العالم يعيش ثورة صناعية جديدة تقودها شركات ناشئة وهواة في فضاء القرصنة
قبل سنوات قليلة فقط، كان الأمر يحتاج إلى امبراطورية مؤسسية من أجل تصميم وصنع وتسويق جهاز يغير قواعد اللعبة مثل «آيفون» من شركة أبل. ولكن يوجد اليوم المزيد من الأمل والإثارة في أن يتولى هذا العمل منتجون صغار ولأسباب وجيهة.
سمحت التحولات الكبرى في عمليات تصميم وانتاج الأجهزة «لحركة الصانع» «maker movement» بالنضوج بوتيرة سريعة. وقد يأتي الجيل الجديد من الأجهزة الرائعة من قبل شركات حديثة العهد.قبل سنوات قليلة فقط كان الأمر يحتاج الى امبراطورية مؤسسية a corporate empire من أجل تصميم وصنع وتسويق جهاز يغير قواعد اللعبة مثل «آيفون» من شركة أبل. ولكن يوجد اليوم المزيد من الأمل والاثارة في أن يتولى هذا العمل منتجون صغار ولأسباب وجيهة.
لاحظ العديد من الناس حدوث تحول في عالم الأجهزة وظهور شركات جديدة وصغيرة. ويتحدث كريس أندرسون في كتابه بعنوان: «الصناع: الثورة الصناعية الجديدة» Makers: The New Industrial Revolution عن صعود «حركة الصناع». كما يذكر بول غراهام في مقالة حديثة «نهضة الأجهزة» «The Hardware Renaissance» وجود 7 من أصل 84 من الشركات حديثة العهد «واي كومبيناتور» في مرحلة انتاج جديد ومبتكر. وقال اريك شونفيلد على موقعه إن الأجهزة الملموسة والمتطورة هي سلسلة البرامج الجديدة «Hardware is the New Software».تحسين السعرويتم تحريك التطورات في فضاء الأجهزة والأدوات بشكل جزئي من خلال تحسين سعر وأداء التقنية. والسلع المصنوعة، مثل الطابعات الثلاثية الأبعاد وقاطعات الليزر، أصبحت في متناول المستهلكين. ويكلف السعر الابتدائي للطابعة الثلاثية الأبعاد أقل من 1000 دولار، كما أن مكونات منتجات الأجهزة – مثل المحركات وأجهزة التحكم والأدوات التي تساعد الحواسيب على التفاعل مع العالم المادي – تزداد قوة وتتوافر امكانية شرائها أيضاً.وعلى جبهة البرامج توجد برامج «كاد» المتوافرة بأسعار متواضعة أو بصورة مجانية وتوجد حتى تطبيقات تستخدم آلة تصوير الهاتف الخليوي من أجل التقاط صور ثلاثية الأبعاد لأشياء يمكن طباعتها بشكل ثلاثي الأبعاد.وقد ساعدت عناصر البنية التحتية أيضاً منتجات الأجهزة الجديدة على التقدم من حقل الهواية الى مرآب الشركات الحديثة العهد. وفي الماضي كان الحصول على اهتمام أحد المصنعين يتطلب منك الالتزام بإنتاج كميات كبيرة – مثل 50000 وحدة أو أكثر– غير أن طبقة جديدة من المعامل – وفي الغالب في الصين والمكسيك – سوف تقوم بتصنيع كميات قليلة تصل الى 5000 وحدة. ومن خلال تلبية هذه الطلبات المتدنية الحجم ملأت هذه المعامل فجوة بنيوية مهمة في السوق: فهي تسمح للمتعاقدين بطرح منتجات جديدة الى مجموعات صغيرة من المستهلكين من خلال استثمارات قليلة. واضافة الى ذلك فإن مصادر التمويل الجديدة مثل «كيكستارتر» وأقنية التوزيع اون لاين، التي تبيع منتجات بكميات متدنية، قد خفضت من حواجز الدخول.منتجات جديدة وقد وفرت هذه التطورات المكونات المناسبة للنموذج الكلاسيكي للابتكار: البدء بتوفير منتجات جديدة الى سوق حديث ثم الارتفاع لإزاحة منافس أكبر. كما أنها فتحت الباب أيضاً أمام شركات جديدة تستطيع تحقيق أرباح مجزية، وفي وسع الأفراد أو فرق التصميم الصغيرة تصميم منتجات ملائمة في أقسام مربحة خارج السوق مع تفادي التكلفة في التخزين والتصنيع.ولكن لم يتم تحريك التقدم في الأجهزة أو دفعها من خلال التقنية والبنية التحتية فقط. فقد كانت «حركة الصناع» مدفوعة من خلال ازدهار المواهب. وقد شاهدنا ظهور ما نطلق عليه فضاء الخلق: المجتمعات والشبكات والثقافات التي تشجع على التعلم والتحسين. كما أننا لاحظنا هذه الظاهرة في العديد من الحقول التي تشمل الفنون والألعاب المهنية والرياضات –حقول حيث الناس يكافحون من أجل القيام بأشياء لم يسبق القيام بها – وفي ما يلي البعض من العناصر الشائعة التي عثرنا عليها ضمن الفضاءات السالفة الذكر:• مشاركون عاطفيون: يجتذب فضاء الابتكار المتحمسين العاطفيين الذين يبحثون عن سبل من أجل تحسين مهاراتهم. وفي دنيا الأجهزة تعني ديمقراطية التقنية التي شهدناها ليس توافر الأدوات الى مزيد من الناس فحسب، بل الى أشخاص مختلفين بشكل أساسي ايضا. ولدى الهاوي العاطفي أسلوبه المختلف ازاء حل المشاكل وبطريقة تختلف عن فرق تطوير المنتجات. وتسعى هذه الفئة الى مواجهة تحديات وخوض غمار المجازفة والتجارب مع وجود مزيد من امكانية الفشل. وبدلاً من الحصول على متطلبات من ادارة التسويق فإن هذه الفئة تعمل على حل المشاكل التي تواجهها بشكل فعلي والتي تمثل وصفة من أجل بلوغ أفكار رائعة.• المجتمعات المحلية: تحتشد مجموعات المشاركين العاطفيين في التجمعات المحلية ( فرق النشاط والأندية وغيرها) ومعظم التعليم في حركة الصناع يتم في فضاء القرصنة. وهذه البيئة تشبه الأندية الرياضية – عضوية شهرية تعطي المستخدمين فرصة الوصول الى معدات مثل طابعات ثلاثية الأبعاد وقاطعات الليزر الى آخر ما هنالك اضافة الى المدربين الذين يعملون على تحسين المهارة ويتبنى القراصنة في هذا الفضاء بصورة عامة المثل المفتوحة المصدر ومشاركة المعرفة وكلاهما يسهم في تسهيل التعلم.• المشاركة العالمية: يعمل فضاء الابتكار الأشد قوة على تطوير بيئة حيث المجتمعات في شتى أنحاء العالم تتشاطر وتدرس سبل التحسين والأساليب لدى الآخر. والمنافسات والمؤتمرات (مثل معرض الصناع) والمواقع الافتراضية مثل المنتديات ويوتيوب توفر الفرص لتعلم ما يقوم به الآخرون. كما أن المواقع مثل تينغيفرس دوت كوم تسمح للمصممين بتحميل ملفات من ملحقات باربي الى كوادكوبترز لتمكين مصممين آخرين من تحميلها وتعديلها واعادة نشرها. ونتيجة آلية هذه المشاطرة الدولية هي شبكة لامركزية من المصممين الذين يتشاطرون بسرعة التحسينات في المجتمع الدولي.ومع قيامنا بدراسة فضاء الخلق الذي تطور حول «حركة الصناع» تأثرنا بطريقة تعلم الناس بصورة طبيعية لمهارات جديدة. وفي مقابل ذلك يذكر العديد من المديرين التنفيذيين الذين تحدثنا اليهم تطوير المواهب والابتكار على شكل أولوية قصوى، ولكن التقدم يظل كفاحاً في كل ما يتطرقون اليه. ويتمثل جزء من المشكلة في أن البنى التأسيسية وثقافات الشركات تحد في الواقع من الارتباط والاستكشاف والارتجال الذي يجعل من الممكن تحقيق التعلم والابتكار.وفي ما يلي ثلاثة أسئلة يتعين على المديرين التنفيذيين طرحها على أنفسهم من أجل تحسين أداء شركاتهم:- كيف أستطيع تصميم بيئة عمل تغذي وتعزز العاطفة نحو تحسين التعلم والأداء بين العمال؟- كيف أستطيع تحسين استخلاص الخبرة من الموظفين لدي؟- كيف أستطيع بناء علاقة مع صناعتي بحيث تسهم في تسريع التعلم بدلاً من الوصول الى الخبرة القائمة فقط؟* (مجلة فورتشن)