حبس مرسي... والملايين ترفض «الخروج الآمن» لـ «الإخوان»
البرادعي يدعو لنبذ العنف وشيخ الأزهر يطالب المصريين بالقضاء على الإرهاب
جاء قرار حبس الرئيس المصري المعزول محمد مرسي على ذمة التحقيق في قضايا تخابر، ليقضي على آمال جماعة «الإخوان المسلمين» في البحث عن خروج آمن، بعد أن احتشد ملايين المصريين الراغبين في محاكمة قيادات الجماعة ممن ثبت تورطهم في جرائم قتل.في خطوة تساعد في ترسيخ دولة القانون في مصر، قرر قاضي التحقيق المنتدب المستشار حسن سمير أمس الجمعة، حبس الرئيس المصري المعزول محمد مرسي مدة 15 يوماً احتياطياً، على ذمة التحقيقات التي تجرى معه، على خلفية اتهامه بالتخابر مع جهة أجنبية، ممثلة في حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، للقيام بأعمال عدائية في البلاد، والهجوم على المنشآت الشرطية والضباط والجنود، واقتحام السجون المصرية وتخريب مبانيها، ليلحق مرسي بسلفه حسني مبارك المحبوس على ذمة إعادة التحقيق في قضية قتل المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير.ويواجه مرسي اتهامات بوضع النيران عمداً في سجن وادي النطرون، وتمكين السجناء من الهرب، وهروبه شخصياً من السجن أثناء ثورة 25 يناير، وإتلاف الدفاتر والسجلات الخاصة بالسجون، واقتحام أقسام الشرطة وتخريب المباني العامة والأملاك، وقتل بعض السجناء والضباط والجنود عمداً مع سبق الإصرار، واختطاف بعض الضباط والجنود، وهي جرائم قد تنتهي بتوجيه اتهام الخيانة العظمى لمرسي يحصل بعدها على حكم بالإعدام شنقاً.وجاء قرار قاضي التحقيقات، الذي يقطع الطريق أمام المطالبين بعودة مرسي في الداخل والخارج، بعد أن أجرى تحقيقات مع مرسي واستجوبه وواجهه بالأدلة، وتوجيه الاتهامات إليه في الجرائم التي ارتكبها وآخرون، وكلف القاضي النيابة العامة بسؤال بعض الشهود إعمالاً للسلطة المخولة له بنص قانون الإجراءات الجنائية.وعلمت «الجريدة» أن إجراءات التحقيق مع مرسي تمت بشكل قانوني، وبحضور أحد المحامين للدفاع عن الرئيس السابق، وأن قرار حبس مرسي جاء في ثاني جلسة تحقيق، حيث أرسل قاضي التحقيق الأسبوع الماضي أحد رؤساء النيابة للاستماع إلى أقوال الرئيس المعزول على سبيل الاستدلال، وجاءت جلسة التحقيق الثانية أمس الأول الخميس، بواسطة قاضي التحقيق ذاته، والتي قرر فيها حبس مرسي. وفي أول رد فعل قال المحامي بالنقض أحمد فوزي لـ»الجريدة» إن إعلان قاضي التحقيق عن التهم الموجهة إلى الرئيس المعزول بادرة إيجابية للغاية، مشدداً على أهمية محاكمة مرسي محاكمة سريعة وعادلة، وألا يفلت من العقاب فيما أجرمه في حق المصريين.وأعربت جماعة «الإخوان المسلمين» عن رفضها للقرار، ووصف المتحدث الإعلامي باسم الجماعة جهاد الحداد، عبر حسابه على «تويتر» القرار بـ»المثير للسخرية» و»عودة إلى ممارسات النظام السابق»، في حين رفضت حركة «حماس» الزج بها في الشأن المصري. الخروج الآمنالضربة التي تلقتها جماعة «الإخوان» بسجن مرسي ضاعفت من خسائر الجماعة التي تواجه رفضا شعبيا متزايدا، وحاولت قيادات الجماعة وعدد من رموز تيار الإسلام السياسي الحديث مساء أمس الأول الخميس عن الخروج الآمن لقيادات الجماعة، بعد أن طرح رئيس الحكومة السابق هشام قنديل مبادرة تتضمن الإفراج عن جميع قيادات الإخوان فضلا عن وقف تجميد أموال الجماعة، إلا أن المبادرة لم تلق أي صدى لدى المؤسسة العسكرية أو القوى السياسية.وتستند تحركات قيادات الجماعة إلى تواصل اعتصام مؤيدي الرئيس المعزول أمام مسجد «رابعة العدوية»، شرقي القاهرة، وفي ميدان «النهضة» غربي القاهرة، من أجل تحسين شروط التفاوض.إلا أن مصدراً مسؤولاً قال إن مهلة 48 ساعة التي أعلنتها القوات المسلحة انتهت أمس (الجمعة)، دون أية مبادرات حقيقية من جماعة «الإخوان المسلمين» للتراجع والانضمام إلى الصف الوطني، لذلك ستبدأ القوات المسلحة بوضع خطة تعامل مع دعاة العنف والإرهاب.«لا للإرهاب»الرد الشعبي جاء واضحاً أمس الجمعة برفض الخروج الآمن لقيادات جماعة الإخوان، بعد أن امتلأت ميادين مصر بملايين المتظاهرين للمشاركة في مليونية «لا للإرهاب»، استجابة لدعوة وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي، الذي دعا الشعب المصري الأربعاء الماضي لتفويضه بمواجهة الإرهاب والعنف المحتمل. وحتى الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة، كانت الميادين شبه فارغة من المتظاهرين، إلا أن المشهد اختلف تماماً مع اقتراب ساعة الإفطار، ليحتشد الملايين في ميدان «التحرير» وعدة ميادين في المحافظات، لتكتظ بالرافضين للإرهاب السياسي الذي تمارسه جماعة «الإخوان المسلمين» وأنصارها منذ عزل مرسي. وشهد محيط ميدان «التحرير»، وقصر «الاتحادية» الرئاسي، إجراءات أمنية مشددة غير مسبوقة، وتزايداً ملحوظاً في أعداد خيام المعتصمين، للمشاركة في فاعليات مليونية «لا للإرهاب»، وجهزت قوات الأمن والقوات المسلحة حواجز معدنية مزودة بالأسلاك الشائكة لغلق الطرق المؤدية إلى الميادين، لتأمين المتظاهرين خوفاً من تهديدات أنصار المعزول بمهاجمة المتظاهرين السلميين، فضلاً عن تأمين مقرات البرلمان ومجلس الوزراء ووزارة الداخلية، والمنشآت المهمة والحيوية بوسط القاهرة.ودعا نائب الرئيس المصري للعلاقات الدولية محمد البرادعي، إلى نبذ العنف والالتزام بمبادئ العدالة والقانون وقبول الآخر، قائلاً في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، قبل ساعات من انطلاق تظاهرات أمس الجمعة: «في هذه الأوقات الصعبة يجب أن نستدعي قيما إنسانية مهمة: نبذ العنف، والالتزام بمبادئ العدالة والقانون، والتوافق المبني على قبول الآخر».واستبق الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب تظاهرات الجمعة بإصدار بيان مساء أمس الأول الخميس، خاطب فيه المصريين قائلاً: «هبّوا الآن لإنقاذ مصر مما يتربص بها وأنتم قادرون على تجاوز هذه الأزمة وهذه المحنة»، وطالبهم بالنزول «للقضاء على كل أشكال العنف والإرهاب والمخاطر التي تحدق -الآن- بالبلاد». وناشد الإمام الأكبر المتظاهرين الالتزام بـ»التعبير عن رأيكم بصورة سلميّة تامّة تليق بكم وبمصركم، انطلاقاً من وطنيتكم الخالصة، وأن تجمعوا صفوفكم وتصلحوا ذات بينكم وتوحّدوا كلمتكم وأن تنتبهوا لما يحاك بكم وبوطنكم».