هل يمكننا التفاؤل بشأن العلاقات الهندية-الباكستانية؟

نشر في 16-08-2013
آخر تحديث 16-08-2013 | 00:01
كان من الممكن أن تمهد صفقة اتفاق 1999 بين الهند وباكستان، التي أطلق عليها «إعلان لاهور»، الطريق أمام تحقيق تقدم كبير في نقطة الخلاف الرئيسة: أراضي كشمير المتنازع عليها، لكن الجيش الباكستاني أشعل صراعاً بشنه غارة على أراض هندية، وعمد بعدها إلى الإطاحة بشريف من منصبه كرئيس للوزراء.
 سي أن أن أعطت جهود واشنطن لإحلال السلام في الشرق الأوسط هذا الصراع القديم أهمية كبرى وزادت التوقعات بشأنه مرة أخرى. ولكن ثمة خلاف قديم آخر على بعد آلاف الكيلومترات لا يحظى باهتمام كافٍ. وللمرة الأولى منذ سنوات، ثمة أسباب تدفعنا إلى التفاؤل حول إمكان حله: لا بد من أنكم أدركتم أننا نتحدث عن الهند وباكستان.

نعم، خاضت هاتان الدولتان ثلاث حروب كبيرة، كما أنهما عالقتان اليوم في سباق تسلح نووي؛ كذلك وقعت بينهما صدامات كثيرة بسبب مناطق متنازع عليها في إقليم جامو كشمير، وشهدنا أحدثها قبل أيام، حين لقي خمسة جنود هنود مصرعهم في كمين نُصب لهم.

ولكن إذا ابتعدنا قليلاً عن كشمير وتأملنا الجو السياسي العام في المنطقة (الهند وباكستان حتى أفغانستان)، نلاحظ أن ثمة أسباباً تدفعنا إلى التفاؤل إنما بحذر.

قد تبدل الحكومة الباكستانية الجديدة كل مجريات اللعبة، فقد عاد نواز شريف إلى رئاسة الوزراء، وفي المرة السابقة التي تبوأ فيها هذا المنصب عام 1999، عقد شريف اتفاق سلام مع نيودلهي. وكان من الممكن أن تمهد هذه الصفقة، التي أطلق عليها "إعلان لاهور"، الطريق أمام تحقيق تقدم كبير في نقطة الخلاف الرئيسة: أراضي كشمير المتنازع عليها. ولكن بدلاً من ذلك، أشعل الجيش الباكستاني صراعاً بشنه غارة على الأراضي الهندية، وعمد بعد ذلك إلى الإطاحة بشريف من منصبه كرئيس للوزراء.

حتى خلال السنوات التي أمضاها شريف في المنفى وفي المعارضة، واصل تشديده على أهمية السلام، فأشار إلى أن باكستان لن تحقق التقدم إلا عندما تكف عن معاملة الهند كعدوها الأكبر. كذلك دعا إلى قطع التمويل عن الجيش، ولا شك أنه مصيب في كلتا النقطتين. تبلغ قيمة التبادل التجاري بين الهند وباكستان سنويا 2.6 مليار دولار فقط، أي نحو خمس قيمة التبادل التجاري بين باكستان والصين، ونحو 1 /25 من قيمة التبادل التجاري بين الهند والصين، مع أن الهند وباكستان لا تتشاركان في الحدود فحسب، بل في التاريخ والحضارة واللغة أيضاً، ولذلك، تُعتبران شريكين تجاريين طبيعيين.

قد يتحول الجيش الباكستاني مرة أخرى إلى عقبة كبرى، فمناخ السلام يهدد ميزانيته الضخمة، وتحتل باكستان المرتبة الرابعة والأربعين في لائحة الاقتصادات الكبرى، على الرغم من ذلك، تملك سابع أكبر جيش في العالم، وتخصص نحو خمس موازنتها السنوية للدفاع. في المقابل، تعاني معظم المناطق الباكستانية انقطاع الكهرباء وغياب الموارد الأساسية، لكن نواز شريف يتمتع اليوم بتفويض ليكبح لجام الجيش.

وماذا عن نيودلهي؟ تتوافر فرصة قصيرة للتحاور قبيل الانتخابات الوطنية السنة المقبلة، إذ تدرك الهند أن شريف يمثل فرصتها الفضلى لعقد اتفاق سلام أو على الأقل تمهيد الطريق أمام علاقات صداقة بين البلدين، كذلك تعي أن بعض الأطراف في باكستان (مثل الجيش والمجاهدين) قد يحاولون إفشال أي خطوة نحو السلام. وإن وقعت اعتداءات إضافية، فستعلو الأصوات في أنحاء الهند المختلفة، مطالبة بالرد، ولكن على نيودلهي أن تتمسك بموقفها، تماماً كما فعلت حتى اليوم، فلا يكمن الحل في التخلي عن جهود السلام، بل في مضاعفتها، وإن كانت حكومة نيودلهي تسعى لتصوغ إرثها، نظراً إلى أدائها السيئ في الاقتصاد أخيراً، فقد تشكل الشؤون الخارجية مجالاً مناسباً تُذكَر فيه.

لا شك أن لكل هذا أهمية كبرى بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فمع انسحاب واشنطن من أفغانستان، ستتنافس الهند وباكستان على النفوذ في هذا البلد، ومن المؤكد أن هذا سيؤثر في ما إذا كانت أفغانستان ستسير قدماً نحو الاستقرار أو ستتراجع إلى الدولة الفاشلة التي كانت عليها سابقاً، ولكن إذا تمكنت الهند وباكستان من تحسين علاقاتهما، فلن تعود المنطقة برمتها مرتعاً للأصولية والإرهاب

Global Public Square

back to top