نادر بكار عدو الإسلام

نشر في 23-04-2013
آخر تحديث 23-04-2013 | 14:07
 باسم يوسف  الرجل يريدني أن أتوقف عن انتقاد الرئيس وجماعة «الإخوان» لأن «المشروع الإسلامي على المحك» هكذا قال.

سألته مبتسماً سؤالي المعتاد على هذا النمط المستفز من الخلط بين المفاهيم: «وأين هو المشروع؟»

فتلعثم الرجل وأجاب: «أقصد أن التيار الإسلامي على المحك».

كررت عليه: «المشروع تقصد أم التيار؟» فقال مستسلماً: «لا فرق بينهما».

قلت: بل الفارق بينهما في اتساعه يفوق ما بين السماء والأرض، لكنها للأسف تربيةٌ مشوهة غرست في قلوب أبنائها أنهم هم الإسلام ذاته، فجعلتهم، بتلقائية غير مصطنعة، ينظرون إلى بقية الناس دونهم نظرةَ المحتقِر الذي لا يصدق أن خيراً للإسلام يمكن أن يتحقق على يد غيره، فيُطمئن نفسه قائلاً: «لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ».

تصور أن الأفراد لا فارق بينهم وبين المنهج وتوهم أن انتقاد الخطأ -ولو بصورة علنية- طعن في المشروع الإسلامي ذاته.

(أفق من وهم أنك الإسلام)

يا ترى من هو الليبرالي ابن الليبرالي الذي كتب السطور السابقة؟ من العلماني عدو المشروع الإسلامي الذي تجرأ وتكلم بسوء عن الجماعة. 

كاتب السطور السابقة يا سادة هو السيد نادر بكار، هي مقتطفات من مقاله بجريدة «الوطن» «سأنتقدك لأنك لست الإسلام»، نادر بكار أو من كان يعرف بالفتى السلفي الذهبي هو بطل مقاطع فيديوهات تحمل عناوين مثل «نادر يمسح الأرض بفلان، نادر يحرج المذيع الفلاني، شاهد نادر وهو يحطم العلمانيين تحطيماً».

للأمانة لم يسع نادر لهذه العناوين بل وانتقدها علانية، ولكني فقط أذكركم كيف كان نادر يحتفي به «الإخوان» قبل السلفيين، فهو المتحدث اللبق المبتسم دائماً، قوي الحجة، حاد في المناقشة عند اللزوم.

لكني الآن أقرأ هذه السطور ولا أستطيع أن أقاوم الرد عليه بنفس عقلية «الإخوان» من عينة أنك ضد المشروع الإسلامي وضد الإسلام وضد الدين إلى آخر الاتهامات الجاهزة من جانب «الإخوان»، بل من جانب بعض القنوات السلفية، ولكني تراجعت بعد أن وجدت أن نادر تحت هجوم شديد من «الإخوان» بل ومن خلال هذه القنوات السلفية منذ فترة، بل إن خيالي الهزلي في تسميته عدواً للمشروع الإسلامي تحقق على أرض الواقع. فكما بهدلوا نادر على مواقع التواصل الاجتماعي لصورة جمعتنا سوياً في إحدى جلسات الاستماع للدستور، صبوا جام غضبهم على حزب «النور» لأنه تواصل مع جبهة الإنقاذ، وتفنن «الإخوان» ورموز الجماعة الإسلامية والقنوات الإسلامية في استخراج الآيات وتفصيلها على مقاسهم من عينة: «وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ»، هكذا، في عدة ثوانٍ تفتق ذهن المتاجرين بدين الله عن آيات وأخرجوها من سياقها، ليحولوا خلافاً سياسياً إلى ديني، وضد من؟ ضد حزب «النور» أكبر الأحزاب السلفية. 

لذلك، فلم أعد أتعجب حين يستخدمون هذا السلاح ضدنا، نيجي إيه إحنا العلمانيين الكفرة بجانب أصحاب الذقون السلفية؟.

أتذكر الآن الإشاعة التي خرجت بشأن نادر وصورة البطاقة المفبركة التي اتهمته بأنه عميل أمن دولة، قامت الدنيا ولم تقعد واعتبر الإسلاميون هذا عدواناً من النشطاء الليبراليين الكفرة وطبعاً عدواناً على الإسلام، ولكن منذ أسابيع حين خرج الشيخ عبدالمقصود أحد الأصوات السلفية المساندة للإخوان على قناة «أمجاد» ووصف نادر بكار «بالواد اللي بيحط جيل في شعره» «اللي بيقعد يضحك مع العلمانيين» بل زاد على ذلك، وقال إن نادر ورفاقه لم يكونوا على عقيدة قط وإن بدايتهم كانت بعد أن دُفِع بهم عن طريق أمن الدولة للتضييق على «الإخوان».

هل قامت قيامة الإسلاميين وهم يسمعون شيخاً سلفياً يتهم نادر ورفاقه بالعمالة لأمن الدولة؟ لا يا سيدي، فهذا خصام مقدس ولا تثريب عليه أن يطعن الرجل في شرفه، أليس هذا من أجل الإسلام؟

لا أدافع عن نادر بكار ولا حزب «النور» ولا الدعوة السلفية، فأنا أراهم جزءاً من منظومة أهانت الدين وأفسدت السياسة لإرضاء قواعدهم باسم الشريعة، لكنني، رغم خلافي مع نادر، لا أطعن في شرفه ولا أخرجه من الملة ولا أتهمه بأنه عدو الدين، للأسف هناك من يفعل ذلك ويظن أنه حارس للعقيدة أمين على الإسلام. 

حراس للعقيدة؟

لا تندهش، فجماعة «الإخوان» تعتبر نفسها هي السبب الأول والوحيد لرفع إثم هذه الأمة، وأنه لولاهم لرحم الله الإسلام، بل يدعون الله أن يتوفاهم على «الإخوان» لا الإسلام، أليس ذلك نصاً كلام صبحي صالح؟ فصبحي صالح ليس فقط أحد قياداتهم، بل هو من كتب التعديلات الدستورية ورأس حربة الجماعة في المعارك القانونية، فهو يعكس فكراً متأصلاً داخل الجماعة بأن لهم فضلاً على أمة الإسلام، ولا أقيس هنا على كلام صبحي صالح وحده، فقد وجدته في نقاشات كثيرة من أعضاء الجماعة، بل من خرجوا منها «بس لسة بيحترموهم»، ومنهم أحد الدعاة «الشهير بوسطيته» الذي قال لأحد من يناقشونه مرة إنه لولا «الإخوان» ماكنش اسمه حيكون محمد.

ولذلك فأنا أجزم أنه لا فائدة من النقاش والحوار مع هؤلاء، فكيف بالله عليك تستطيع تقريب وجهات النظر السياسية مع من يظنون أنهم ظل الله على الأرض؟ كيف تتناقش مع من يظن أنه منَّ عليك بالإسلام؟ ربما يسمعونك جيداً ويوحون إليك بأنهم سيأخذون آراءك في الاعتبار، ولكن الحقيقة أن الحوار بالنسبة إليهم هو كسب للوقت حتى يبسطوا سيطرتهم المقدسة علينا، فهم جنس أرقى، وليس لنا إلا أن نخضع.

اليوم يسمعون لنا ولا ينفذون، وغداً ستسمع أنت وتطيع.

وإن لم تفعل فاتهامك بعداوتك للإسلام جاهزة.

عملوها مع نادر، مش حيعملوها معاك؟

* ينشر باتفاق خاص مع «الشروق» المصرية

back to top