الشاعرة منى حسن محمد: المرأة السودانية حكاءة وشاعرة قديرة

نشر في 27-01-2013 | 00:02
آخر تحديث 27-01-2013 | 00:02
No Image Caption
تجلت موهبتها مبكراً بين ربوع السودان، وطافت أرجاء الدول العربية حاملة قصائدها إينما حلت. وكان حضورها الطاغي في مسابقة «أمير الشعراء» التي تنظمها «هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث» في الإمارات باباً نحو الشهرة الأدبية، فاستضافها الكثير من عواصم الثقافة العربية في أمسيات أدبية. حوار مع الشاعرة السودانية منى حسن محمد التي التقتها «الجريدة» في القاهرة.
أخبرينا عن الروافد والتجارب التي شكلت وعي الإبداع فيك وأصقلت موهبتك.

الروافد عدة، وأهمها اطلاعي على كتب مهمة جداً في تراثنا العربي والإسلامي، ومن بينها السيرة النبوية لابن هشام، والجواب الكافي، رجال حول الرسول، حياة الصحابة، المستطرف في كل فن مستظرف، ديوان المتنبي، والكثير مما ذخرت به مكتبة والدي رحمه الله من كتب ودواوين شعرية، حيث كنت دوناً عن بقية الأطفال أمضي معظم وقتي في القراءة والرسم، وأجد في القراءة متعة لا تُوصف، واستمر الأمر، وصولاً إلى روافد الشعر العربي المعاصر مثل محمد المكي إبراهيم، السَّياب...

بمن تأثرتِ في كتاباتك الشعرية؟

لا بد من أني تأثرت بتجارب شعرية كثيرة، بدءاً بالمتنبي، وانتهاء بزملائي من الشعراء، لكن بطريقتي الخاصة. فأنا أتذوق الجميل من الشعر على اختلاف مشاربه ومدارسه، وضد أن يتأثر الشاعر بتجربة شعرية معينة لشاعر معين ليكون نسخة مقلدة منه. أنا مع أن يطلع الشاعر على تجارب الآخرين لأنها ستوسع أفقه المعرفي، والشعري، لكن عليه أن يجد صوته الخاص به، والذي يمثله هو فحسب.

في تصريحات سابقة ذكرت أن قصيدة النثر مجرد خواطر شخصية لا ترقى إلى مستوى القصيدة العمودية، كيف ذلك؟

لا أعمم الوصف على قصيدة النثر بأنها مجرد خواطر. النثر فن جميل في حد ذاته، أما قصيدة النثر فمنزلق تجريبي خطير على الشاعر- الكاتب ألا يخوضه جُزافاً. وقصيدة النثر ليست سهلة أبداً، لكن للأسف يستسهلها كثر من باب أنها كلام بلا وزن أو قافية، فتأتي خواطر إنشائية لا تمت إلى الشعر بصلة، مما أساء إليها، ودفع بكثير من الشعراء إلى رفض نسبتها إلى الشعر، وأنا كنت من بينهم، بينما يُبدع البعض في كتابتها بمستوى عالي الشاعرية والتكثيف، يجعلنا نُغير قناعاتنا تماما حين نُفيق من لحظة الدهشة بعد سماعنا أو قراءتنا لنص لا نقبل له مسمياً سوى الشعر. ورغم أن البعض يقول إنه لم يطرأ تغير على القصيدة العمودية بعد التغير الذي أحدثه بدر شاكر السياب ونازك الملائكة عليها فإن حركات تجديدية كثيرة حدثت وتحدث في الوطن العربي تهتم بتحديث القصيدة العمودية داخل قالبها العمودي، وما قام به السياب والملائكة هو ابتكار وتجريب كتابة التفعيلة، وهي تجربة رائعة في نظري وخدمت الشعر كثيراً. أما العمود فيظل ميزان الشعراء الذي لا يخبو بريقه، ويثبت في كل عصر أنه قادرٌ على المواكبة والتجديد.

ماذا عن النقد؟

مع النقد البناء، حتى ولو كان ضد ما أكتب، وأنا كشاعرة استفدت كثيراً من النقد الذي كان يتفضل به بعض الأساتذة الشعراء والنقاد على نصوصي، سواء كان لغوياً أو فنياً، والشاعر الذي يرى نفسه فوق النقد فقد صعد إلى قمة الهاوية.

ماذا تعني الحرية للمرأة الشاعرة في الوطن العربي؟

أؤمن بأن للحرية سقفاً، ليس من الضرورة أن يكون مفروضاً علينا، لكن نحن من نفرضه على أنفسنا انطلاقاً من الوازع الداخلي. أما بالنسبة إلي، فأرى أن الحرية في كتابة ما أريد دون أن أسيء إلى ثوابتي أو معتقداتي، فنعم للحرية الأدبية حين تحترم فيها نفسك والآخرين، ولا تقترف الإثارة المرتبطة بمس المقدسات أو الذات الإلهية باسم المجاز. كذلك أؤمن بأن حرية الكاتب في نقد ما يراه يستحق النقد حرية يجب أن يكفلها له المجتمع، ومن بينها الحريات السياسية والفكرية.

كيف ترين وضع المرأة الشاعرة في السودان؟

أرى أن الشاعرة السودانية ناجحة وبجدارة من قديم الزمان، فالمرأة السودانية حكاءة بطبيعتها وقدمت دوراً مهماً في المجتمع السوداني، وفي العصر الحالي ومع تقدم أدوات التواصل الاجتماعي من إنترنت وغيرها، لمعت أسماء نسائية سودانية في خارطة الشعر العربي، وأثبتت حضورها في المشهد الأدبي.

ما هي أهم المشكلات التي تواجة الثقافة العربية والأديب العربي في رأيك؟

من أهم المشاكل التي تعيشها الثقافة العربية تبعيتها للمؤسسة، وهذا بدوره ينتج مثقفاً مؤدلجاً لا يملك حرية التفكير خارج الإطار المحدد له، كذلك يُهدد النشر المجاني الثقافة والأدب العربي بصورة كبيرة، حيث يكثر الغثاء إلى أن نصل إلى درجة نسمع فيها وبوضوح رفض دور النشر مثلاً طباعة الشعر لأن تسويقه ليس جيداً، ذلك بسبب انتشار الكثير من المتشاعرين وأشباه الكُتاب في الساحة الثقافية، ما يزيد معاناة الأديب العربي أيضاً. كذلك يعيش الأديب العربي عموماً حالة تهميش من المؤسسات الثقافية، ويعاني بعضهم اجتماعياً من الفقر وشظف العيش، من دون أن يلقى رعاية أو اهتماماً من بلده، سواء في طباعة أعماله أو نشرها، وهذه الحالة عموماً بدأت في السير نحو الأفضل، ذلك بعد الاهتمام الملحوظ الذي بدأ يحذوه بعض الدول تجاه الأدب والأدباء.

إلى أي حد حقق الأدب العربي وجوده عالمياً؟

سيحقق الأدب العربي وجوده عالميًا في حال وجد اهتماما وتُرجم إلى اللغات الأخرى كي يثبت حضوره في الساحة العالمية، فالأدب العربي المترجم قليل جداً قياساً إلى الأدب الغربي المترجم إلى العربية ومع هذا استطاع الكثير من الكتاب العرب الصعود بأدبهم إلى العالمية، ووجدوا اهتماماً ساهم في نشر أعمالهم خارج حدود الوطن العربي.

ما هو جديدك في الفترة المقبلة؟

أستعد لإصدار ديوان جديد بعنوان «لا أشتهي وطناً سواك».

back to top