حوار الطرشان: قيمة الإنسان العربي

نشر في 04-05-2013
آخر تحديث 04-05-2013 | 00:01
 فيصل الرسمان العربي له لسان وشفتان وأنف وعينان، كذلك الغربي له ما للأول، خلقهما الله في أحسن تقويم وسيردهما أسفل سافلين،

الأول يأكل ويشرب وينطق ويرى، والثاني يأكل ويشرب وينطق ويرى ويفكر.

متشابهان في كل شيء ما عدا القيمة، التي أعلاها العقل في الثاني، وانحدرت بها العاطفة التي أدت إلى تغييب العقل بالنسبة إلى الأول،

وبفضل العقل استطاع الإنسان الغربي أن يحافظ على آدميته ويدافع عنها، بحفاظه المستمر على الحرية بمفهومها الواسع، لأن الحرية هي المنشط الوحيد للعقل الذي يجعل الإنسان، أي إنسان، محترماً ذا قيمة.

أما الإنسان العربي الذي غُيب عقله من قبل الأنظمة المستبدة وأعوانهم الذين ينشرون الأساطير المنافية للعقل، لكي يمدوا في عمر الغيبة التي تم فرضها على عقل الإنسان العربي، جعلت قيمة الإنسان العربي تهبط في أسواق المجتمعات العالمية، وكلما زاد طغيان الأنظمة المستبدة وأعوانهم الجامدين هبطت قيمة العربي بشكل مروع.

وأنا والحال هذه سأتطرق إلى حادثتين تبينان لنا مدى التباعد الفج بين قيمة الإنسان الغربي المتربعة على القمة، وقيمة الإنسان العربي المنبطحة في القاع.

* الحادثة الأولى:

وجهت الولايات المتحدة الأميركية أصابع الاتهام إلى ليبيا، بل إنها ألصقت التهمة بها، بالنسبة إلى حادثة تفجير طائرة الـPAN M التي سقطت في منطقة لوكيربي في أسكتلندا، وقد بينت المعلومات لاحقاً أن ليبيا ليس لها دخل في هذا العمل التخريبي الجبان!

- المهم في الأمر، أن الطائرة المنكوبة كان على متنها 270 راكباً، استطاعت الولايات المتحدة أن تحصل لهم على تعويض مادي من الحكومة الليبية آنذاك بمبلغ قدره ملياران وسبعمئة مليون دولار، أي بواقع 10 ملايين دولار لكل ضحية على متن الطائرة.

* الحادثة الثانية:

The Black Water... لا أعلم ماذا أطلق عليها هل هي ميليشيا عسكرية، أم هي فعلاً شركة متخصصة ينحصر عملها في حماية الزعماء في العالم عن طريق التعاقد المباشر معها، المؤكد أنها آلة موت متحركة تأخذ من شرعية حراسة الزعماء غطاءً تبرر به قتل المواطنين الأبرياء.

وقبل سنين مضت قامت وزيرة الخارجية السابقة كوندليزا رايس، بالتعاقد مع شركة الحراسة تلك وقد بلغت قيمة العقد الموقع مليار دولار.

- المهم في الأمر أن الميليشيا قامت بقتل 17 مواطناً عراقياً بلا مبرر فقط لأنهم كانوا يسيرون في المكان الخطأ أو أن مكانهم أصبح خطأ بعد مرور المسؤول الأميركي، وقد قامت الشركة بتعويض أسر الضحايا بمبلغ 10 آلاف دولار عن كل ضحية.

* محصلة القول: يتضح لنا مما سبق وبشكل جلي أن قيمة الإنسان الغربي هي 10 ملايين دولار، بينما قيمة الإنسان العربي 10 آلاف دولار، وبعملية حسابية بسيطة، تكون قيمة الغربي 1000 ضعف قيمة العربي، بمعنى أن مليون إنسان غربي يعادل مليار إنسان عربي من حيث القيمة.

وأنا على يقين بأن قيمة الإنسان العربي ستكون معرضة للتراجع أكثر وأكثر، ما دامت الحرية بمفهومها الواسع مغيبة، وأقصد بالمفهوم الواسع هنا، حرية الرأي والفكر والمعتقد... والسلام.

back to top