القرضاوي وكائنات ضحكت أخيراً

نشر في 09-03-2013
آخر تحديث 09-03-2013 | 00:01
 أنس محمود الشيخ مظهر هناك قصة في فلكلور شعوب المنطقة تقول إن الأسد ألقى نكتة على أسماع أهل الغابة، فضحك الجميع إلا كائناً من كائنات الله المعروفة، حيث ضحك أخيراً بعد أن فهم النكتة بعدة أيام... هذه النكتة تنطبق على بعض أعضاء ائتلاف "دولة القانون" التابعة لرئيس الوزراء العراقي.

فتصريحاتهم الأخيرة بخصوص زيارة الشيخ يوسف القرضاوي إلى كردستان العراق تثير الضحك والشفقة في آن واحد، ويظهر أن هؤلاء جلَّ ما تعلموه من الممارسة السياسية منذ تصدرهم المشهد السياسي في العراق حتى الآن هو إثارة الأزمات، وإن لم يكن للحدث السياسي الذي يستغلونه أي مبرر أو منطق.

فخبر زيارة القرضاوي إلى إقليم كردستان لم يكن بالخبر الجديد، بل مضى عليه ما يقارب الشهر، وحتى قبل أيام لم يصرح ساسة ائتلاف القانون وفطاحلها بأي تصريح حول رأيهم في الزيارة هذه لا سلباً ولا إيجاباً، وقبل أيام أصدرت رئاسة إقليم كردستان بياناً توضح فيه ملابسات الموضوع ونفت قيامها بتوجيه أي دعوة رسمية إلى الشيخ لزيارة كردستان، مؤكدة أن الموضوع كله لا يخرج عن كونه دعوة شخصية من قبل إعلاميين كردستانيين وجّهوها إلى الشيخ في إحدى زياراتهم لدولة قطر.

وفجأة، استفاقت كائنات دولة القانون من سباتها فور إصدار بيان النفي وبدأوا في سل سيوفهم من أغمادها متبارين مع بعضهم للخروج في الإعلام والتنديد بالزيارة التي "سوف" يقوم بها الشيخ يوسف القرضاوي للعراق، وليشددوا على وجوب منع الشيخ من زيارة العراق كونه شخصية غير مرغوب فيها... (مع أنه ليس هناك زيارة في الأساس).

الأمر يدعو إلى الضحك أليس كذلك؟... فلا نعرف هل كان أعضاء "دولة القانون" نائمين واستيقظوا فجأة ليسمعوا بهذا الخبر الذي نزل عليهم كالصاعقة، فأبوا إلا التصدي لهذا الخبر "المنفي أصلاً" بالبطولات المعروفة عنهم إعلامياً؟ أم أنهم قد فهموا النكتة متأخراً كما فهمها الكائن الذي ضحك أخيراً على النكتة بعد أن فطن إليها؟ أم أنها سياسة إثارة الأزمات للتغطية على الفشل، ما جعل المالكي يوعز إلى أزلامه بإثارة الأزمة هذه ولو متأخرين؟ أم أن المالكي أصبح يتخوف من أي تحرك من الجانب الآخر حتى لو لم تكن له أبعاد سياسية؟!

أنا من المقتنعين بالاحتمالات الثلاثة... لأننا نعرف مدى الخبرة السياسية "العالية" التي يتمتع بها ساسة المالكي ورجالاته، وخَبَرنا نضجهم السياسي منذ سنين، ونعرف أن قابليتهم السياسية متواضعة.

فالقرضاوي يعتبر من أكثر رجال الدين السنّة اعتدالاً، ومن أبرز رجال الدين الذين دعوا إلى التقارب بين المذهبين السنّي والشيعي. فإن كان المالكي يتعامل بهذا الصلف والمراهقة السياسية مع شخصية كهذه، فما بالك برجال الدين العراقيين الذين يعارضونه سياسياً كيف سيكون تعامله معهم؟ وإن كانت حكومة المالكي تعتمد على مواقف القرضاوي مما يحصل في دول الربيع العربي فأين ادعاءاته بأن العراق يقف على مسافة واحدة من جميع هذه الثورات ولا يتدخل في الشأن الداخلي للدول العربية؟ وأين ادعاءات المالكي بأن العراق هو دولة الديمقراطية والتعددية السياسية؟ فإذا كانت منطلقات الحكومات تحاكي ما قامت به الحكومة العراقية بمنع زيارات الشخصيات الدينية، فيجب منع الكثير من رجال الدين الشيعة في العراق من السفر إلى معظم بلدان العالم الإسلامي للمواقف السياسية العلنية لهم ضد شرائح عريضة في العالم الإسلامي.

مع أن حكومة إقليم كردستان قد نفت توجيه الدعوة إلى القرضاوي ورغم تحفظي عن الكثير من مواقف الشيخ القرضاوي خصوصاً مواقفه السلبية من معاناة الشعب الكردي في عهد البعث العراقي، فإنني ادعوها إلى البدء في دعوة الشيخ إلى كردستان لنؤكد للمالكي أنه لا مجال لرجوع بعث جديد برداء طائفي واختزال الدولة كلها في فئة سياسية واحدة وكأنها المتحكمة بمصير الشعب العراقي بكل أطيافه.

* كردستان العراق – دهوك

back to top