ليبرالي و لا حرج!

نشر في 20-06-2013
آخر تحديث 20-06-2013 | 00:01
نعم لقد قتل الإنسان أخاه الإنسان
من أجل الدين
وظلم الإنسان
أخاه الإنسان
من أجل الدين
 صابر ملوكة تطلعت في وجه صديقي وفجأة سألته دون وعي: لماذا أنت ليبرالي؟

إن الليبرالية متهمة حاليا في مجتمعاتنا، ألا تخشى من ملاحقة المتنطعين لك؟

قال: أنا لا أخشاهم ولا أخشى ترهاتهم.

إن الليبرالية تحرر الإنسان من الخوف

أنا ليبرالي وأقولها بملء فمي

لأني ولدت حرا

وأرفض أن يكبلني الجهلاء بقيود من صنع أوهامهم

أنا ليبرالي

لأن الإنسان خلق حرا،

لم يكن فوقه عندما خلق سوى السماء

فأصبح يخضع في كل يوم لشيطان جديد.

كان حرا طليقا لا سلطان لأحد عليه.

فصار اسيرا لأطنان من العادات والتقاليد.

غلب على أمره من شياطين الإنس والجان

واستسلم للخرافات التي تمتهن عقله وتستبيح كرامته كإنسان.

نعم خلق الانسان حرا،

وكان جميع البشر سواسية.

فأشعة الشمس تشرق علي الجميع لا تفرق بين الانسان وأخيه.

لكن كان هناك دائما من يريد حجب اشعة الشمس

ليسود الظلام ويعم الخواء

وتموت الحرية.

قاطعته قائلا: ولكنهم يقولون إن الليبرالية ضد الدين!

قال: لأنهم لا يفقهون شيئا

إن الليبرالية ضد اساءة استخدام الإنسان للدين.

لقد عاش الانسان طويلا يتخبط في امواج الظلام العاتية.

قبل ان يشرق عليه نور العقل.

عاش وحيدا، أسيرا لضيق الأفق وفقر الإدراك.

ساد الجهل وساد الخوف وسادت الخرافات.

 فعبد الإنسان ما يخشاه، عبد ما يرجوه وما يتمناه.

وابتكر من الآلهة ما لا يعد ولا يحصى.

وفي يوم مشهود بزغ فجر العقل والضمير، وعبد الإنسان الله، الإله الواحد.

ثار العقل ضد اللاعقل، وثارت الحقيقة بوجه الخرافة

ثار دين التوحيد بوجه التعدد الوثني، وثار المنهج ضد الجهل.

ثار النور بوجه الظلمة.

وظن الانسان انه تحرر للابد من سلطان الخرافة وسيطرة الأشباح.

 وتخلص من عبث سكان العالم السفلي وتحكم أباطرة العالم العلوي.

ولكن هيهات.

ظهر نوع جديد من الأباطرة الطغاة.

وللأسف تم استغلال الدين للتحكم في الآخرين.

نعم لقد قتل الانسان اخاه الإنسان من اجل الدين.

وظلم الانسان اخاه الانسان من اجل الدين.

وفي سبيل الدين تم تبرير وتقنين كل انواع الاستعباد والقهر والاستبداد والديكتاتورية.

وبعد ان كان الدين مصدرا للسلام ومنبعاً للتحرر من الخرافة والأوهام، صار اداة للقمع والترهيب.

وقام رجال الدين والساسة باستخدام الدين للسيطرة على الشعوب والتحكم في مصيرها.

بل اشتغل بالدين كل من لا مهنة له، وصار الدين الورقة الرابحة التي لا تخيب.

تحدث في الدين وستجد من يسمعك، ويطيعك.

اجمع اموالاً باسم الدين فتنهال عليك التبرعات.

احكم شعبك باسم الدين وسيكون من السهل عليك التنكيل بمعارضيك.

وساد الظلام مرة أخرى...

هل عرفت الآن لماذا أنا ليبرالي؟

لأن الليبرالية تهدف إلى تحرير الإنسان من كل معتقد خاطئ أو كل سلطه دنيوية زائفة.

لأني ارفض تداخل الدين بالسياسة

 لينتج فساد ديني تغطيه السياسة

 وفساد سياسي بغطاء ديني...

لأني أؤيد فكرة المواطنة الحرة

ومع السلطة التي لا تفرق بين القوي والضعيف إلا بالحق

 ولا تميز بين رعاياها.

لأني أؤيد تحرير المجتمع واستقلال الفرد

فيكون له ما له وعليه ما عليه.

لأني أطالب بحرية الفكر والتسامح وحق حرية الاعتقاد.

لأني أريد احترام كرامة الإنسان وضمان حقه بالحياة.

أليس هذا ما تدعو إليه الأديان

فلماذا تتهمون الليبرالية بالكفر؟

لقد ساهم الليبراليون في وضع القانون الدولي لحقوق الإنسان لحماية كل فرد يؤمن بالمساواة والمثل الإنسانية.

وساهموا في تنظيم قانون العمل لحماية حقوق العمال وضمان كرامتهم.

ونظر صديقي نحوي قائلا:

إن الفكر الليبرالي له شعبية كبيرة فهل تعلم لماذا؟

قالها محدثي وأكمل حديثه كمن لا ينتظر اجابة

لأنه لم يقدس مفكراً بعينه بل قام على تعدد الأفكار فكان متنوعا ومنفتحا على جميع المجتمعات.

فهو يصلح للشرق والغرب.

ولا يتصادم مع ثقافات.

والليبرالية فكرةٌ ليست من صنع عَقلٍ بشري واحد،

ولا وليدةَ بيئةٍ ثقَافيةٍ أو ظروفٍ زمَنيةٍ واحدة.

نعم هي نتاج العقل البشري على مر العصور

بل لقد انصهرت الليبرالية لتمتزج مع الدين

 لتلغي فكرة أن الليبرالية عدوة للأديان

 قلت: ولكن لماذا هذا الهجوم علي الليبرالية؟

قال: وهل رأيت من قبل فكراً جديداً لا يطعن؟

في مجتمعاتنا نرفض التغير

ليس لأننا نرضى بواقعنا أو لأن ما نحن عليه الأفضل بل لأن هذا هو ما اعتدنا عليه.

ان هذا هو سر تخلفنا.

نحن نعشق الماضي ونعيش في الماضي ونقدس سير الأولين.

وشعارنا الأوحد ليس في الإمكان ابدع مما كان.

تركت صديقي ومشيت مفكرا في ما قاله.

ووجدت نفسي أردد بصوت عالٍ يسمعه المارة: أنا ليبرالي ولا حرج.

back to top