مفهوم خاطئ يجب تغييره

نشر في 31-08-2013
آخر تحديث 31-08-2013 | 00:01
 أحمد الفقم العازمي انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة المشاجرات بين الشباب في المجمعات والأماكن العامة وما يتبعها من أفعال متهورة تصل إلى حد الطعن بالأسلحة البيضاء أو إلحاق أضرار جسيمة بين الأطراف المتشاجرة، وصحفنا اليومية تشهد على كثرة هذه الحالات التي أخذت تزداد بين الفينة والأخرى.

والغريب في الأمر أن أغلب هذه المشاجرات التي عادة ما تبدأ بين شخصين فقط، ثم سرعان ما تكبر لتشمل مجموعات من الشباب تحدث لأسباب تافهة جداً لا ترقى إلى مستوى العراك والاعتداءات الجسدية، فكثيراً ما تنشأ "المعركة" الشبابية بسبب "الخز" فيلتقي الشاب بنظيره الذي كان يحدق فيه ليوجه إليه السؤال المعروف والذي يعتبر بمنزلة بداية المعركة وهو "ليش تخز؟!"، ثم تنطلق شرارة المعركة لتنتهي بدماء تسيل بين الطرفين وجروح وكدمات، بل الأدهى والأمر أن بعضها وصل إلى حد القتل بسبب "ليش تخز".

والأعجب من ذلك كله هو اعتقاد الشباب الذين يقومون بهذه الأفعال أن ما قاموا به هو الرجولة بكل معانيها، وأنهم إذا لم يدخلوا في شجار وعنف جسدي مع غيرهم، ولو كان على أتفه الأسباب، فإن ذلك يمثل نقصاً في رجولتهم! فهم ينظرون إلى الرجولة بأنها إبراز القوة واستخدام العنف مع الغير، وهو بلا شك مفهوم خاطئ لمعناها يجب على الشباب تغييره.

إن الرجولة الحقيقية هي في حسن التصرف في الأوقات الحرجة والصعبة ووزن الأمور بميزانها الصحيح، وهي أيضاً تتمثل في السلوك الحسن مع الناس وكتم الانفعالات لإبعاد النفس عن أمور لا تحمد عقباها، فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان (أرجل) البشر وأحسن الناس خلقاً، رغم أنه لم يعرف عنه أنه تشاجر أو دخل في عراك مع غيره من البشر، وكذلك الصحابة الكرام كانوا رجالاً بمعنى الكلمة دون أن يتشاجروا أو يستخدموا العنف الجسدي.  

إن هذا المفهوم الخاطئ لمعنى الرجولة لابد له من وقفة جادة من قبل علماء النفس والتربية لتوعية الشباب بضرورة تغيير هذا المفهوم ليجنبوا أنفسهم وغيرهم مصائب لا تحمد عقباها، ولا يكفي فقط ضبط المتشاجرين وإنزال العقوبات عليهم، فهذه مرحلة تتم بعد وقوع الجريمة، بل ينبغي الحرص على إيقاف الجريمة المتمثلة بالعنف الشبابي قبل وقوعها، وهذا لا يأتي إلا من خلال التوعية والإرشاد من قبل أصحاب الاختصاص.

back to top