ما مشكلة تشاك هيغل الكبرى؟!

نشر في 06-01-2013 | 00:01
آخر تحديث 06-01-2013 | 00:01
No Image Caption
يواجه سيناتور نبراسكا السابق معارضة شرسة تعيق ترشيحه المحتمل لمنصب وزير الدفاع من جانب مؤيدي استعمال القوة العسكرية في واشنطن.
 Stephen Kinzer ما الشيء المشترك بين نبراسكا وإيران؟ هما لا تتشاركان في أمور كثيرة، لكن ثمة أمر كاف للتسبب بمشكلة كبيرة لسيناتور نبراسكا السابق تشاك هيغل: يبدو أن ترشيح هذا الأخير لمنصب وزير الدفاع يواجه تحديات صعبة بسبب جماعة الضغط النافذة التي كانت تدعو إلى قصف إيران بالأمس.

أنشأت إيران، حين كانت تجسد بلاد فارس سابقاً، أول إمبراطورية في العالم وأنتجت شخصيات أسطورية مثل سايروس وداريوس وزركسيس، وهي تُعتبر واحدة من أعظم واجهات الثقافة العالمية. في المقابل، كانت نبراسكا موطن الشعوب الأصلية طوال قرون. ثم أصبحت ولاية في عام 1867 وأنتجت شخصية أدبية مهمة هي ويلا كاثر، بالإضافة إلى المستثمر وارن بافيت الذي يُعتبر ثاني أغنى رجل في العالم.

لكن أنتجت نبراسكا أيضاً مقاتلين قبل ظهور تشاك هيغل بفترة طويلة، فقد وُلد ويليام كودي والجنرال جون بيرشينغ هناك.

أمضت جماعة اسمها "نبراسكا من أجل السلام" سنوات عدة وهي تشن حملة ضد القيادة الاستراتيجية الأميركية التي تسيطر على الترسانة الأميركية الاستراتيجية من قاعدة في أوماها. اليوم، ترفع هذه الجماعة على موقعها الإلكتروني شعار "لا تقصفوا إيران!".

هذا هو أساس الحملة ضد ترشيح السيناتور هيغل.

يحصل مؤيدو استعمال القوة في واشنطن على نفوذهم من جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل وهم يحاولون إعاقة ترشيح هيغل لأنه يشكك بصحة شن حرب أخرى في الشرق الأوسط. هم يستعملون ضده تصريحاً كان قد أعلنه منذ سنوات:

"التحرك العسكري ضد إيران، والخيار العسكري عموما، ليس خياراً عملياً أو واقعياً أو مسؤولاً".

هيغل محق تماماً. مثل عدد من الأميركيين المنطقيين، بمن فيهم بعض الدبلوماسيين المخضرمين في البلد، هو يتوق إلى بذل جهد حقيقي للتواصل مع إيران. لم يطبّق أي رئيس أميركي هذه المقاربة منذ انهيار عهد جيمي كارتر الرئاسي غداة أزمة الرهائن (باستثناء رونالد ريغان الذي حاول إرسال قالب حلوى ونسخة عن الكتاب المقدس إلى القادة الإيرانيين لكن من دون جدوى).

لا شك أن ما دفع هيغل إلى اقتراح مقاربة هادئة ومنطقية وحذرة تجاه إيران هي نظرته الخاصة عن العالم. هو واحد من الأشخاص القلائل الذين لا يتقبلون المبدأ السائد في واشنطن منذ قرن من الزمن: يجب أن تتورط الولايات المتحدة في كل زمان وفي كل مكان من العالم دفاعاً عن مصالحها!

يُقال إن هيغل كان "يغرّد خارج السرب" لأنه لا يظن أن القوة الأميركية تستطيع حل مشاكل الناس حول العالم. إنه موقف معاكس للتيار السائد فعلاً. يحاول الجميع، بدءاً من المسؤولين في البنتاغون وصولاً إلى منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إقناع الرئيس أوباما بعدم تنفيذ التزامه بسحب جميع القوات الأميركية من أفغانستان بحلول عام 2014. يظن هيغل من جهته أنها فكرة صائبة.

يهاجم البعض هيغل لأنه اعتبر أن ميزانية الدفاع "متضخّمة". نظراً إلى هذا التوصيف المثير للجدل، يتّضح كم ابتعدت واشنطن عن أرض الواقع. يشبه الأمر وصف مناخ الصيف في واشنطن بـ"الدافئ" أو اعتبار الكونغرس "منقسماً".

لكن تبقى إيران أكبر مشكلة بالنسبة إلى هيغل.

هو يريد معرفة ما إذا كان الاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران ممكناً، ولا شك أن هذا الاتفاق سيكون كابوساً بالنسبة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والمحيطين به. هم يظنون أن هذا الاتفاق سيهدد أمن إسرائيل، ولكنه سيقوم بعكس ذلك فعلياً: فهو سيخفف التهديد الذي تطرحه إيران من خلال إدراجها ضمن النظام الأمني للشرق الأوسط بدل دفعها إلى مزيد من العزلة والغضب.

من المعروف أنّ من يتحدى الأفكار التقليدية المتشددة يستحق حكم الموت في واشنطن. قد يؤدي هذا الوضع إلى انهيار فرص السيناتور هيغل، لكنّ رغبته في تحدي العقيدة السائدة بشأن إيران مترسخة في أعماق نبراسكا.

ثمة أميركي واحد فقط ضحى بحياته من أجل الديمقراطية الإيرانية. كان هاورد باسكرفيل شاباً مثالياً من نبراسكا، وفي عام 1907، تخرج من جامعة برنستون وقصد إيران للتعليم هناك، فوجد نفسه وسط ثورة ضد الاستبداد وكان يحمل في داخله شغفاً لقضية الديمقراطية.

رفض باسكرفيل الاحتجاجات التي أطلقتها القنصلية الأميركية المحلية وحوّل جماعة من طلابه إلى وحدة عسكرية، وفي 20 أبريل 1909، قُتل حين كان يقودهم في المعركة.

كان باسكرفيل يظن أن الدول يجب أن تختار مسارها بنفسها بغض النظر عن رأي القوى العظمى، وقام شخص مرموق آخر من نبراسكا بالمثل، وهو السيناتور جورج نوريس الذي صوّت ضد مشاركة الولايات المتحدة في الحرب العالمية الأولى وضد العضوية الأميركية في عصبة الأمم.

أخبر نوريس الأميركيين بأن الضغط باتجاه التدخل في شؤون العالم كان مشروع "صانعي الذخائر وسماسرة البورصة وتجار السندات". كما حذر من أن هذا الخيار "لا يوفر الازدهار لعامة الشعب والمواطنين الوطنيين".

يُعتبر هيغل شخصاً شعبياً وفق التقاليد الأميركية العظيمة، لطالما سعى إلى قول الحقيقة للوصول إلى السلطة، لكنّ هذا النهج لا يروق لأصحاب السلطة؛ لهذا السبب، أصبحت فرص ترشيحه مهددة قبل الإعلان عنها.

back to top