«الشؤون»... في مهب الريح

نشر في 13-04-2013
آخر تحديث 13-04-2013 | 00:01
 يوسف سليمان شعيب في بداية الأسبوع الفائت طالعتنا الأخبار المحلية، أن وزارة الشؤون عازمة على إنشاء دار إيواء، عندما سمعنا هذه الكلمة "دار إيواء"، تبادر إلى ذهننا هذا التساؤل، هل بلادنا فيها مشردون؟ هل الكويت أصبحت مأوى للمتشرد والمتسكع والمتسول؟ فقلنا لننظر إلى الموضوع من ناحية إنسانية بحتة، فوجدنا أن الأمر به شيء من الرحمة والعطف والإحسان، حتى يصل ذلك المشرد والمتسكع إلى الحياة الكريمة التي تمكنه من العيش دون تشرد أو تسكع أو حتى تسول.

ولكن... فوجئنا عندما سمعنا ما وراء كلمة "دار إيواء" حيث الهدف من إنشاء هذه الدار إيواء الخدم الهاربين من منازل الكفلاء، فبدلاً من أن يذهبوا إلى سفاراتهم سيلجأون إلى دار الإيواء الحكومية، لتراضيهم وتغدق عليهم من خيرات البلد، كل ذلك خوفاً من جمعيات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية، متناسين أن هناك خدماً أدموا قلوب أمهات على فراق فلذات أكبادهم؛ كم خادمة كانت سبباً في مقتل طفل عمداً مع سبق الاصرار والترصد؟ كم خادمة كانت سبباً في دمار البيوت بسحرها الأسود؟ كم وكم وكم... أرقام وأعداد تتكلم عنها سجلات "الداخلية"، تأتي اليوم الحكومة بتكريم هؤلاء الخدم من خلال ذلك الإيواء بدلاً من أن تحاسبهم على ما اقترفت أياديهم، وكأنها تقول لكل خادم وخادمة إذا لم يعجبكم "المعزب وأهله"... "حياكم" في رفاهية الدولة.

لقد رأينا الكثير من الأفلام والصور والتقارير التي تثبت مدى قسوة بعض أولئك الخدم مع أطفال رضع، ومع كبار السن ومع ذوي الاحتياجات الخاصة، كما رأينا في بعض دول الخدم المعسكرات وأماكن التدريب من أجل أن تقوم الخادمة بأعمال تضر الأسرة.

نحن لا ننزه أفراد المجتمع، ولا نعمم كل ما سبق على الخدم، نعم هناك بعض الأشخاص الذين يعاملون الخدم بقسوة وشدة وقد يصل الأمر إلى الضرب، ولكن هذا لا يعطي الحكومة الحق ممثلةً بوزارة الشؤون في أن تنشئ مثل تلك الدار.

لن ندخل في الذمم، ولن نقول العملية وراءها منفعة مادية، ولن نقول إنها "ترضاية" لـ"سين" من الناس، ولكن سنحسن الظن بمن أتى بهذا المشروع، ونقول له هناك أسر كويتية متعففة أحوج إلى تلك الدار من الخدم.

وإن كان الهدف منها تحسين صورة البلد أمام منظمات وجمعيات حقوق الإنسان الدولية، فالأجدر بكم تحسين صورتكم مع المواطن الكويتي، من خلال حمايته من بائعي اللحوم العفنة، ومن خلال رفع المعاناة السكنية والصحية والتعليمية والأمنية وغيرها عنه، كان الأجدر أن تضعوا حداً لذلك الجشع التجاري والعقاري وانتهاك القوانين.

إيواء خدم لن يكون فيه منفعة للبلد أو المجتمع، بل سيكون تبذيراً لمال الدولة تحت غطاء إنساني مشبوه.

لماذا لم يتم التفكير في ذلك الكفيل الذي دفع المبالغ الكثيرة؟ لماذا تركتم ارتفاع أسعار الخدم بعد أن كان ٢٠٠- ٣٠٠ دينار، ليصبح اليوم ٦٠٠- ٨٠٠، والراتب من بعد ما كان ٣٠ أصبح اليوم ٦٠ و٧٠ ديناراً، ومنهم ١٠٠ و١٢٠؟ أين رقابتكم على هذا الارتفاع الجنوني؟

وهنا نوجه سؤالاً إلى "جمعية حقوق الإنسان الكويتية"، المواطن الكويتي بطبقاته ومستوياته المعيشية المختلفة أليس إنساناً له حقوق واجب عليكم المدافعة عنها؟ أين تحرككم في هذا الاتجاه، أم أنكم تكيلون بمكيالين "وعلى حسب المشتهى"؟!

ملف وزارة الشؤون كبير، وهناك الكثير والكثير والكثير الذي يجعلنا نتكلم ونبين الخلل الموجود في أروقة الوزارة وغيرها من المؤسسات الحكومية، نطرحه معكم وأمامكم لعل وعسى أن نجد مسؤولاً يقرأ ويسمع، ويطرح الله فيه البركة لخدمة البلاد والعباد.

back to top