كارولين ميلان: انتظر منتجاً عربياً لتحقيق رؤيتي الإخراجية

نشر في 16-09-2013 | 00:01
آخر تحديث 16-09-2013 | 00:01
تتميّز باهتمامها بأدق التفاصيل بدءاً من أماكن التصوير، مروراً بشكل الممثلين الخارجي وترتيب إطلالتهم، وصولا إلى أدائهم واستخراج طاقاتهم الداخلية.
إنها المخرجة كارولين ميلان التي وقّعّت «العائدة2»، مسلسل حقق المرتبة الأولى في سورية والأردن هذا العام، بعدما نال الجزء الأول ثلاث جوائز «موركس دور».
عن الدراما العربية ومسلسل «العائدة»، تحدثت إلى «الجريدة».
هل تتوقعين أن ينال «العائدة2» جوائز «موركس دور» أسوة بالجزء الأول؟

 

لا أتوقع تخصيصه بعدد من الجوائز هذا العام لأن القيمين على الجائزة سيعتبرون أنه كُرّم في جزئه الأول. إنما إذا نظرنا منطقياً إلى الأمور وانطلقنا من جودة المسلسل وقصته، أظنّ أنه أحد أفضل الأعمال اللبنانية وبالتالي يستحقّ جوائز.

في أي مرتبة حلّ هذا العام وفق الإحصاءات ونسبة المشاهدين؟

وفق الإحصاءات التي أجرتها قنوات MBC حول الأعمال المعروضة عربياً وليس محلياً، تنقل المسلسل بين المراتب الخمس والثلاث الأولى، وذلك جيّد مقارنة بوفرة الأعمال الرمضانية. فضلاً عن أنه حلّ في المرتبة الأولى في الأردن وسورية بشهادة المسؤول الدرامي في التلفزيون السوري الرسمي الذي أعلن أن {العائدة 2} نال الاهتمام الأكبر في سورية وسجّل نسبة مشاهدين مرتفعة.

أليس مستغرباً أن يسجّل مسلسل لبناني نسبة مشاهدة مرتفعة في سورية رغم كثرة المسلسلات السورية هذا العام؟

أبداً، لأن تركيبة المسلسل متقنة، بدءاً من القصة وأداء الممثلين مروراً بإضفاء المخرج مصداقية على تصرفات الشخصيات وما يحيط بها... وصولا إلى التشويق الذي وفّره الكاتب للقصة. هذه العناصر مجتمعة أكسبت العمل مصداقية دفعت المشاهدين إلى متابعته وبالتالي نجاحه جماهيرياً.

من فاز في المنافسة الرمضانية هذا العام؟

استمر مسلسل {لعبة الموت} طيلة شهر رمضان في المرتبة الأولى، ولكن في نهاية الشهر الفضيل فضّل الجمهور مسلسل {سنعود بعد قليل} الذي كان أساساً من ضمن المراتب الخمس الأولى المتنافسة، وحظي بصدى إيجابي وكسب محبة الناس.

لم يجذب مسلسل {العائدة} الاهتمام اللبناني على عكس ما فعل في الأردن وسورية، ما السبب؟

لا يكفي توافر عناصر جيدة في العمل لينجح، بل يجب تأمين جهة تسويقية صحيحة وسليمة، ولهذه الأمور أربابها ودراساتها. برأيي لم يكن توقيت المسلسل موفقّاً، لأن موعد الثامنة والنصف في لبنان مخصص للمؤسسة اللبنانية للإرسال، كما هو معلوم، مهما كان البرنامج المعروض، لذا جاء التوقيت بمثابة هدية مجانية للقيمين على البرمجة في المؤسسة اللبنانية للإرسال، فلو قررت شاشة {الجديد} عرض المسلسل عند التاسعة والنصف لشكل خطراً على صعيد التنافس. كذلك تزامن مع الإفطار، وبالتالي لن يتفرّغ الصائم لمتابعة التلفزيون، فانحصرت المشاهدة بغير الصائمين.

ما تأثير لعبة المنافسة والإحصاءات بين الشاشات على الدراما؟

 سلبي، ويجب ألا تكون هذه اللعبة أساساً برأيي، لأننا نحن من يتحمّل تبعاتها. عندما يكون الهدف البناء والتأسيس يجب أن تسود روح التعاون لا التنافس الذي يأتي في مرحلة لاحقة. الدليل أننا لا نلمس أي تنافس في مصر لذلك ينجحون، فيما نسعى في لبنان إلى احتلال المرتبة الأولى للترويج لأنفسنا وضرب الآخرين.

ما رأيك بمستوى الأعمال المصرية والسورية؟

اعتبر أن المصريين والسوريين هم صانعو الدراما بامتياز، لأنهم لم يسمحوا للظروف القاهرة التي تواجههم بأن تحدّ من عملهم، بل وجدوا ساحات ملائمة للتعبير عن أنفسهم. أما نحن، فنقف عند أول مشكلة تعترضنا، ولا نعرف كيفية استغلال تاريخنا ومعاناة شارعنا في الحروب، فيما يعبر العرب عن قضاياهم في أعمالهم.

لماذا؟

في الماضي عانينا في لبنان من قمع مبالغ فيه إنما تغير هذا الواقع راهناً ولم يعد الخناق مشدوداً، لكنّ الشعب ظلّ يعتبر نفسه مقموعاً. وعندما تم الانتباه إلى هذا الأمر، كان الأوان فات لأن الناس لا يرغبون في تذكّر الماضي. وبرأيي وقع مسلسل {وداعاً} في هذه الغلطة كونه أحيا ذكرى سقوط الطائرة الأثيوبية بعد مرور ثلاث سنوات على الحادثة، فكان الوقت المسمار الأول في نعشه.

كيف تقيّمين التعاون بين لبنان ومصر وسورية على صعد الإنتاج والكتابة والإخراج؟

بادرة خير وخطر في آن، لأن الدراما اللبنانية في دائرة الخطر أساساً، وما دامت مستمرة بهذه القلة فلن تتقدم، وستراوح مكانها. لذلك أرى في الدراما المشتركة أملاً لانطلاقتنا، خصوصاً بعد انتشار نجومنا اللبنانيين في الخارج والتعامل معهم كأي نجوم عرب من دون تفرقة.

ما الذي مهّد لفتح الأبواب العربية التي كانت موصدة أمام الممثل اللبناني؟

ما زالت الأبواب موصدة بوجه العمل اللبناني الصرف الذي لا يعرف كيفية تسويق نفسه في الخارج، لأن المنتجين لم يجدوا القطبة المخفية بعد لخرق الأبواب والدخول. الأمور أسهل مما يتصور هؤلاء، وترتكز على صرف الأموال، فالمنتج اللبناني لا يدفع للكاتب والمخرج أجوراً ترضيهما، بينما يصرف المنتج العربي بسخاء ما يسمح له بتقديم مستوى معين يمهّد له طريق الانتشار.

ماذا عن توقيت الانطلاق في الأعمال المشتركة؟

يعود إلى تفاعل مواقع التواصل الاجتماعي التي عززت العلاقة بين العرب، وساهمت في التقارب الاجتماعي بينهم وكسرت حواجز المسافات، وباتت الدراما تعزز التواصل والتقارب وتعبّر عنهما.

هل تابعت الأعمال الرمضانية؟

لم أستطع متابعتها بشكل مكثف، لانهماكي بمنتجة حلقات {العائدة}، لكنني أتابع الإعادة لمسلسل {سنعود بعد قليل}. بالنسبة إلى {نكدب لو قلنا ما منحبش} فشاهدت بعضاً من حلقاته، هو مسلسل جميل والقصة رائعة خصوصاً مع وجود يسرا، فضلاً عن أن مشاركة النجوم اللبنانيين ورد الخال ورفيق علي أحمد وكارلا بطرس، جاءت مشابهة لمستوى مشاركة المصريين وليس أقل منها.

لكنه لم يحقق نسبة مشاهدة مرتفعة في لبنان.

 للأسف، كان توقيته غير مناسب كما لم يستطع تلفزيون {المستقبل} الذي أكن للقيمين عليه الاحترام والمحبة، كسب نسبة مشاهدين مرتفعة، علماً أن هذه الشاشة اختزلت سابقاً شهر رمضان لكنها تراجعت ليسبقها الآخرون، لذلك أعتقد أنه لو عرض هذا العمل عبر محطة أخرى لنال صدى أكبر.

حكي عن أعمال حققت نسبة مشاهدة مرتفعة رغم أخطائها الإخراجية والإنتاجية، فهل يمكن ذلك؟

أكيد، ففي السنة الماضية حقق مسلسل لبناني نسبة مشاهدة مرتفعة رغم أخطائه، لأن الجمهور تمتع بهذه الأخطاء التي شكلت مادة دسمة للمناقشة. فضلا عن أن فترة العرض تؤدي دوراً، كأن لا يعرض عمل منافس في التوقيت نفسه عبر شاشة أخرى، مثلاً.

هل صحيح أن الاستعانة بمخرجين عرب سببه غياب طاقات بشرية محترفة في لبنان؟

عندما استلم مخرج لبناني مسلسلا من إنتاج عربي ضخم برع فيه، وعندما أحضروا المخرج السوري البارع في بلاده إلى لبنان، فشل. هذا دليل على أن المشكلة ليست في أداء المخرجين اللبنانيين بل في الإنتاج والموازنة. رغم قلّة المخرجين في لبنان وعدم الإفساح في المجال أمام انطلاق مخرجين جدد، نتميّز بحرفيتنا التي مكنتنا من خرق الأسواق العالمية في الإعلانات وبرامج المنوعات والـ {توك شو}، فلماذا لا نحقق هذا الأمر في الدراما؟

هل حققت رؤيتك الاخراجية؟

لا، بسبب غياب التمويل. العمل الوحيد الذي حققت فيه 60% من رؤيتي هو مسلسل {قضية يوسف}. مع الإشارة إلى أن مسلسل {العائدة}، نافس الأعمال الضخمة واحتلّ المرتبة الأولى في الأردن وسورية، رغم إمكانات الإنتاج المحدودة،

أي مصير تتوقعين للدراما اللبنانية في ظل توجه الممثلين اللبنانيين نحو الأعمال العربية؟

اللبناني بطبعه مناضل ولن يسمح بإلغاء الهوية اللبنانية، بل سيجذب المنتجين العرب لتقديم أعمال لبنانية وتمويلها مثلما حصل في مسلسل {جذور}.

من أفضل سيناريست لبناني برأيك؟

جميعهم، لأن السيناريست الناجح في لبنان لا بد من أن يبدع في الخارج مثل كلوديا مرشليان، ذوق اللبنانيين صعب وهم يميلون إلى النقد أكثر من المديح، في سعي إلى الكمال في العمل.

من الممثل العربي الذي سرق الأضواء هذا العام؟

عابد فهد طبعاً لأنه اجتهد وحصد نجاحه، بعد أدائه ثلاثة أدوار بطولة مختلفة.

من الممثل العربي الذي تودين أن تصوري معه عملا؟

قصي خولي، فهو  خطير ويتلوّن بالأدوار كافة وينجح، ويستفزني لأنني أعمل مع الممثل على استخراج طاقاته الدفينة، لذلك أرى أنه صاحب طاقة كبيرة، وأستطيع استخراج تفاصيل ما زالت عالقة في داخله.

هل تختلف العين الإخراجية بين مخرج وآخر؟

العين الإخراجية واحدة لكن الأسلوب يختلف وفق كل مخرج وشخصيته، فما يميّز عملي هو تنظيمي للأمور وترتيب الشخصيات بلباسها وشكلها، مهما كانت فقيرة أو مريضة، إذ أفضّل أن تبدو جميلة ومرتبة. وما يميّز سمير حبشي مثلا هو جو القرية الذي نراه في أعماله.

ما رأيك بالأفلام السينمائية اللبنانية؟

ثمة محاولات في هذا الإطار أتمنى أن تتحول إلى صناعة. برأيي عندما خفّ عمل مخرجي الكليبات حاول هؤلاء إيجاد مكان لهم في السينما، لذلك أتمنى أن ينجحوا لأن من شأن ذلك أن يمهد الطريق لنا أيضاً.

ماذا عن المسلسلات المقتبسة من أفلام سينمائية؟

محاولة لا بد من تشجيعها بدلا من انتقادها أو النظر إليها بسوء، لأن المنتج يردّ من خلالها أمواله ويربح قليلا، ما يحمّسه لتقديم عمل جديد.

ماذا تحضرين بعد {العائدة}؟

أنا في فترة استراحة بانتظار أول منتج عربي يعرض عليّ عملا يخوّلني التعبير عن رؤيتي الإخراجية بشكل كامل بدلا من التنازل عن بعض الأمور لغياب التمويل الكافي. من جهة أخرى أقرأ نص مسلسل سوري صرف، لكنني لم أقرر بعد ما اذا كنت سأقبل به.

هل تقلقين من المستقبل في ظل تزايد الإنتاجات العربية المشتركة؟

أتلقى دائماً العروض الأولى من المنتجين، سواء في لبنان أو في العالم العربي، لذلك لا أخشى على مستقبلي، لكنني أنتظر العرض الأفضل.

هل ندمت على رفض عروض معينة؟

 رفضت في السنوات الأخيرة ثلاثة أعمال عربية بسبب ارتباطي بأعمال أخرى، لكنني ندمت لاحقاً عندما شاهدت كيفية تنفيذها بمستوى انتاجي ضخم، وشعرت بضرورة استمهال خياري قبل الرفض.

وعلى إخراج {العائدة}؟

 بل أنا فخورة بهذا العمل الذي فاز بثلاث جوائز. جميل أن نحلم بالإنتاج اللبناني، لكننا نضطر، للأسف، إلى التنازل عن أحلامنا.

 

back to top