلية مع الأولاد والبالغين القلقين من زيارة طبيب الأسنان وتحسين نوعيتها. وينبغي أن نقدّم توجيهات لأطباء الأسنان تحضهم على اللجوء إلى إجراءات أثبتت الأبحاث فاعليتها}.

يختم تيكل بالقول: {أما في حالة مَن يعانون من خوف مرضي، فعلينا جمع مزيد من الأدلة لتحديد الطرق المثلى للتعاطي مع هؤلاء المرضى من خلال خدمات أكثر تخصصاً واحترافاً، مثل العلاج بالكلام}.

back to top