حاجة المناطق السكنية الجديدة تتجاوز قدرة الدولة على توفير الكهرباء والمواد الإنشائية

• «التجارة»: لم نتلق أي طلب لتأسيس شركتي الخيران والمطلاع المدرجتين في خطة التنمية
• إنجاز 2000 وحدة سكنية يتطلب 50 مليون طن سنوياً من مادة الأسمنت
جاءت القضية الإسكانية أولوية الأولويات على المستوى النيابي، مع وعود حكومية بتسريع عملية طي الأزمة، إلا أن ارتباط هذه الأزمة بعدة جهات حكومية كشف أن هناك عجزاً حقيقياً في احتمالية وضع حلول لها.

وفتحت هذه الأزمة المتشعبة بين وزارات الدولة أبواباً لأزمات أخرى بشأن إمكانية توفير المتطلبات الأساسية لأي مدينة سكنية جديدة، إذ انعكس عجز الدولة عن توفير المستشفيات والمدارس والجامعات والمواد الإنشائية لتلبية الاحتياجات الحالية، بشكل واضح على قدرتها على توفير تلك المتطلبات للمشاريع السكنية المستقبلية.

فبناء مدن لاستيعاب 150 ألف وحدة سكنية يعني بناء كويت جديدة، علماً أن مدينة الكويت والمحافظات الحالية مازالت تعاني نقصاً في بنيتها التحتية ومدارسها ومستشفياتها وغيرها من القواعد العامة التي تقوم عليها أي مدينة سكنية تجذب المواطنين للانتقال إليها.

«الجريدة» تفتح ملفاً متشابكاً في العلاقة بين الأزمة الإسكانية والجهات الحكومية، ومدى إمكانية توفير الدولة للاحتياجات المستقبلية، رغم عجزها أساساً عن توفير المتطلبات الحالية.

رصدت «الجريدة» أرقاما ضخمة تحتاج الى ميزانيات اعوام، لا ميزانية عام واحد، في حال فكرت الكويت بحل المشكلة الإسكانية بصورة جذرية، لا مجرد حل إسعافي.

ومن خلال متابعات «الجريدة» لاعلانات الجهات والوزارات الرسمية فإن مشكلة الاسكان في الكويت لن تحل دون مساعدة القطاع الخاص، سواء من ناحية الروتين اليومي والدورة المستندية المعوقة لكل نشاط او من حيث الاموال التي تحتاج الدولة الى رصدها وضخها في السوق لحل المشكلة الاسكانية.

وتعتبر الكويت بلدا مستوردا للمواد الاولية التي تحتاجها لصناعة حديد التسليح، وهي بحاجة الى نحو مليون طن سنويا من المادة المنتجة من حديد التسليح الجاهزة للاستخدام في اعمال البناء والانشاء.

يذكر ان سعر الطن في الوقت الراهن يصل الى نحو 220 دينارا وهو قابل للانخفاض والارتفاع بشكل طفيف في ظل عدم وجود مشاريع عملاقة على مستوى العالم او المستوى المحلي.

وهذا يعني ان حاجة السوق المحلي من مادة حديد التسليح تقدر بنحو 220 مليون دينار كويتي سنويا، وهذا التقدير يعتمد على ما هو قائم على ارض الواقع والذي يقدر بنحو 2000 وحدة سكنية، وليس 10 آلاف وحدة، كما تخطط الدولة او 105 آلاف وحدة وفق آخر احصاءات مؤسسة الرعاية السكنية لطلبات الاسكان.

ومن جهة اخرى، ذكرت وزارة التجارة والصناعة انها لم تتلق بعد اي طلب لتأسيس شركة المطلاع او شركة الخيران، اللتين نصت خطة التنمية على تأسيسهما للاشراف على بناء الوحدات السكنية الجديدة.

وبعملية حسابية بسيطة نعلم أن الكويت تحتاج الى 5 ملايين طن من الحديد سنويا اذا ارادت انجاز 10 آلاف وحدة سنويا، اي ما قيمته 1.1 مليار دينار (3.85 مليارات دولار).

واذا تابعنا العملية ببساطة نجد ان الخطة الخمسية الواحدة تحتاج من الحكومة رصد ما قيمته 5.5 مليارات دينار (19.25 مليار دولار)، تنجز الدولة خلالها 50 الف وحدة سكنية من اصل 105 آلاف طلب، مع تجاهل الزيادة في اعداد الطلبات المقدرة بنحو 8 آلاف طلب سنويا.

الجدول رقم (1) يبين الطاقة القصوى لمصنع الحديد الوحيد في الكويت وحاجة الكويت الاعتيادية، يضاف الى هذا ان هناك شركات استيراد حديد تسليح تعمل في السوق وكلها غير قادرة على تأمين المادة حسب ما يقدر لها في بيانات الحكومة.

من الجدول رقم (1) يتبين لنا ان مصنع الحديد الوحيد في الكويت لن يستطيع سد حاجة السوق المحلي في حال انطلقت المشاريع الاسكانية، الى جانب شركات الاستيراد لان الحاجة ستكون اكبر من المقدر لها في دفاتر الحكومة وسجلاتها.

معضلة الأسمنت

تعتبر الكويت دولة غير منتجة للأسمنت بمعنى ان المصانع فيها اما تركيبية او تجميعية لمادة الاسمنت المستوردة في الاصل، ويضاف الى هذا الشركات المستوردة للاسمنت المعبأ الجاهز للتوزيع داخل السوق المحلي.

وتقدر حاجة الكويت من مادة الاسمنت بنحو 5 ملايين طن سنويا، فيما يقدر السعر المعتاد للأسمنت كمتوسط حسابي دون التفريق بين أسمنت مقاوم، واسمنت عادي بنحو 21 دينار كويتي (73.5 دولارا) للطن الواحد.

وبناء على هذه فانه يتطلب لانجاز 2000 وحدة سنويا 50 مليون طن سنويا من مادة الاسمنت مع بعض الاشغال الاخرى المرادفة لعمليات الانجاز، اي ان المبلغ الذي سوف يستهلكه تأمين مادة الاسمنت فقط سيصل الى نحو 1.05 مليار دينار (3.675 مليارات دولار) سنويا، اي ان الحاجة ستصل الى نحو 5.25 مليارات دينار كويتي (18.37 مليار دولار) خلال خطة السنوات الخمس لانجاز 50 الف وحدة سكنية فقط، وليس 105 آلاف طلب اسكاني.

الصلبوخ مستورد

تستهلك الكويت سنويا حوالي 4 ملايين متر مكعب من مادة الصلبوخ، بمتوسط سعر للمتر المكعب الواحد يقدر بنحو 9 دنانير قابل للانخفاض والارتفاع بشكل طفيف.

وتغطي هذه الكمية البالغة 4 ملايين متر مكعب حاجة الكويت من هذه المادة لانجاز نحو 2000 وحدة سكنية سنوية مع بعض الاشغال الاخرى المرادفة لها في البنية التحتية اللازمة.

ولو اردنا الوقوف على حقيقة حاجة الكويت من مادة الصلبوخ خلال عام واحد آخذين بعين الاعتبار توجه الجهات المعنية نحو انجاز 10 آلاف وحدة سكنية مع بعض اشغال بنية تحتية لازمة اخرى لسنة واحدة، فإن ذلك يتطلب نحو 20 مليون متر مكعب، اي ان المبلغ الذي يجب رصده سيصل الى نحو 180 مليون ديناؤ.

وعلى افتراض ان الخطة الخمسية ستنجز 50 الف وحدة سكنية فهذا يعني ان المبلغ سيصل الى نحو 900 مليون دينار (3.15 مليارات دولار) خلال خمس سنوات.

الرمل محلي

يقدر حجم الاستهلاك المحلي من مادة الرمل المغسول بجميع انواعه بنحو مليوني متر مكعب سنويا اي ما يعادل 10 ملايين متر مكعب خلال الخطة الخمسية مع الاخذ بالاعتبار ان جميع انواع الرمل المستخدم في الكويت محلي الانتاج.

ويقدر سعر المتر المكعب الواحد من الرمل المغسول بنحو 2.25 دينار كويتي وهذا يشير الى ان المبالغ المستغلة في استهلاك مادة الرمل بشكل سنوي تقدر بنحو 4.5 ملايين دينار (15.75 مليون دولار)، على اعتبار ان نسبة الانجاز تقدر بنحو 2000 وحدة سكينة سنويا مع الاخذ بالحسبان ايضا بعض الاعمال الاخرى للبنية التحتية الضرورية.

ونصل الى ان حاجة الكويت من الرمل خلال عام واحد لانجاز 10 آلاف وحدة سنوية تصل الى نحو 22.5 مليون دينار كويتي (78.75 دولار)، في حين ان الخطة الخمسية لانجاز 50 الف وحدة تتطلب استهلاك ما حجمه 100 مليون متر مكعب من الرمل وما قيمته 225 مليون دينار كويتي (787.5 مليون دولار اميركي).

جدول رقم (2) يبين حاجة الكويت السنوية لاربعة انواع فقط من مواد البناء الرئيسية على اعتبار انجاز 2000 وحدة سكنية سنويا فقط، وهي الحديد والاسمنت والرمل والصلبوخ، بالكمية والسعر:

جدول رقم (3) يبين حاجة الكويت من مواد البناء الاساسية في حال تم انشاء 10 آلاف وحدة سكنية سنويا

جدول رقم (4) يبين حاجة الكويت لمواد البناء لانجاز 50 الف وحدة سكنية مع ثبات الدعم على الكهرباء وتكلفة استجرار مشاريع جديدة

ملاحظة: يجب ان يضاف الى هذه الحسابات الدعم الحكومي المقدم لمواد البناء والذي يصرف من الخزينة العامة دون ادنى عائد يذكر، كما يجب مراعاة ان هذه الارقام تقريبية.

جدول رقم (5) يبين حاجة الكويت من المواد بالتكلفة لانجاز 105 آلاف طلب اسكاني موجودة في ادراج «الرعاية السكنية».

ملاحظة: يجب ان يضاف الى هذه الحسابات الدعم الحكومي المقدم لمواد البناء والذي يصرف من الخزينة العامة دون ادنى عائد يذكر، كما يجب مراعاة ان هذه الارقام تقريبية.

غلاء اليد العاملة

مما تجدر الاشارة اليه ان هناك حملات ابعاد كثيرة للأيدي العاملة، النظامية او السائبة، فضلا عن وجود صعوبات كثيرة اشتكت منها شركات كبيرة في عمليات استقدام اليد العاملة التي تحتاجها لاسباب ابرزها الروتين الحكومي والرشاوى والواسطات وغيرها من العوامل التي تقف حائلا بين تلك الشركات وبين محاولاتها اليائسة لتأمين ما تحتاجه من يد عاملة تقدر هي كفاءتها.

وهنا يصعب علينا الوقوف على ارقام دقيقة لتلك الحاجة الماسة لليد العاملة لان الامر متعلق بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، الى جانب ان تلك الارقام ليست دقيقة بالنظر الى ان الكثير من الشركات تستخدم ملفات وهمية للمتاجرة بالعمالة او ما يسمى بظاهرة المتاجرة بالاقامات.

وساهم شح اليد العاملة في رفع اجور العمالة المتوفرة في السوق المحلي، ونؤكد ان حاجة الكويت الى اليد العاملة الخبيرة كبيرة جدا خصوصا اذا كانت الجهات الرسمية جادة في اطلاق المشاريع التي تتغنى بها بين الحين والآخر.

تناقض

تناقض واضح في تصريحات المسؤولين حول التوجه لانجاز 10 آلاف وحدة سكنية في السنة بينما يرد في خطة التنمية ان شركة مدينة المطلاع وهي احدى شركات التنمية تقرر ان تنجز 21 ألف وحدة سكنية خلال عامي 2013 – 2014، اضافة الى شركة مدينة الخيران التي تقرر، وفق خطة التنمية ان تنجز وحدها 35137 وحدة سكنية في ذات التاريخ، وهذا يدفعنا الى القول ان محصلة المجموع للوحدات السكنية التي تقرر ان تنجزها الشركتان (المطلاع والخيران) خلال عامي 2013 – 2014 تبلغ 56137 وحدة فقط، اي بمعدل وسطي 28.068 الف وحدة سكنية في العام.

ونعود للتذكير ان تصريحات المسؤولين كثيرة حول التوجه لانجاز 10 آلاف وحدة في العام، وهذا يناقض ما جاء في الخطة  التنموية ذاتها.

وقد اوردنا في جدول سابق ان حاجة الكويت من مادة الحديد وحدها لانجاز 10 آلاف وحدة سكنية في العام تصل الى نحو 5 ملايين طن سنويا اضافة الى الاشغال الاخرى من بنية تحتية وسواها.

وعلى اعتبار ان خطة التنمية هي الصحيحة رغم مخالفتها لتصريحات المسؤولين او مخالفة بعض المسؤولين لها نقول ان الكويت تحتاج من مادة حديد التسليح وحده لانجاز الـ28.068 وحدة سكنية في عام 2013 الذي قاربنا على توديعه الى نحو 14.034 مليون طن حديد بتكلفة اجمالي تصل الى 3.1 مليارات دينار كويتي، ونشير هنا الى ان الطاقة القصوى لمصنع الحديد لا تتجاوز الـ1.2 مليون طن سنويا، مما يعني ان هناك عجزا ماثلا امامنا او معضلة في توفير مادة الحديد فقط فضلا عن بقية مواد البناء كالصلبوخ والاسمنت والرمل خلال هذه الفترة الوجيزة.

ولا ننسى ايضا ان هناك تكلفة اخرى لتوفير مادة الرمل والاسمنت والصلبوخ والتي يبينها الجدول التالي رقم  (6).

ونذكر هنا ان التكلفة تشمل اربعة مواد فقط، وهناك مواد اخرى تضاف تكلفتها الى اجمالي تكلفة انجاز المشاريع الاسكانية من بينها مواد البي في سي والطابوق والملدنات والبولي بروبلين وبولي اثلين، وغيرها من مواد التمديدات الصحية والكهربائية فضلا عن مستلزمات الماء وحاجة اعمال البناء اليه.

الكويت تحتاج إلى ضعف إنتاج الكهرباء والماء لتنفيذ خطتها الإسكانية

10 مليارات دينار لتوفير 15 ألف ميغاوات و200 مليون غالون يومياً

تسعى المؤسسة العامة للرعاية السكنية الى معالجة المشكلات الاسكانية من خلال ايجاد 150 الف وحدة سكنية، موزعة على ثلاث مدن منفصلة، لكن هذه العملية تحتاج الى طاقة كهربائية جديدة تبلغ نحو 15 الف ميغاوات وطاقة مائية تبلغ نحو 200 مليون غالون امبراطوري يوميا، بتكلفة اجمالية تبلغ نحو 10 مليارات دينار للكهرباء والماء فقط، اي ضعف ما هو منتج حاليا من كهرباء وماء لتغطية الاحتياجات الحالية.

احتياجات كهربائية

لدى وزارة الكهرباء والماء حاليا طاقة انتاجية تصل الى 14 الف ميغاوات في حال شغلت جميع وحداتها الكهربائية بمختلف المحطات، و560 مليون غالون امبراطوري في حال شغلت جميع المقطرات المائية، وهذا يكفي لتغطية الاحتياجات القائمة في البلاد في الوقت الراهن فقط، أما على صعيد خطط الدولة التنموية في التوسع العمراني فالامر يختلف تماما، فهي تحتاج لضعف هذا الانتاج، كما تحتاج الى سنوات طويلة لتنفيذ تلك الخطط.

وفي ما يتعلق بالشأن الكهربائي في خطط الاسكان، فان وزارة الكهرباء والماء تنفذ حاليا جزءا من تلك المطالب، حيث سيبدأ إدخال المرحلة الأولى من محطة الزور الشمالية حيز التنفيذ مطلع عام 2015، بطاقة انتاجية تبلغ 4200 ميغاوات، وتكلفة اجمالية تبلغ 1.8 مليار دينار، وستنفذ على ثلاث مراحل، في المرحلتين الاوليتين سيكون الانتاج 1500 ميغاوات، وفي الثالثة 1200 ميغاوات، كما تنتج 200 مليون غالون امبراطوري، ولا يقف الامر عند تلك المحطة، حيث تحتاج كذلك الى انشاء ثلاث محطات اخرى بطاقة 3600 ميغاوات لكل محطة لتغطية تلك الاحتياجات.

محطتان جديدتان

ووضعت الوزارة ضمن خطتها التنموية التي قدمتها الى اللجنة العليا للتخطيط في الدولة انشاء محطتين جديدتين بنفس طاقة محطة الزور الشمالية وهما محطة الخيران ومحطة الشعيبة الشمالية للتوربينات الغازية، مما يدعم جزءا كبيرا من المخطط الذي تسعى الدولة الى تنفيذه من مشاريع اسكانية.

وبالنسبة للمياه، فحاجة تلك المشاريع نحو 200 مليون غالون امبراطوري يوميا لتغطية احتياج 150 الف وحدة سكنية، بما لا يقل عن 400 متر مربع كمساحة لكل وحدة سكنية، وهذا المشروع يأتي ضمنا مع مشاريع محطات الكهرباء في الوقت والتكلفة.

ومن جهته، يقول وكيل وزارة الكهرباء والماء المساعد لقطاع مشاريع المياه المهندس حمود الروضان لـ»الجريدة» ان الوزارة لديها خطة خاصة لكل مشروع، فاحتياجات مئة بيت ليست كاحتياجات الالف، وكذلك احتياجات الـ150 الف وحدة سكنية، لافتا الى انه في حال ارادت المؤسسة السكنية اقامة اي مشروع، فسيكون هناك تنسيق مشترك بين الجهات الحكومية ومن ضمنها وزارة الكهرباء والماء، لاحتوائها على قطاعين مهمين (كهرباء وماء)، ويكون تقديم طلبات تلك الجهة من خلال التنسيق المسبق ووضع طلباتها ومن ثم نقدم لها الفترة التي نحتاج اليها لاجراء دراساتنا في توفير تلك الطاقة.

واضاف ان الدراسات تحتاج الى بعض الوقت من منطقة الى اخرى، لاختلاف الاراضي، اذ ان منها ما يحتاج الى معالجة واخرى جيدة وغيرها من الاحتلافات الارضية، مبينا ان الوزارة لم تغفل عن الجانب الترشيدي للاستهلاك، وذلك من خلال وضع انظمة حديثة في المباني الجديدة لتقنين الاستهلاك والحفاظ على الطاقة.

مستشفى جابر الأحمد... 10 سنوات لإنجازه!

الحديث عن الأزمة الإسكانية ومتطلباتها له جوانب عديدة وارتباطات مع جهات حكومية متعددة، ومنها العلاقة مع وزارة الصحة التي يناط بها توفير الرعاية الطبية في المدن السكنية المزمع إنشاؤها، فضلا عن أن مشروعات "الصحة" لا تتم إلا ببطء شديد، فعلى سبيل المثال يتطلب مستشفى جابر 8 سنوات لإنشاء مبانيه، إضافة إلى سنة أو سنتين إضافيتين حتى يكون جاهزا لاستقبال المرضى.

وبحسب المعلومات فإن الوزارة خاطبت الجهات الرسمية لتوفير مستشفى بسعة 1000 سرير في كل مدينة جديدة، وإنشاء مراكز صحية في المناطق بحسب عدد سكان المدينة أو المنطقة الجديدة، وخاطبت الوزارة الجهات الرسمية لتتضمن مدينتا الخيران والمطلاع في مخططهما الهيكلي وجود تلك المباني الطبية.

إلا أن واقع المخططات يختلف عن واقع الحال، فطموحات "الصحة" في بناء المستشفيات والمراكز الصحية للمدن السكنية المستقبلية يصطدم مع ما نشهده اليوم من تأخر في تنفيذ المشاريع للمناطق السكنية الحالية، ونقص كبير في عدد الأسرة المطلوب توفيرها لخدمة المحافظات القائمة، فأمام عجز "الصحة" عن استكمال متطلبات الوضع الحالي، يبرز سؤال عن قدرتها مع الجهات الحكومية الأخرى على تنفيذ ما تتطلبه المدن الاسكانية المزمع انشاؤها.

فعلي سبيل المثال، فإن مستشفى جابر الأحمد لم ير النور الى اليوم، وبحسب ما يذكره الموقع الالكتروني للمستشفى من معلومات عن المشروع فإن بداية تصميم كان في عام 2005، وتم توقيع العقد عام 2009 على أن يسلم المشروع كمبانٍ في ديسمبر من عام 2013، أي أن تنفيذ مستشفى جابر - باعتبار أن التنفيذ جاء متوافقا مع موعد التسليم - كان تطلب 8 سنوات لإنشاء مستشفى بطاقة 1150 سرير! علما أن التسليم لا يشمل استكمال المعدات الطبية المطلوبة، أي أنه قد يحتاج الى سنة أو سنتين إضافيتين حتى يكون المستشفى جاهزا لاستقبال المواطنين والمقيمين.

وواقع الحال يقول إن المستشفى - المفترض تسليمه نهاية العام الجاري - لن يسلم في موعده كما يتبين من الإنجاز الفعلي لمنشآته، وهو ما يؤكده وزير الأشغال العامة وزير الكهرباء والماء عبدالعزيز الابراهيم في تصريح له مؤخرا، أن المستشفى يتوقع تسليمه منتصف عام 2015.

وليس بعيدا عن مستشفى "جابر" حال بقية المستشفيات الأربعة الجديدة (الولادة، الرازي، ابن سينا والأطفال) التي صدرت توصية بإلغاء مناقصاتها مؤخرا بسبب تباين الأسعار بين الفائزين في المناقصات، علما أن تلك المستشفيات المطلوب تنفيذها تهدف الى توفير ما يقارب 2000 سرير جديد لسد العجز القائم في القطاع الصحي.

وهذا الواقع لا يبشر بقدرة الدولة بأجهزتها التنفيذية على بناء مستشفيات جديدة للمدن السكنية الموعود بها ضمن خطة مؤسسة الرعاية السكنية.

«التربية» تحتاج إلى 178 مدرسة أخرى للمناطق القائمة

تعمل جهات الدولة على إعداد خططها لتنفيذ مشاريع الخطة التنموية وتطوير الواقع المعيشي للمواطن، إلا أن هذه الخطط بحاجة إلى جهود صادقة وعمل حثيث، كي ترى النور وتتحقق على أرض الواقع، من خلال إعداد دراسات وبحوث واستبيانات وغيرها من الإجراءات الادارية التي تسبق أي مشروع تنموي.

وتقع وزارة التربية ضمن الجهات التي يوكل إليها توفير المؤسسات التعليمية وتقديم الرعاية التربوية للنشء للوصول إلى توفير حاجة سوق العمل من الخريجين بما يتماشى ورؤية الدولة المستقبلية، غير أن «التربية» ظلت، على مدى سنوات، تعمل بأداء متواضع في مجال مشاريع بناء المدارس، ووضع الخطط لمعرفة الاحتياجات الفعلية من المنشآت التربوية.

ورغم الحديث عن خطط الوزارة المستقبلية الواجب وضعها لتحديد احتياجات البلاد من المدارس بمختلف المراحل الدراسية في المدن الإسكانية الجديدة المزمع إنشاؤها، فلا تزال «التربية» تعمل في مرحلة وضع الخطط للمدارس المستقبلية للمدن الإسكانية القائمة حالياً، دون أن تصل بعد إلى مرحلة التخطيط للمدن الجديدة.

ومع الإحصائيات والدراسات التي تتحدث عنها الوزارة لبناء المدارس الجديدة، يُطرَح تساؤل مهم: هل تستطيع «التربية» تنفيذ هذا الكم الهائل من المدارس في ظل أدائها المتواضع خلال السنوات الثلاث الماضية في ما يخص مشاريع المدارس الجديدة، إذ انخفض عددها إلى رقم متواضع جداً، ولم يتم افتتاح سوى 6 مدارس على مستوى المناطق التعليمية الست في العام الدارسي الحالي، منها روضة ومدرسة متوسطة في قرطبة تم هدمها وإعادة بنائها، لتقتصر المدارس الجديدة على 4 فقط في منطقة جابر الأحمد، وهي من تنفيذ المؤسسة العامة للرعاية السكنية، وليس للتربية أي دور فيها.

إدارة التخطيط والمعلومات في وزارة التربية انتهت من إعداد دراسة شاملة لمشاريع بناء المدارس في المناطق السكنية الحالية والمستقبلية للسنوات العشر المقبلة، تشير فيها إلى حاجة الوزارة إلى بناء 178 مدرسة ما بين مشاريع بناء جديدة ومشاريع هدم وإعادة بناء.

وتوضح الدراسة أن مشاريع بناء المدارس التي تحتاجها منطقة الأحمدي التعليمية هي 19 مشروعا، في حين تحتاج منطقة الجهراء إلى 18 مدرسة، كما تحتاج «حولي التعليمية» إلى بناء 40 مدرسة خلال السنوات العشر المقبلة، 15 منها لم يتم حجز مواقعها بعد، و5 عبارة عن مشاريع هدم وإعادة بناء، مبينة أن نصيب العاصمة التعليمية يبلغ 50 مشروعا لبناء مدارس، منها 7 محجوز مواقعها، و11 مدرجة في خطة التنمية، إضافة إلى 15 أخرى ضمن مشاريع الهدم وإعادة البناء.

وتظهر الدراسة أن منطقة الفروانية ستحتاج إلى بناء 22 مدرسة، في حين ستحتاج «مبارك الكبير» إلى 29، حيث سيشكل مجموع المدارس التي ستحتاج الوزارة إلى بنائها خلال العشر سنوات المقبلة 178 مدرسة موزعة على المناطق التعليمية الست.

4.5 مليارات دينار تكلفة مشروع الخيران و3 مليارات لمشروع المطلاع

نصت خطة التنمية على ضرورة تأسيس شركات تسمى بشركات التنمية في خطة 2013 – 2014 ومن بينها شركتا مدينة الخيران، والمطلاع.

وقد حددت تكلفة مشروع الخيران بنحو 4.5 مليارات دينار كويتي، وستكون الجهة المستفيدة المؤسسة العامة للرعاية السكنية، بينما حددت تكلفة مشروع المطلاع بنحو 3 مليارات دينار للجهة المستفيدة نفسها.

وبينت خطة التنمية ان ما يتوقع انجازه في عامي 2013 و2014 من مشروع الخيران وضع الاسس والضوابط والشروط المرجعية ودعوة المستشارين العالميين وتعيين المستشار العالمي والانتهاء من دراسة الجدوى الاقتصادية ووضع شروط المرجعية للمشروع.

واوضحت ان من المتوقع دعوة القطاع الخاص للمشاركة والانتهاء من تأهيل شركات القطاع الخاص المؤهلة واتخاذ اجراءات تأسيس الشركة وتقييم العروض المقدمة من القطاع الخاص، واشارت الى ان هذا ينطبق ايضا على مشروع المطلاع.

واشارت الخطة الى ان الهدف من تأسيس شركة الخيران البالغة تكلفة مشروعها 4.5 مليارات دينار انجاز 35.137 وحدة سكنية، وانشاء مجمع جديد يضم المكونات الاساسية للحياة وتكوين عوائد مالية من استثمار المساحات التجارية والاستثمارية علاوة على العوائد الايجارية للبيوت للشركة المساهمة.

وقالت ان الهدف من تأسيس شركة المطلاع البالغ رأسمالها 3 مليارات دينار، وانجاز 21 الف وحدة سكنية بذات الاهداف.

غير ان اللافت للنظر ان الوكيل المساعد لشؤون الشركات في وزارة التجارة داود السابج اكد لـ«الجريدة» انه لم يصله بعد اي طلب لتأسيس شركة المطلاع او شركة الخيران، وقد شارف عام 2013 على الانتهاء، وهو العام الذي يتوقع فيه انجاز بعض اجراءات المشروع.

وقال السابج في تصريحه لـ»الجريدة» ان اربع سنوات مضت على القضية والوزارة لم تتلق اي شيء من هذا القبيل مؤكدا ان مسؤولية ارسال طلبات التأسيس الى «التجارة» التي تقوم بدراسة الطلبات والبت فيها، تقع على عاتق الجهة المؤسسة.

ولفت الى ان هناك شركة اسمها شركة المساكن منخفضة التكاليف منذ اربع سنوات، واليوم علمنا ان مشروعها طرح للمزاد وبعد هذا تأتي ترسية المشروع، وبعد ذلك اعلان اسم الشركة الفائزة، التي تتقدم بطلب التأسيس، ثم بعد ذلك يأتي دور وزارة التجارة في اشهارها وفقا للاجراءات الرسمية ولكن لم يأتينا الطلب حتى ندرسه ثم نشهر الشركة.

الدورة المستندية لتأسيس شركتي المطلاع والخيران

• وضع الاسس والضوابط والشروط المرجعية ودعوة المستشارين العالميين (6 اشهر).

• تعيين المستشار العالمي (4 اشهر).

• الانتهاء من دراسات الجدوى ووضع الشروط المرجعية للمشروع (6 اشهر).

• دعوة القطاع الخاص للمشاركة في المشروع (6 اشهر).

• الانتهاء من تأهيل شركات القطاع الخاص (8 اشهر).

• طرح المشروع على شركات القطاع الخاص المؤهلة (6 اشهر).

• اتخاذ اجراءات تأسيس الشركة (6 اشهر).

back to top