ما جدوى خلاف الصدر ونصر الله حول سورية؟

نشر في 22-06-2013 | 00:01
آخر تحديث 22-06-2013 | 00:01
 د. عماد الدين الجبوري تسربت لوسائل الإعلام بعض الأخبار الخفية عن بروز خلافات حادة أخذت تستعر في الآونة الأخيرة بين رئيس التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر وأمين عام "حزب الله" اللبناني حسن نصر الله بسبب المشاركة في القتال داخل سورية. وعلى ذمة المصادر الرفيعة من "التحالف الوطني" فإن هذه الخلافات وصلت إلى درجة الشتم والاتهامات بالعمالة والخيانة.

وكذلك أشار قيادي بارز في التيار الصدري، دون أن يكشف عن اسمه، إلى أن الخلافات مع نصر الله بلغت مستويات خطيرة وعدائية عندما رفض الصدر إرسال مقاتلين إلى سورية بطلب من "حزب الله".

كما أن "التيار الصدري" نجح في إقناع الكثير من مقاتلي "عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي المنشق عن "جيش المهدي"، الذراع العسكرية للتيار الصدري، بالعدول عن الذهاب إلى سورية بدعوة من قيادة "حزب الله". مما أدى إلى غضب الأخير وبدأ يشن حملة اتهامات خيانية ضد الصدريين، من بينها رسائل من نصر الله إلى الصدر بهذا المعنى الواضح.

وبما أن الموقف العام بالنسبة إلى المراجع الدينية في النجف، وأيضاً الأطراف السياسية داخل "التحالف الوطني" تعارض أي تورط قتالي في سورية، فإن المسؤول الصدري يرى أنه من "غير المسموح لنصر الله بفرض رأيه على المراجع السياسية والدينية الشيعية في العراق"، بل إن هذا المسؤول قد اتهم نصر الله بأنه "يريد تدمير ما تبقى من الوحدة الوطنية العراقية التي هي أصلاً تواجه بعض المخاطر، لأن الزج بالجماعات العراقية الشيعية في الحرب السورية، معناه تعريض 30 مليون عراقي لحرب أهلية طاحنة، وبالتالي... إذا كان هو يجازف بلبنان فليس مسموحاً له أن يجازف بالعراق".

وهنا نود أن نطرح بعض الأسئلة التالية:

إذا كان بمقدور مقتدى الصدر أن يرفض رسائل حسن نصر الله، فهل باستطاعته فعل ذلك مع خامنئي؟ وإذا أشار الصدر في أكثر من مرة عمّا يواجهه من ضغوطات إيرانية تجبره على تغيير مواقفه. فهل سيواجه الحتمية نفسها؟ أم أنها ستختلف... وكيف؟ وماذا عن كاظم حائري، المرجع الديني للتيار الصدري، إذا أفتى بجواز القتال داخل سورية... وحائري في إيران أصلاً؟!

لا نود استنباط الأجوبة عقلياً أو منطقياً وفق المعطيات الموجودة، لكن نروم إلى تشخيص أمر مهم آخر من خلال ما تسرب من تلك الأخبار، حيث يشير القيادي في التيار الصدري إلى أن خطة نصر الله كانت تهدف إلى تشكيل جيش ميليشياوي شيعي يزيد على 110 آلاف مقاتل يكونون تحت إمرته حسب الاتفاق مع القيادتين الإيرانية والسورية. فكان يُراهن على انضمام "جيش المهدي" الذي يبلغ تعداده أكثر من 60 ألف مقاتل، وهو يُعادل ثلاثة أضعاف تعداد مقاتلي "حزب الله"، لكي يتمكن من التغطية الميدانية داخل سورية من ناحية، وأن يُحافظ على مواقعه تجاه إسرائيل من ناحية أخرى.

وبما أن عدد العراقيين الشيعة الذين قتلوا نتيجة مشاركتهم بالقتال داخل سورية وصل إلى 12 قتيلاً حتى الآن، وأن الفترة الزمنية تُعتبر طويلة قياساً لهذا العدد القليل جداً. إذن فإن الجواب العقلي والمنطقي لهذا الوضع هو إن العراقيين الشيعة ليست لهم القناعة أو الدافع الحقيقي الذي يحملهم على القتال الدائر بين السوريين. وهذا بحد ذاته يشكل حرجاً لدى القيادات الطائفية في "التحالف الوطني" الحاكم، وبالتالي تجدها مضطرة للاعتراض على المشاركة في القتال السوري الداخلي.

وعليه فعلينا ألا نعول على خلافات نصر الله والصدر، ولا نرتكن إلى موقف الأخير، إذ لا جدوى حقيقة منها؛ لأنهما صنوان لإيران. وإنما نعول على موقف الذين يرفضون زجهم بالقتال السوري. فموقف هؤلاء العراقيين يعني بالنسبة لنا: أنهم  يمتلكون الإرادة أولاً، وتبيان الوعي حيال هذا الشرك الدموي ثانياً... وكشف لمعدن عروبتهم ثالثاً.

back to top