التعبير عن الشكر والامتنان من ضروريات الحياة

نشر في 31-08-2013 | 00:01
آخر تحديث 31-08-2013 | 00:01
No Image Caption
أنزلت ابنتي قدميها الصغيرتين في الماء المليء بالفقاعات. وفيما كان هدير الطائرات يعكّر استمتاعنا بموسيقى الجاز الخافتة، سألتني: «هل يمكنني أن أحصل على زهرة أيضًا؟». وفجأة أدركت ما يحدث، كما لو أنني قرأته في عنوان إحدى الصحف الصفراء التي ملأت الرفوف الأمامية في مركز التجميل ذاك: هل أدفع 20 دولارًا (مع الزهرة المرسومة باليد) لتقليم أظفار فتاة في الثانية عشرة من عمرها؟ كيف حدث ذلك؟
قررت ألا أدلل أولادي كثيرًا. واستفضت بالحديث عن ذلك قبل أن أرزق بأولاد. رحت أطرح نظريات كبيرة ومثالية (ربما خلال تناولي الطعام في مطعم فاخر) عن أولاد اليوم وعن المبالغة في تدليلهم. ولا شك في أن كل مَن لم يرزق بأولاد بعد من الحاضرين وافقني الرأي. وطمأنت نفسي أن أولادي سيحظون برخصة عمل وهم في سن العاشرة أو يعيشون من الإعانات.

على غرار الحظر الذي فرضته على حبوب الفطور المليئة بالسكر، انهار كل تركيزي وحماستي في هذا المجال مع نهاية السنة الأولى. فخفّضت معاييري واكتفيت بالأساسيات، مثل الحرص على تنظيف أذانهم وتناول الخضار كل يوم. وبما أنني أعيش في مقاطعة أورانج في كاليفورنيا، أشعر بضغط كبير يدفعني إلى منح أولادي أمورًا لا يحتاجون إليها. حرمتني هذه المشكلة النوم: هل أعطي أولادي الكثير؟ أعرف أن الجواب «نعم». لذلك عندما أضع رأسي على الوسادة ليلاً، يتملكني خوف من أن يكبر أولادي ويصبحوا بالغين مدللين يعجزون عن شق طريقهم بمفردهم في الحياة.

مع كل جيل، يتبدّل أساس ما نعتبره «ضروريًّا». لم تكن أمي تدفع المال لتصبغ شعرها في مركز تجميل. ولا شك في أن أبي كان يفضل رمي ماله في النفايات على دفعه لعامل صيانة كي يغيّر له زيت سيارته. لكن هذه الأمور باتت، بالنسبة إلي اليوم، من الضروريات التي لا يمكنني الاستغناء عنها. صحيح أنني أعتبر تقليم الأظفار من مظاهر الرفاهية، إلا أنني أقصد مركز التجميل بانتظام وأصطحب ابنتي معي لأستمتع برفقتها ونمضي الوقت معًا، لا لأنني أعتقد أن هذا ضروري لها، لكني أظن أن تقليم الأظفار بات من الضروريات في نظرها، ويخيفني هذا الواقع قليلاً.

اقتحمت بحماسة غرف أولادي ورحت أجمع الأغراض وأضعها في أكياس وأنا أردد على مسمعهم (كما لو أن هذا خطأهم) أنهم يملكون أشياء كثيرة. ولكن هل هذه «الأشياء» أساس المشكلة؟ هل هذه «الأشياء» ما يفسد الولد ويجعله عاقًّا؟ اكتشفت أن تعليم أولادي الشعور بالامتنان والشكر لما يملكونه، سواء كان كثيرًا أو قليلاً، أفضل من وعظهم وإخبارهم أنني كنت أملك سروال جينز واحدًا حين كنت في مثل سنهم.

لا شك في أن الشعور بالشكر والامتنان أفضل علاج للولد المدلل. أردت أن تعرف ابنتي أنني أنفق المال على تقليم أظفارها لا لأنها تستحق التدليل ووضع قدميها في الماء ورسم زهرة على أصابعها، بل لأنني أقدّر الوقت الذي نمضيه معًا، ويبدو أن هذه طريقة ناجحة. فعندما كنا نهمّ بمغادرة مركز التجميل في ذلك اليوم، فاجأتني ابنتي وأفرحتني كثيرًا، حين عانقتني وقالت: «شكرًا جزيلاً يا أمي! أحب تمضية الوقت معك». نعم، فهمت ابنتي غايتي. أدركت ما هو حقًّا من الضروريات وعبّرت عن امتنانها بوضوح.

back to top