أحلام اليقظة... خطر يهدد الشباب

نشر في 31-12-2012 | 00:01
آخر تحديث 31-12-2012 | 00:01
No Image Caption
تتعدد الاضطرابات النفسية في مرحلة الشباب من بينها أحلام اليقظة، وهي هروب من واقع سيئ إلى آخر مغرق في الخيال، ويعتبر الخبراء هذه الاضطرابات أشد خطراً من مرحلتي الطفولة والمراهقة، وتحتاج إلى علاج مبكر ودور تربوي يعزز ثقة الأبناء بأنفسهم.
في دراسة أجراها حول أحلام اليقظة لدى الشباب، يلفت الخبير النفسي الدكتور محمد خطاب إلى أن مرحلة الشباب تتسم بتغييرات فسيولوجية، تبدأ في أواخر العقد الثاني من العمر وتمتد إلى الخامسة والثلاثين من العمر، يكتمل خلالها النضج أو يتأخر نتيجة مؤثرات أسرية أو اجتماعية، وتظهر مشكلات نفسية مثل القلق والاكتئاب والميل إلى العزلة والاستغراق في أحلام اليقظة.

يوضح أن ثمة اضطراباً نفسياً يبدأ في سن الشباب عندما يتدهور أداء الشخص في عمله وعلاقاته الاجتماعية، ويقلّ اهتمامه بنفسه لدرجة لا يلاحظها الأهل والأصدقاء. تعرف هذه الحالة بالفصام، ومن أعراضها  حدوث اختلال في الوظائف العقلية أي اضطراب في التفكير والإدراك والوجدان، عدم الإحساس بالذات، ضعف الإرادة، الانسحاب، الاختلال  في السلوك الاجتماعي والتوحد عن العالم الخارجي.

يضيف: «يمكن للطبيب التعامل مع تلك الحالة بعلاج وقائي وكيماوي ونفسي، منح المريض الشاب الثقة بنفسه ليتخلص من أوهامه وربطه بالواقع المعاش.

يتوافر علاج اجتماعي يهدف إلى تهيئة الأسرة إلى التعامل الإيجابي مع الابن وفهم طبيعة مرضه ومحاولة ربطه بالحياة العامة، وتحفيزه على ممارسة العمل والمشاركة في نشاطات اجتماعية مختلفة.

يؤكد خطاب أن طاقة الشباب تحتاج إلى حماية وتوجيه، وأن أكثر الحالات التي تتردد على العيادة النفسية هم شباب في مقتبل العمر، يعانون اكتئاباً وقلقاً ووساوس قهرية، لأسباب تتعلق بالعمل أو بمحيط الأسرة والأصدقاء، وقد يصل الأمر لدى البعض إلى فقدان الرغبة في الحياة والتعامل مع العالم الخارجي.    

يعزو خطاب المشكلات النفسية في مرحلة الشباب إلى الاصطدام بظروف عائلية صعبة، غياب الدور التربوي في تعزيز ثقة الأبناء بأنفسهم، معاملتهم بالأسلوب ذاته المتبع في مرحلتي الطفولة والمراهقة... تدفعهم هذه الأمور كافة إلى أحلام اليقظة والبحث عن عالم أكثر مثالية، والهروب من واقع مؤلم.

ينصح خطاب بضرورة اهتمام الأسرة والمجتمع بالشباب وتوجيه طاقاتهم نحو أنشطة إيجابية، تحفيزهم نحو التفوق وتحقيق الذات، تنمية مواهبهم في المجالات كافة. «يتطلب ذلك دوراً مشتركاً للمؤسسات الاجتماعية والأسرة، وتوفير رعاية كاملة سواء في العمل أو الأماكن المخصصة لممارسة النشاط الرياضي والثقافي والاجتماعي، واعتبار أن مرحلة النضج تعادلها احتياجات نفسية ووجدانية لا تقل عن المراحل العمرية السابقة».  

 

اضطرابات وأوهام

أحلام اليقظة أحد الاضطرابات التي يعمل فيها ذهن الشباب على تحقيق الرغبات وصولاً إلى نوع من الإشباع لا يمكن تحقيقه في الواقع، ومن أسبابها هبوط المستوى الوظيفي والدراسي إحساس الشاب بالعجز واهتزاز ثقته بنفسه، والاكتئاب الذي قد يتحوّل في بعض الحالات إلى مرض  نفسي مزمن.

وعن تجربة بعض الآباء مع أبنائهم المصابين باضطراب أحلام اليقظة، يقول محمد رمضان (محاسب): «لدي ثلاثة أبناء تخطى أكبرهم الخامسة والعشرين، لاحظت ميله إلى العزلة والصمت في المنزل، وإذا تحدث تفوّه بأمور خيالية لا تمت إلى الواقع بصلة، فيتعرض لسخرية شقيقيه، وعندما تناقشت معه، أدركت أنه يعاني مشكلات في عمله في إحدى الشركات، وأنه يلجأ إلى الأحلام كهروب من مواجهتها».

يضيف رمضان أنه أقنع ابنه بالذهاب إلى طبيب اختصاصي، وخضع للعلاج النفسي، وتعافى من اضطراب أحلام اليقظة.

يرى الخبير التربوي الدكتور وليد نادي أن مشكلات الشباب النفسية لا يمكن علاجها من دون معرفة أسبابها، وقد تحدث نتيجة قصور في التربية، إهمال الوالدين لابنهما الناضج عقلياً وجسمانياً، وإغداق الحنان والرعاية على أشقائه الأصغر سناً، ما يدفعه إلى تأكيد ذاته بشتى الوسائل، حتى لو كان عبر الاستغراق في أحلام اليقظة والهروب من واقع لا يعزز ثقته بنفسه.

يوضح نادي أن رعاية الشباب وحمايتهم من الأمراض النفسية والاجتماعية تتطلبان مؤسسات قادرة على التفاهم والحوار واحترام العقول الناضجة، ومسؤولية الأسرة والمجتمع في توفير مناخ ملائم لإبداع الشاب في المجالات المختلفة، واستثمار طاقته في العمل المتوافق مع ميوله وقدراته الذهنية والفسيولوجية.    

 ينصح نادي بتوفير الاستقرار النفسي للأبناء في مرحلة الشباب، عدم التفرقة، والابتعاد عن الاعتقاد الخاطئ بأن الابن البكر لا يحتاج إلى رعاية وحنان ودفء أسري، والذي يترك أثراً نفسياً سيئاً لديه، ويدفعه إلى العزلة والهروب إلى أحلام اليقظة والدخول في متاهة عالم افتراضي لا يمت إلى الواقع بصلة.

نصائح مهمة

يقدم الخبراء نصائح مهمة لحماية الشباب من الاضطرابات النفسية والهروب إلى أحلام اليقظة:

• توفير الاستقرار في محيط الأسرة والعمل على حل مشكلات الأبناء في مرحلة الشباب.

• الاكتشاف المبكر لإصابة الشاب باضطراب أحلام اليقظة وعرضه على طبيب اختصاصي.

• توجيه طاقة الشباب نحو العمل الإيجابي وتحفيزهم للتفوق والثقة بالنفس.

• لا يجوز للآباء الكف عن إغداق الحنان والاهتمام على الابن الشاب بحجة أنه تجاوز مرحلتي الطفولة والمراهقة.

• عدم مواجهة الاضطراب النفسي للشاب بالتأنيب كي لا يتحوّل إلى مرض مزمن.

• اهتمام مؤسسات المجتمع بتوجيه طاقات الشاب نحو أنشطة إيجابية.

back to top