Kremlin Ballet في بيروت...

نشر في 11-02-2013 | 00:02
آخر تحديث 11-02-2013 | 00:02
رحلة خلابة إلى عالم «ألف ليلة وليلة»

بعد أن جالت فرقة «باليه الكرملين» في عشرات الدول حطت رحالها فوق هضبة «ساحل علما» في جونيه- لبنان لتقدّم للجمهور رائعتها الجديدة للعام 2013 بعنوان «ألف ليلة وليلة».
لم يعد الصيف وحده سيد المواسم الفنيّة، فبينما كانت الثلوج تنهمر على جبال لبنان وساحله كان الجمهور يتهافت قبل أسابيع على شراء بطاقات حضور حفلة «باليه الكرملين» الذي يقدّم خلالها استعراض «ألف ليلة وليلة».

روائع عالمية

في العام 1990 أنشأ مصمم الرقص الشهير الروسي أندريه بيتروف مسرح «باليه الكرملين» في قصر الكرملين، وأصبح المدير الفني للفرقة التي أخذت على عاتقها عرض أهم الأعمال الفنية العالمية انطلاقًا من تقاليدها الوطنية الكلاسيكية.

تناولت فرقة «باليه الكرملين» منذ تأسيسها موضوعات بهرت العالم وغدت من الروائع التي يتناقلها الناس من جيل إلى جيل، فعرضت باليه «سندريلا» في العام 1991، و{كسّار الجوز» في العام 1993، و{دون كيشوت» لسرفانتس في العام 1994، «وبحيرة البجع» التي وضع ألحانها تشايكوفسكي في العام 1997، و{روميو وجولييت» لشكسبير في العام 1999، ومشهدًا من «السمفونية الرائعة» لبرليوز في العام 2000، وغيرها من استعراضات الباليه المدهشة في مختلف أقطار العالم ابتداءً بإيطاليا واسبانيا وفرنسا، مرورًا بالصين وتايوان، ووصولاً إلى أوستراليا ثم اليونان وقبرص.

في لبنان

تتابع شركة «ألفتريادس» مسار الأعمال الفنية التي تعرض على المسارح العالمية، وتنتقي منها ما يلائم جمهورنا العربي واللبناني. وقد وقع الاختيار على فرقة «باليه الكرملين» لتعرض على مسرح «البلاتيا» في ضواحي مدينة جونيه اللبنانية باليه «ألف ليلة وليلة» في ثلاث أمسيات ستبقى حية في ذاكرة المشاهدين، فكل من شاهد في الخارج حفلات هذه الفرقة لا بد له من حضورها ثانية لما تقدّمه من فن رفيع وأداء يتخطى ما تعوّدنا مشاهدته عند سائر الفرق الاستعراضية الراقصة.

ألف ليلة وليلة

يربو عدد قصص «ألف ليلة وليلة» على المئتين، وقد ترجمت عن الفارسية والهندية والروسية، ويعود تاريخها إلى القرن الرابع الهجري، ولكن مع مرور الزمان وتعاقب الإضافات عليها اتخذت الطابع العربي، وعن العربية نقل المترجمون في مطلع القرن الثامن عشر، واستمرّت الترجمة في مختلف اللغات، فاستقى منها الفنانون والأدباء موضوعات عدة في شتى الميادين كالأدب والرسم والموسيقى والرقص وغيرها فأبدعوا وغدا عنوان «ألف ليلة وليلة» رمزًا لسحر الشرق وغرابة عالمه.

من أجواء هذا الكتاب الممتع الذي أضحت أساطيره على شفاه الكبار والصغار في مختلف الأقطار انتقى أندريه بيتروف أجمل القصص لترويها أجساد الراقصين في فرقته بأروع القفزات والإيماءات التي تبهر العيون.

الخيانة هي السبب

لا مفرّ لمصمّم الاستعراض من استهلاله بمشهد الخيانة الذي يهزّ المشاعر ويحبس الأنفاس. فبعد عودة الملك شهريار من الحرب يكتشف خيانة زوجته الجميلة التي كان يعشقها، فيستبد به الغضب ويفقده رشده فيأمر بقطع رأسها ورأس كلّ من شاركها في الخيانة.

ويتلاعب المخرج بالمشهد تمثيلاً ورقصًا وإضاءة، وإذا بالمسرح يتحوّل إلى منصّة هائلة للإعدام ترتمي الأجساد على أرضها ويغطيها شرشف أبيض شفاف بينما سيف الجلاد يهبط بسرعة ليقطع رأس الملكة.

لكن هذا العقاب لم يشفِ غليل شهريار، فوقف يعلن نذره أمام الملأ بأن انتقامه سيشمل جميع الفتيات، وأنه سيتزوج كل ليلة فتاة من مدينته ويقطع رأسها في الصباح انتقامًا من جنس النساء.

ابنة الوزير

تتمايل أجساد الراقصات بلباسهن الحريريّ المزركش بالخرز والمقصّب بالخطوط الذهبية، وتتباهى الألوان بكبرياء وفخامة، بينما غرفة شهريار تخلو من أية فتاة.

لم يعد في المدينة حسناء إلا وقتلها الملك، لكنه علم أنّ لدى وزيره ابنة نابغة تدعى شهرزاد فطلب منه أن يتزوّجها ورضيت الفتاة بالأمر.

حان المساء فامتلأ المسرح بحاشية الملك وندمائه، وبُسطت موائد الطعام والشراب والفاكهة، واشتعل المكان بالرقص، وتسرّبت موسيقى رخمانينوف إلى الآذان فتخدرت المشاعر وارتفعت النشوة إلى أقصى حدودها. لكن هذه المؤثرات جميعها لم تثن شهريار الملك عن قراره، فاختلى بشهرزاد مصممًا على قتلها في صباح اليوم الثاني.

قصة لم تنتهِ

جلست شهرزاد بعد أن اتفقت مع أختها الصغيرة، إزاء شهريار الملك، وشرعت تداعبه وتروي له قصة أخيرة قبل تنفيذ حكم الإعدام بها، وافق الملك، وإذا بها تقص عليه رواية نقلته إلى عالم ساحر يخلب الألباب، وكان النعاس قد بدأ ينساب إلى عيون الجميع فطلبت منه أن يبقيها حية لتكمل له القصة في اليوم التالي. عرف الروسي اندريه بيتروف كيف ينتقي من الكتاب أجمله. فمن الكوفة إلى الإسكندرية ومن بلاد فارس إلى مجاهل الهند صنع عالمًا مسحورًا صاخبًا معربدًا ماجنًا نابضًا بالحياة مملوءًا بالطرب.

وراحت شهرزاد تروي للملك أساطير وأحداثًا متداخلة بسرد عفوي ممتع جعلته ينتظر نهايتها بشوق. فمن علاء الدين ومصباحه السحري إلى علي بابا والأربعين حرامي إلى رحلة السندباد البحري على بساط الريح حتى وصلت بهما الليالي إلى ألف وليلة واحدة.

ينتهي الاستعراض الراقص بوقوع شهريار الملك في حب شهرزاد فيتخذها زوجة له ويتوب عن قتل الفتيات فتحتفل المدينة بذلك لمدّة ثلاثة أيام، وينسدل ستار المسرح على فرقة عالمية نفخت في الأساطير روحًا فأحيتها من سباتها العميق.

back to top