صانع البهجة... سيد مكاوي (5): التجربة الأولى

نشر في 14-07-2013 | 00:02
آخر تحديث 14-07-2013 | 00:02
خرج سيد مكاوي من مسجد الحنفي وهو يحمل على كتفيه هذا التشريف الكبير الذي أولاه له أهالي الحي، ومنحه شهادة بأنه شيخ معتمد في مسجد الحي، وإن كان ذلك سيلقي بمسؤولية جديدة على عاتقه، والأهم أنه سيحرمه من بعض العادات والتقاليد التي اعتاد عليها، وأهمها اللعب مع أقرانه في الحي، فلم يتخط سيد عامه الثالث عشر بعد، الأمر الثاني وهو الأهم الجلوس إلى جوار عم مسعود والاستماع إلى الغرامفون وأغاني المذياع.

في هذه السن الصغيرة استطاع سيد مكاوي أن يكون رجلاً حقيقياً في بيته، وأن يكون بديلا للأب الذي فقدته الأسرة مبكراً، كان قادراً، على رغم كف بصره، على تحمل المسؤولية التي تعهد بها أمام والدته، كما استطاع أن يكون أباً لأشقائه، ينفق على البيت مما يرزقه الله به من باب قراءة القرآن الكريم، لدى أهالي الحي، أو في مسجد «أبو طبل».

شعر سيد بأنه يقوم بما عليه من مسؤوليات، غير أن وسائل استمتاعه تقلصت، فبعدما تحمل مسؤولية والدته وأشقائه، وأصبح شيخاً يقرأ القرآن لدى الأهالي في مناسباتهم، وقراءة القرآن ورفع الآذان في مسجد أبو طبل، حرم من اللعب مع من هم في مثل سنه، الألعاب التي لطالما استمتع بها حتى وقت قريب، كما حرم من الشيء الأهم بالنسبة إليه، وهو الاستماع إلى الأغاني والموسيقى، وإن كان لم يُحرم من اللقاء مع عم مسعود الذي أصبح يزوره، مثل كثيرين من رجال الحي.

لاحظت والدته أنه يأتي في الفترة ما بين المغرب والعشاء، ليجلس إلى جوار «شباك حجرته» ويطيل رقبته ويوجه صوان أذنه، فاكتشفت أنه يجلس ليسترق السمع من «غراموفون» قريب، تعود الجيران أن يقوموا بتشغيله في هذا التوقيت من كل يوم، فوجد فيه الشيخ سيد بديلاً عن جلسة عم مسعود.

مكافأة الرجولة

لم تفاتحه والدته في ما يفعل، فهو لم يقصر في مطالب البيت في شيء، بل هو أحرص على توفير مطالب الصغير والكبير، فيما ينسى نفسه ومطالبه الخاصة، غير أن والدته كانت تشعر به، فقررت أن تفاجئه.

كان سيد يعطي لأمه كل قرش يمسكه في يده، وتقوم هي بمنحه مصروف يده مثله مثل بقية أشقائه، الذين حرص أن يعينهم على التعليم، على أن تقوم هي بتدبير شؤون البيت، غير أنه اكتشف أن والدته أعلنت سياسة «التقشف» في البيت لفترة طويلة، امتدت لما يقرب من العام، فيما سيد في دهشة مما تفعله والدته، وهو يعلم تمام العلم ماذا يكسب من عمله، وماذا يعطي لأمه، والمصروفات التي تنفقها في البيت، وتساءل كيف يمكن لها أن تمنع طلباً لأي من أشقائه أو حتى لنفسها؟! في حين أنه يمكن أن يكون معها ما يسد حاجتهم، حتى فوجئ بما فعلته أمه:

= تعالَ يا سيد.. أدخل بس غمض عنيك.        

* هاهاها... لا حلوة دي يا أمي... ماهي عنيا مغمضة على طول.

= يوه... يقطعني يا ابني نسيت من الفرحة.

* ربنا يفرحك يا أمي على طول.

= طب تعالَ وهات أيدك كدا... حطها هنا.

* بسم الله الرحمن الرحيم... إيه يا أمي... إيه دا.

= وأنا اللي كنت فاكراك أول ما تحط أيدك عليه هتعرفه.

* يا نهار أسود.

= إيه في إيه؟

* يظهر أن أيديا هي كمان اتعمت وما بقتش تشوف.

= الله يجازيك يا شيخ سيد خضتني.

* طب قولي بقى... إيه اللي أنا حاطط أيدي عليه دا.

= دا يا سيدي الغرامفون اللي أنت بتحب تسمعه.

دمعت عينا سيد واحتضن أمه، فقد كانت تقتطع من قوتها وقوت أشقائه طيلة عام مضى حتى توفر من مصروف البيت لتشتري له «الغرامفون» بمساعدة جارهم «عم صالح» الذي يستمع إليه سيد كل ليلة، لتسعده به.

لم يصدق مكاوي نفسه، وقد بات ليلته يحتضن «غراموفون»، ترك أحضان والدته، يحتضن حلم حياته وطموحه، حتى إنه شعر بأنه يسير فوق السحاب ويسبح في عالم آخر مع هذا الجهاز العجيب الذي يخرج ألحاناً تدغدغ كل كيانه، علمته والدته كيف يضع الأسطوانة ويدير الجهاز، كما تعلمت، فقام ووضع أول أسطوانة اشترتها له أيضاً مع الغرامفون:

نستمع إلى لحن «ماقلتلكش إن الكترة» من نظم بديع خيري، تلحين وغناء الشيخ سيد درويش، من مقام «صول ماجير»:

ما قلتلكش إن الكترة لا بد يوم تغلب الشجاعة

وأديك رأيت كلام الأمرا طلع تمام ولا فيهشي لواعة

غيرشي اللي كان هالك أبداننا ومطلع النجيل على عيننا

إن فهمي يكره حنا.. وأيش دخل دول يا ناس في ديننا

دخل بناتنا اللي موقعنا في بعضنا وراح لك متصدر

فقسنا لعبته واتجمعنا لا يضيع شرفنا الله لا يقدر

عاديك على اللي أدت له الدنيا وش وبقى له تركة ومتاعة

تشوفنا أحنا تقول حنفية وتشوفه هوه تقول بلاعة

عايشين في وادي النيل نشرب من عدادات على مللي وسنتي

من جاز لملح ومن سكر وترموايات لخواجة تريانتي

ربنا ما يوريكشي دوختنا الجيب نضيف أما البيت أنضف

والهدمة دي اللي على جتتنا محجوز عليها دي عيشة تقرف

الحق كله على الأغنيا إحم يا فرحتنا بشطارتهم

ملهيين في روزا وماريا والسف نازل على أمتهم

إمتى بقى نشوف قرش المصري يفضل في بلده ولا يطلعشي

أنتوا بمالكم واحنا بإيدنا دي الإيد لوحدها ما تسقفشي

تأمل سيد مكاوي هذه الخلطة السحرية العجيبة، الشعر مع الموسيقى، كيف يتم المزج بينهما في تآلف مدهش، لتخرج الكلمات بهذا النغم الرائع، بصوت قادر على توصيل أفكار كل من الاثنين، الشاعر الذي نظم هذه الكلمات، والموسيقي الذي صاغ النغمات لتصبح لحناً بديعاً يسحر الألباب.

إشارة البدء

ما إن انتهى الشيخ سيد من سماع «ما قلتلكش إن الكترة» حتى جلس يتأمل معانيها، وفوجئ بصوت يأتي من الشارع ضعيفاً يأتي من بعيد، يغني قصيدة «وحقك أنت المنى والطلب» لكن هاله أن من يغني القصيدة رجل لا الآنسة أم كلثوم، فقد لحنها لها الشيخ أبو العلا محمد، وهو ما أثار فضوله بشكل كبير، خصوصاً أن الصوت الرجالي لا يقل جمالاً عن صوت أم كلثوم، وربما يزيد، فدفعه الفضول إلى معرفة من أين يأتي هذا الصوت؟ ومن يملك هذه الأسطوانة؟ وهل سيسمح له باستعارتها لسماعها بشكل منفرد والاستمتاع بهذا الصوت الرائع.

أيقن الشيخ سيد أنه لن يجد إجابات لكل هذه الأسئلة إلا لدى صديقه القديم عم مسعود، فلم ينتظر حتى ينزل إلى صلاة المغرب وارتدى ملابسه واتجه إليه:

= أنت هتتكلم وأنت واقف يا بني... ما تيجي تقعد يا شيخ سيد... ولا هي قعدة عمك مسعود ما بقتش تعجبك دلوقت؟!

* ودا برضه كلام يا عم مسعود... أنا بس علشان مستعجل.

= ما هو أنا مش عايز أقولك أن إجابات الأسئلة دي كلها مش عندي. بس اللي دار في دماغك دار في دماغي أنا كمان.. ما أنا برضه سميع قديم... وحلاوة الصوت خلتني هتجنن... بس متأكد أني سمعت الصوت دا قبل كدا. بس فين ما عرفش... بس على مين لازم أجيبه. خليك هنا يا شيخ سيد دقيقة واحدة.

* على فين بس بقولك مستعجل!

= هروح القهوة دقيقة واحدة.

ذهب عم مسعود إلى مقهى «العتر» الذي كان ينبعث منه الصوت، ليعرف تفاصيل الأغنية من صاحب المقهى ليطمئن قلبه، ويعود ليطمئن الشيخ سيد:

* إيه... عرفت؟

= عرفت بس مش مصدق وداني.

* فزورة دي. على رأي الأستاذ فكري أباظة.

= لا فزورة ولا حاجة. أصل لو قلتلك اللي عرفته أنت كمان مش. هتصدق يا بني... بس أنا من ساعة ما سمعت الصوت وأنا بقول أنه مش غريب عليّ.

* القصد يا عم مسعود... طلع صوت مين... مولانا جلالة الملك.

= انت عايز تحبسنا ولا إيه يا شيخ سيد. حاكم أنا عارفك أحسن من يشك مقالب... لو سألوك هتقولهم: أصل أنا ما بشوفش.

* هاهاها... طب قول بقى شوقتني.

= يا سيدي المعلم العتر صاحب القهوة حكالي حكاية غريبة أوي. قاللي إن الصوت اللي سمعته بيغني «وحقك أنت المنى والطلب» دا صوت مولانا. مش جلالة الملك... لا... مولانا الشيخ محمد رفعت!

* الشيخ محمد رفعت اللي كان بيغني الأغنية دي في الإذاعة.

= لا دي أسطوانة قديمة... الحكاية يا سيدي أن كان فيه راجل اسمه حبشي جرجس. الراجل دا كان صاحب محطة أهلية من ييجي عشر سنين. قول سنة واحد وتلاتين اتنين وتلاتين... وكان صديق الشيخ رفعت أوي... والإذاعة بتاعته كانت هتقفل من قلة الإقبال عليها، ففكر الشيخ رفعت أزاي ينقذ صاحبه ويساعده، ودا راجل نصراني... يعني ما ينفعش الشيخ رفعت يقرأ قرآن في إذاعته، ففكر يقدم الأغنية دي بصوته قوم يلم الناس على إذاعته من تاني، بس اشترط ما يقولش اسمه، وفعلا الأغنية اتذاعت، من هنا وخد عندك رسايل ومكاتيب مالها عد، الناس اتجننت بصوته، وبيطالبوا يعرفوا اسمه علشان يجيبوا اسطواناته وبيطالبوا الأذاعة أنها تذيع له أغاني تاني، بس الشيخ رفعت رفض رفضاً قاطعاً، رغم أن صاحب الإذاعة عرض عليه يبقى شريك معاه في الإذاعة... ومكررهاش تاني في حياته أبداً.

* المعلم عنتر عرف الكلام دا منين؟

= ما هو المعلم عنتر يبقى صاحب حبشي جرجس... وكان أداله الأسطوانة دي هدية.

* الشيخ محمد رفعت. الله على جمال ربنا في خلقه.

سماع أغنية «وحقك أنت المني والطلب» بصوت الشيخ محمد رفعت، زاد من حماسة الشيخ سيد وعشقه للغناء، شعر بأنه لا يريد أن يتوقف عن السماع لحظة واحدة، فوجود «الغرامفون» تحت يديه أتاح له هذه الفرصة الكبيرة، فخصص سيد وقتاً يومياً ثابتاً للاستماع، يعيش فيه مع الكلمات والألحان، حتى إنه يحفظها عن ظهر قلب، كلمات ولحناً، غير أنه اكتشف بعد مرور وقت قليل أن ما لديه من أسطوانات قد حفظ ما فيها من أغان على ظهر قلب، ولم يعد لديه جديد.

حل اقتصادي

هذه المرة كانت والدته هي المنقذ أيضاً، صاحبة الحل الذي يضمن له ولو أسطوانة جديدة كل أسبوع، فلم تكن جيدة بالمعني الحقيقي، بل جديدة بالنسبة إليه، حيث اتفقت مع «منصور بائع الروبابيكيا» أن يجمع لها الأسطوانات القديمة التي يستغنى عنها أصحابها من المقيمين في الأحياء الراقية، ويحضرها لها، على ألا تدفع له ثمنها نقوداً، بل مقايضة بأشياء قديمة يحتاج إليها «بائع الروبابيكيا» أفضل من النقود نفسها، فبدأ يواليها بكل ما تصل إليه يديه من أسطوانات لمختلف المطربين والمطربات، الأحياء منهم والأموات.

خلال عدة أشهر وجد الشيخ سيد مكاوي لديه حصيلة رائعة ومتنوعة من الأسطوانات القديمة، الجديدة بالنسبة إليه، للشيخ إسماعيل سكر، الشيخ مصطفى عبد الرحيم، داود حسني، محمد عثمان، عبد الحي حلمي، الشيخ درويش الحريري، كامل الخلعي، أبو العلا محمد، أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب.

حاول سيد مكاوي أن يجرب صوته في ترديد ما يسمعه من ألحان، حيث تعلق بشكل كبير بأعمال الشيخ سيد درويش، التي وجدها قريبة إلى قلبه لأكثر من سبب، ربما أهمها أن سيد درويش عاش بين الناس ولهم، اقترب منهم عرف همومهم وآلامهم، شعر بآلام الحرفيين وأصحاب المهن، وما يعانونه، وعبر عنها من خلال ألحانه وأغانيه، فقرر أن يختار واحدة من أسطوانات الشيخ سيد درويش ليغنيها ويجرب من خلالها صوته، فطلب من والدته أن تأتي له بأسطوانات سيد درويش، ثم طلب منها أن تستخرج من بينها الأسطوانة التي كان يسمعها منذ ثلاثة أيام، وكانت والدته بارعة جداً في حفظ شكل الأسطوانة، وما إن ينتهي من سماع الأسطوانة تقوم بوضع علامة عليها لتعرف أن هذه الأسطوانة هي التي تقول «كذا وكذا».

كانت الأسطوانة التي وقع عليها الاختيار لأغنية «هز الهلال يا سيد» التي كتبها بديع خيري عن حال الموظفين، ضمن أغاني أوبريت «كله من ده» ووضع ألحانها وأداها بصوته الشيخ سيد درويش. ناولته والدته الأسطوانة قبل أن تنصرف إلى دعوة على الإفطار وجهتها قريبة لها، ولم يكن الشيخ سيد يفضل مثل هذه الدعوات، كما لم تكن والدته لديها أعذار أخرى تقدمها، خصوصاً وقد اقترب شهر رمضان على الانقضاء، فقامت بتحضير إفطاره ووضعته إلى جواره، حيث سيكون كل أشقائه بصحبتها.

الاختبار الأول

اختار الشيخ سيد مكاوي لحن «هز الهلال يا سيد» ليجرب غناءه بينه وبين نفسه بعدما أغلق عليه باب حجرته، وتأكد تماماً أنه لا يوجد غيره في البيت، وجلس كأنه أمام لجنة اختبار، أعضاؤها قلبه وعقله، وبدأ يردد اللحن:

هز الهلال يا سيد كراماتك لأجل نعيد

يكفي اللي حصل كام يوم ووصل بقى زرع بصل

هديت وأهو راق الحال ورجعنا للأشغال

دا الموظف منا... مش وش خناق ولا شومة

لما يحمر عينه ولا يقوم له قومه

حد الله ما بيني وبينك غير حب الوطن يا حكومة

عشرين يوم راحوا علينا... انشالله ياخدوا عينينا

بس المقصود يبقى لنا وجود.. والدنيا تعود

ياما شفنا م الستات طلعوا وعملوا مظاهرات

والكناسين رخرين رأسهم وألف مقشة

ما يكنسوا بس كنسة ولا يرشوا لنا رشة

والصنايعية راحم جايبين ضلفة أحسن ورشة

الغلب اللي شاربينه ياريت العالم شايفينه

دي ماهيه إيه الكام جنيه يا خواتي برّيه

من خمسة منه تروح وبقيته أقول أبّوح

وبسلامتها الست بتاعتي ما تتوصاشي

ولا تجبليش في البطن إلا بالجوز كده ع الماشي

وييجي الجزار والخضري والبقال يلعنوا أبو خاشي

مستخدم الأيام دي ذمة ما فيش أحسن من دي

بليسنسيهات ودبلومات يرطن بلغات

في الشغل ياسيدنا البيه ثمانين ما يجيبوا أيديه

ما فيش إنا اسفقناكم زي ما أنت رأسي

ماحتاس حبة بلاليص حطينها فوق الكراسي

بكره المولي يعدلها وفي الدنيا دي عمرك متقاسي

هز الهلال يا سيد كراماتك لأجل نعيد

هز الهلال يا سيد كراماتك لأجل نعيد

يكفي اللي حصل كام يوم ووصل بقى زارع بصل

هديت وأهو راق الحال ورجعنا للأشغال

دا الموظف منا مش وش خناق ولا شومة

لما يحمر عينه ولا يقوم له قومة

حد الله ما بيني وبينك غير حب الوطن يا حكومة

استمع سيد مكاوي إلى نفسه وهو يردد الأغنية، وانتظر حكم اللجنة المكونة من عضوين: عقله وقلبه، وكم كان حكمها قاسياً، لم يرض سيد عن نفسه والطريقة التي أدى بها، حيث جاءت مختلفة إلى حد ما عن اللحن الذي وضعه سيد درويش، حيث راح يغير في المقام، لم يكن يدرك أن بذرة التلحين تنبت في داخله، وأنها من كانت وراء التغيير في المقام في محاولة لخلق شكل لحني جديد، ما جعله يغضب ويرفض تناول إفطاره إلى حين وصول والدته وأشقائه، وأمضى كل الوقت في الاستماع إلى الأغنية عدة مرات أخرى، مع التركيز في كل مرة على شكل اللحن والمقام، حتى استطاع أن يتقنه إلى حد كبير، فقرر أن يقوله مرة أخرى، غير أنه هذه المرة أراد أن يستعين بلجنة مختلفة عن «قلبه وعقله» فلجأ إلى والدته وأشقائه راضياً بحكمهم وهو في قلق وخوف شديدين، غير أنه ما إن انتهى من الغناء حتى سمع التصفيق يدوي في أرجاء الحجرة:

= بسم الله ما شاء الله... اللهم صلي على كامل النور.

* صحيح يا أمي... ولا بتجامليني.

= لو أنا هجملك اخواتك مش هيجاملوك. دا أنا عايزة أخرج للدنيا كلها دلوقت وأقولهم ييجوا يسمعوك... دا أنت بتقولها أحسن من صاحبها.

* مش للدرجة دي يا أم سيد... أنا فين وصاحبها فين... دا الشيخ سيد درويش.

= وأنت الشيخ سيد مكاوي.

* وأنت أجمل أم سيد.

(البقية في الحلقة المقبلة)

back to top