العواصم الأوروبية أمام كارثة اقتصادية محتملة

نشر في 02-03-2013
آخر تحديث 02-03-2013 | 00:01
 بلومبرغ • نشرت اللجنة الأوروبية تصوراتها الشتوية المستقبلية يوم الجمعة الماضي والتي تشير الى مزيد من الانكماش الاقتصادي وتردي ديناميكية الديون هذه السنة وتحقيق التعافي والاستقرار المالي في سنة 2014 – وربما بعد ذلك – ولكن هل يتحقق ذلك؟

لنبدأ بالأرقام الرسمية مع التركيز على خمس مواد:

بعد الانكماش الفعلي بنسبة 0.6 في المئة في سنة 2012 يتوقع أن يتراجع الناتج المحلي الاجمالي في منطقة اليورو التي تضم 17 عضواً بنسبة 0.3 في المئة أيضاً خلال 2013. وبناء على ذلك وعلى الرغم من التنبؤ بوضع ميزانية أفضل فإن أعباء الديون سوف تحافظ على مسارها التصاعدي لترتفع نقطتين مئويتين اخريين من الناتج المحلي الاجمالي. وفي غضون ذلك سوف يزداد وضع البطالة المقلق سوءاً مع زيادة المعدلات الاجمالية من 11.4 في المئة الى 12.2 في المئة.

هذه التصورات المخيبة للآمال لا تقتصر على دول المحيط المكافحة ويتوقع أن تتوسع أكبر الدول الواقعة في قلب منطقة اليورو بصورة هامشية (ألمانيا عند 0.5 في المئة) أو أن تتعرض لركود كما هي الحال مع فرنسا. وفي ضوء ذلك سوف ترتفع معدلات البطالة.

وايطاليا واسبانيا – وتتصفان بحق من قبل الكثيرين على ان لهما دورا مركزيا في استقرار منطقة اليورو – سوف تتعرضان لانكماش بمعدل 1.0 في المئة و1.4 في المئة على التوالي. وسوف يرفع هذا معدل البطالة الى 11.6 في المئة في ايطاليا والى 26.9 في المئة في اسبانيا.

وأخيراً، تتوقع اللجنة الأوروبية درجة ملحوظة من التعافي في سنة 2014 على الرغم من أن ذلك لا يشمل تغيرات محتملة في السياسة المالية. وبشكل محدد فإن كل دولة في منطقة اليورو «ماعدا قبرص» يتوقع لها أن تنمو بنسبة 1.4 في المئة، وهو جانب مشجع ولكنه ليس كافياً لتغيير صورة البطالة بشكل دراماتيكي.

واذا كان لنا أن نصدق هذه التصورات المستقبلية فإنها تشير الى قدر أكبر من الهشاشة الاجتماعية – السياسية في سنة 2013، وبشكل محدد في استمرار موجة الاستياء الشعبي التي تجتاح أوروبا. وسوف تتواصل مسيرات الاحتجاج في الشوارع وخاصة في الدول الواقعة في المحيط، كما سوف تتعرض البنية السياسية التقليدية لضغوط أكبر من دون ظهور أي بديل راسخ في وقت قريب.

وكلما طال استمرار مثل هذا التوعك ازدادت التحديات التي تواجه البنك المركزي الأوروبي في سعيه – الناجح حتى الآن – للحفاظ على الاستقرار المالي مما يعزز النظرة القائلة ان في وسع البنك المركزي الأوروبي توفير جسر نحو وجهة أفضل غير أنه غير قادر بمفرده على تحقيق ذلك.

ويتعين أن يطلق هذا كله أجراس الخطر عالياً في العواصم الوطنية وفي مقر اللجنة الأوروبية في بروكسل وفي مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت.

وتدعو الحاجة الآن الى تجديد الجهود من أجل تحقيق تقدم ازاء المبادرات الاقليمية الرئيسية – بما في ذلك تعزيز الاتحاد النقدي عبر اتحاد مالي ومصرفي أوسع وتكامل سياسي أوثق – وضمان خليط أفضل من السياسة الاقتصادية – الهيكلية الواسعة في العديد من الدول الأفراد.

وقد تعاظمت هذه الدعوة الملحة للعمل نتيجة ما نعتبره تفاؤلا مفرطا في تصورات اللجنة الأوروبية. وعلى سبيل المثال فإن تصورات «بيمكو» تشير الى احتمال انكماش منطقة اليورو بنسبة تراوح بين 1 في المئة و1.5 في المئة هذه السنة وليس كما توقعت اللجنة الأوروبية عند 0.6 في المئة.

ومن المهم أن يستفيد رجال السياسة من الجسر الحالي من البنك المركزي الأوروبي لتوفير قدر أكبر من الأمل للمواطنين ازاء تحول بارز. وفي غياب ذلك فإن تحديات السياسة سوف تتفاقم وسوف تواجه منطقة اليورو سلسلة من الاضطرابات الاقتصادية والمالية والسياسية والاجتماعية.

وسوف يتحقق ما يوصف بوضع كارثي اذا انتظر السياسيون الأوروبيون حدوث أزمة أعمق من أجل الاستفادة من الفرصة القيمة التي يوفرها لهم البنك المركزي الأوروبي.

* * محمد العريان | Mohamed El–Erian ، هو رئيس مجلس التنمية العالمية في الولايات المتحدة، وعضو المجلس الاستشاري لبنك الكويت الوطني.

back to top