تقرير اقتصادي: تضخمت فوائض الدولة بلا إنجاز... فتعاظمت المطالب الشعبوية

نشر في 14-02-2013 | 00:01
آخر تحديث 14-02-2013 | 00:01
No Image Caption
إجماليها ناهز 80 مليار دينار خلال 9 سنوات... وبيئة الاقتصاد تضعف

التنامي السنوي في الفوائض المالية، التي وصل إجماليها خلال 9 سنوات إلى 80 مليار دينار، لا يعكس بيئة جيدة للاقتصاد بقدر ما يبين عدم جدية الدولة في تنفيذ خططها ومشاريعها المؤجلة منذ سنوات، وهو ما بات يفتح المجال أكثر للمطالب الشعبوية الانتخابية.

خلال الأسبوع الجاري تناولت ثلاث مؤسسات مالية كبرى الوضع الاقتصادي في الكويت بنظرة ناقدة للفشل الحكومي على صعيد خطة التنمية وإدارة الفوائض وكيفية الإنفاق على المشاريع، فضلاً عن التركيز المبالغ فيه على النفط في تشكيل ايرادات الدولة.

ورأت تقارير لمؤسسات معتبرة، بحجم «ستاندرد آند بورز» و«سيتي بنك» ومعهد التمويل الدولي، ان ضعف الانفاق على المشاريع مقابل ارتفاع سعر برميل النفط ساهم في نمو الفوائض المالية، اذ تشير التوقعات الأولية الى ان الكويت ستسجل نهاية العام المالي الحالي فائضا ماليا لن يقل عن 12 مليار دينار بنمو 8 في المئة عن العام الماضي.

هذا التنامي السنوي في الفوائض المالية، والتي وصل اجماليها خلال 9 سنوات الى 80 مليار دينار، لا يعكس بيئة جيدة للاقتصاد بقدر ما يبين عدم جدية الدولة في تنفيذ خططها ومشاريعها المؤجلة منذ سنوات، وهو ما بات يفتح المجال واسعاً للمطالب الشعبوية الانتخابية التي باتت تتنامى أكثر في السنوات الأخيرة، كإسقاط فوائد القروض او منح 5 او 10 آلاف دينار لكل رب اسرة، الى جانب الكوادر والزيادات وغيرهما.

وتشير التقارير المالية الدولية آنفة الذكر وغيرها الى أن هناك حالة خمول في البيئة الاستثمارية، ما جعل الودائع الشخصية والتابعة للقطاع الخاص تتكدس في البنوك المحلية بمبالغ مليارية تتجاوز قيمتها 27 مليار دينار هي ودائع القطاع الخاص من شركات ومؤسسات وأفراد، وَجدت في الودائع، رغم محدودية عوائدها، فرصة معقولة في ظل شبه انعدام الفرص الاستثمارية في الكويت.

وبالطبع هذه المبالغ ما كانت لتتكدس في البنوك لو كانت في الكويت بيئة استثمار حقيقية او مشاريع بنية تحتية تتيح للشركات المساهَمة في تمويلها، ولذلك نمت قيمة الودائع بين عامي 2010 و2011 بنحو 7.8 في المئة، اذ كانت 24.791 مليار دينار ووصلت الى 26.8 مليارا، بل إن قيمة ودائع القطاع الخاص لدى الجهاز المصرفي ارتفعت خلال 5 اعوام إلى أكثر من 8 مليارات دينار، إذ كانت عام 2007 تبلغ 16.5 مليار دينار، أي ان نسبة الزيادة خلال 5 اعوام ناهزت 62 في المئة.

غير أن هذه النسبة في نمو قيمة ودائع القطاع الخاص لدى البنوك لا يمكن ان تكون مؤشرا ايجابيا على حالة الاقتصاد، لأن التسارع في النمو بهذه الطريقة في الودائع، في ظل نظام مصرفي اتجه اكثر من مرة خلال 5 سنوات الى خفض سعر الخصم على الفائدة، يعني ان المستثمرين لم يجدوا اي فرصة استثمارية، خصوصا في غياب اجراءات الحكومة للتحفيز خلال الأزمة المالية.

كلام إنشائي

وخطة التنمية التي شغلت الناس -إعلاميا على الأقل - تقارب الخطة الخمسية الاولى منها على الانتهاء، دون ان نعرف آليات القياس في التنفيذ وإلى اي مرحلة وصلنا فيها، ما جعل الأرقام التي يعلن وزراء التنمية تحقيقها في انجاز الخطة تتراوح بشكل متناقض ما بين 7 و25%، وهي ارقام لم يعلن الوزراء المتعاقبون على هذا المنصب أي آلية او وسيلة لقياسها أو تحديدها أصلاً، فضلاً عما في خطط التنمية السنوية وقبلها خطة التنمية الإطارية العامة، من كلام إنشائي كثير، إضافة إلى افتقاد طرق القياس السليمة والواضحة.

وحتى العام الماضي تم انفاق 47 في المئة من المبلغ المرصود للإنفاق على المشاريع والبالغ 3.1 مليارات دينار مما يوضح جانبا من العلة، وهو التباطؤ حتى عن المشاريع المقررة والموجودة في الميزانية وامام هذا التراجع في التنفيذ يتنامى الشعور -غير المنطقي اصلا- المؤيد لمطالب النواب الشعبوية، خصوصا عندما يتعلق الامر ببطء تنفيذ المشاريع الاسكانية او الصحية او تردي التعليم او حتى المرافق والطرق، اذ يلعب تراجع الخدمات دورا مهما في تسويق رأي الداعمين للمطالب الشعبوية.

وإذا ارادت الحكومة ان تغلق باب المطالب الشعبوية فعليها اولا ان تقنع الناخبين بمشاريعها وجديتها في التنفيذ، خصوصا تلك المشاريع المؤجلة، والتي يتأخر الانفاق عليها لوجود بيروقراطية حكومية، كذلك مطلوب العمل على تنويع الاقتصاد ورفع نسبة الايرادات غير النفطية التي توازي حاليا 7 % من اجمالي الدخل الى مستويات اعلى، فسعر التعادل في الميزانية القادمة 2013 - 2014 يصل الى 70 دولار للبرميل وفقا لانتاج 2.72 مليون برميل يوميا، ما يعني ان اي انتكاسة في الاقتصاد العالمي يمكن ان تنعكس على الطلب النفطي فتتحول الفوائض الى عجز، وهذا امر غير مستبعد في اجواء عدم اليقين التي تسيطر على العالم كله.

والتقارير التي اصدرتها البنوك والمؤسسات الدولية، أصدرت مثلها ايضا وبشكل لا يقل مهنية، لجان حكومية كويتية، وهذه اللجان وضعت آراء جيدة ومقترحات تنفيذية، الا انها كالعادة وضعت في الأدراج منذ سنوات.

back to top