صورة لها تاريخ: «السفر الشراعي» شركة مقفلة مؤقتة بين التاجر والنوخذة والبحرية

نشر في 19-07-2013
آخر تحديث 19-07-2013 | 00:05
من يقرأ المواد التي احتواها قانون السفر الشراعي، المطبوع عام 1940، لا أشك أبداً في أنه سيصل إلى قناعة تامة بأن من وضع هذا القانون ومن تعامل به من نواخذة وبحرية وتجار وخبراء بحر يمكن وصفهم بأنهم عمالقة في مجال القانون والعدالة، وقمة من قمم الإنسانية وحقوق الإنسان، وأصحاب أموال حريصون على واجباتهم قبل حقوقهم.

لقد أذهلني هذا القانون الذي نشأ مع نشأة مهنة السفر الشراعي قبل 250 عاماً على الأقل، وتطور مع مرور الأيام والسنين، حتى تمت طباعته في شكل كراس صغير من ثلاثين صفحة في عام 1940 في عهد الشيخ أحمد الجابر الصباح، رحمه الله.

في هذا المقال والمقالات المقبلة في هذا الشهر الكريم سأتكلم عن بعض، وليس كل، تفاصيل هذا القانون المدهش، ومن يريد معرفة المزيد يمكنه متابعة حلقاتي في برنامج من القلب على محطة تلفزيون الشاهد كل يوم الساعة 1:30 ظهراً حتى نهاية شهر رمضان المبارك.

في بداية الحديث عن هذا القانون، أقول إن مهنة السفر الشراعي كانت من أهم المهن القديمة، حيث كان يعمل بها عدد كبير من الرجال الذين يغيبون عن أهاليهم حوالي ثلاثة أشهر وهم في وسط البحر على ألواح من الخشب يبحرون من ميناء إلى ميناء ليعودوا إلى وطنهم محملين بأنواع عديدة من البضائع التي تسهل العيش على أهل الكويت، وتجلب لهم دخلاً يصرفونه على بيوتهم وعائلاتهم.

والرحلة الواحدة (الطرشة) أشبه ما تكون بشركة مقفلة، المساهمون فيها هم صاحب السفينة والنوخذة وطاقم البحرية كاملاً، وميزانية الطرشة يقدمها صاحب السفينة الذي في نهاية المطاف يحصل على نصف الدخل، بينما يتشارك "البحرية" والنوخذة في النصف المتبقي.

ويتألف قانون السفر من 61 مادة، صيغت بشكل مدروس استناداً إلى التجارب السابقة، ويمكنني أن أقسمه إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي: قسم واجبات وحقوق صاحب السفينة، وقسم يتناول واجبات وحقوق البحرية، وهم طاقم السفينة من النوخذة إلى البحار، وقسم ثالث يتناول توزيع المدخول بعد العودة من السفر، ويبدأ القانون بالنص التالي:

"نحن حاكم الكويت أحمد الجابر الصباح، بناء على ما عرضه علينا رئيس مجلس الشورى، وبناء على رغبتنا في إصلاح البلاد والعباد أمرنا بما هو آت..."، مما يدل على أن القانون صادر عن مجلس الشورى الذي أعقب المجلس التشريعي (1938-1939)، وصادق عليه الحاكم آنذاك.

ولكن لابد من الاستدراك وتوضيح أن هذا القانون كان معمولاً به لقرون من الزمان، ولكنه كان يتطور مع الأيام ومع التجارب المتراكمة حتى جاء في عام 1940 بشكله النهائي الذي استمر حتى توقفت هذه المهنة الأساسية في تاريخ المهن الكويتية القديمة.

في الحلقات القادمة، إن شاء الله، سأتحدث عن أسلوب المشاركة في الطرشة بين التاجر والنوخذة والبحرية، وسأتكلم عن التأمين الصحي، والعقوبات على المخالفين، وعملية توزيع الدخل، والاستثناءات، والحالات الطارئة، وحقوق وواجبات كل موظف في السفينة، وسأشرح بعض التفاصيل المرتبطة بالعقاب والثواب في العمل، وكيفية التعامل مع الكثير من الحالات الطارئة، والأحكام المرتبطة بعلاج البحار وتكاليفه، وغير ذلك.

back to top