الشاعرة نادين سلام: لا قوميات في الشعر

نشر في 02-06-2013 | 00:02
آخر تحديث 02-06-2013 | 00:02
بديوانها «لست أنا» كرست الشاعرة اللبنانية نادين سلام وجودها على الساحة الأدبية العربية. ويعد هذا الديوان التجربة الشعرية الأولى لها في البحث عن هويتها في الكتابة.
ترى نادين أن الشعر أرقى الفنون، وأن الرواية فن جميل ومساحته تتسع ولكن فضاء الشعر أرحب. معها الحوار التالي.
كيف ترين صورتك في مرآة الشعر؟

هوية الشاعر تحددها مزايا من الذوبان في روحية المعنى. من هذه القيمة، أعكس مكنوناتي، فأنا إنسانة شفافة رقيقة حالمة، يتجلى ذلك في حبري، كلماتي، وولهي بين أسطر الخيال. ربما هي الشخصية التي تسكن مفرداتي قبل البوح وقبل العبور إلى ميناء القصيدة، وقد  حولتني إلى عازفة على لحن الرومانسية بالمعنى الوجداني هرباً من واقع الضرورة من مسارات الحياة.

ماذا عن البدايات وكيف سارت رحلتك مع الشعر؟

قد يبدو غريباً، إن قلت عن بداياتي، إنها كانت مع حكايات وقصص الرفيقات، وهن يقصصن تجاربهن في الحب والمراهقة والألم العذاب. من هذه القصص استوحيت أولى الشذرات الصامتة التي أنطقها الحرف في قالب من الأفكار. دفعتني جرأتي إلى عرض نماذج من نصوصي أمام أستاذ اللغة العربية، استوقفته، مما زاد اندفاعي، وأذكر وصيته جيداً، العمل على صقل الموهبة. إلا أن أمي هي المحرض الأول لجنون الكتابة، أول من أصغت إلى نداء حدسي، وشدتني إلى دهاليز الكتابة. أما في الحديث عن الأدب، فبداياتي تتجه باتجاهين بين الأدب العربي والأدب الفرنسي. أعترف بالأثر الذي تركه الأدب الفرنسي في ناحية تفكيري والخيار الرومانسي الذي استوطن كياني، وإن كان الأدب العربي في أسفاره وتحولاته مع العصور بقي مسار تأملاتي وتفكيري.

بمن تأثرت في كتاباتك الشعرية، وماذا عن الروافد والتجارب التي شكلت وعيك الإبداعي؟

أراني مأخوذة بمدرسة نزار قباني الشعرية وإن كنت أقرأ لكثير من المدارس الشعرية، واليوم أتابع كل ما هو شبابي وجديد. يشدني الشعر الجميل،  والتأثير الشعري بالنسبة إلي لا هوية له. يبهرني النص الشعري الإبداعي بعيداً عن الهوية القومية، فلا قوميات في الشعر. أما عن الروافد الفاعلة والحقيقية فهي تنبع من أغنية الحلم في بحر الكلمات والأفكار. ولا أدعي بتجارب تستحق ما يروى بل أنا في طريق الكلمة والمشوار بعيد بعيد.

ديوانك «لست أنا»، هل سبقته أعمال أخرى؟

«لست أنا» التجربة الشعرية الأولى في البحث عن هويتي الشعرية في الكتابة، سبقته محاولات لم تنشر بل بقيت محفورة في ملامح الرغبة المشرعة على كل تحد وتجديد. غير أن الديوان «لست أنا» منحني روح المغامرة لأتمكن من العودة بعد هروب الأنا إلى الأنا الممتلئة بروح الدهشة.

كان الشعر حاضراً في ميادين الثورات العربية الأخيرة، هل ترين في ذلك دلالة على استعادة مكانته؟

أنها مسألة إشكالية، قديماً وحديثاً. هل يتطلب الشعر شرارات للولادة؟ سواء في الحب أو في الوطن؟ أعتقد أن الشعر أقوى من المؤثرات ولا يتطلب سوى الشعر. بمعنى أنه ليس من الضروري أن نحكي الثورة بمفرداتها، فبذلك نقتل الثورة بلغة الحياة المنتظرة لانفلاج ربيع حقيقي ويعبق الحب. أحب أن أكتب الثورة بلغة الورد. باختصار، نطمح إلى الفنية في القصيدة، ودائماً للشعر حضوره لأنه موجود أصلاً وله مذاقه وسره.

يقول البعض إننا نعيش عصر الرواية لأنها طغت على الألوان الأدبية الأخرى، فما رأيك؟

الشعر أرقى الفنون، هذا ما قاله هيغل. الرواية فن جميل ومساحته تتسع، لكن فضاء الشعر أرحب. تسجل الرواية الحياة، في حين يرفدها الشعر بحيوات مدهشة من الإحساس والخلق. للرواية عالمها والشعر ملاذ الفنون كافة.

أين الوطن من كتابتك؟

الوطن في كتاباتي مسكون برغبات لا تمحى. كل ما أكتبه من هيام وشوق يجسد واقعاً ما تحمله المعاني من انتماء إلى الإنسانية، ولا تكتمل الأخيرة إلا بالولاء للقيم، وهل الوطن غير ذلك؟

كيف يمكن للشعر أن يطور من أدواته ليلبي الحاجة العربية بمشهدها حالياً؟

ليست المسألة بهذا الشكل وليست بتطوير الأدوات بقدر ما هي نهضة تشمل كل مظاهر الحياة، ومن ضمنها الشعر.

ما رأيك بما يسمى بتصنيف الأدب إلى أدب ذكوري وأدب نسائي؟

لا يوجد أدب ذكوري وأدب نسائي برأيي المتواضع، بل ثمة كلمة نابعة من القلب لتخرج إلى العلن ويتشارك بها كل من الطرفين، فلكل منهما ما يقوله ويفرش به حبر دمه بإحساس مختلف. الأدب هو الأدب ولا تصنيفات في ذلك.

المرأة في الشعر ملهمة، فمن يلهم المرأة الشاعرة؟

الإلهام في الشعر حاجة إبداعية مركزه الخيال واللغة الشعرية، لذا انشغل العرب قديماً بمصدر الشعر وقدموا له تفسيرات متعددة. المرأة ملهمة للقصيدة، لكنها لا تكفي ما لم نربط سمو المعنى بالخصب والعطاء، فما يلهم الشاعرة وشفافيتها وعاطفيتها هي الأمومة. أضيف إلى إلهامي عشقي للموسيقى والرسم.

ما هي أهم المشاكل التي تواجة الثقافة العربية؟

الثقافة العربية في حالة من القلق وفي خضم قراءات متعددة تحاول أن تطرق التجديد بالوسائل كافة، على رغم الضبابية التي تشكل الواقع الحضاري للعرب. والثقافة هي أبرز ميادين تشكل الحضارة، وهذا ينعكس على كل من يحترف وينتمي إلى الفكر والثقافة.

إلى أي حد حقق الأدب العربي وجوده عالمياً؟

شكّل الأدب العربي هوية عالمية لها وزنها ومقدارها في الخارطة العالمية ناهيك بتحقيق حضور فعلي في الجوائز العالمية.

ما هو جديدك في الفترة المقبلة؟

مجموعة قصائد قيد التحضير لولادة جديدة.

«إلى حبيب مجهول»

كتبت إليك قصيدة

ذكرت اسمك في أبياتها

ناديتك بين سطورها

وأنت كما أنت

ما زلت مجهولاً

ما زلت تجهل الحروف

لقراءة أشواقي إليك

أتخيل صورتك في ضوء القمر

أحدد جسدك على ظله

أسمع صوتك في الأفق

وأنت ما زلت مجهولاً

لن تأتي من أي غموض

back to top