بلا أحزاب... لا استقرار سياسياً

نشر في 06-07-2013
آخر تحديث 06-07-2013 | 00:01
 محمد خلف الجنفاوي قد يظن البعض أن الدعوة إلى إشهار الأحزاب السياسية ترفٌ أو قفزة سياسية إلى المجهول، وتنقسم الآراء في هذا الشأن بين ثلاثة:

 إما رأيٌ رافض للفكرة أساساً لأنه مستفيد من التشرذم، ويصل إلى مآربه غالباً بالطائفية أو القبلية أو العائلية، فلا محاسبة لهكذا نائب لأنه في النهاية فرد لا يمثل فكراً، بل هو يقفز على الحبال ويعتاش على هذه الورقة.

أما الثاني، فهو يحكم في ضوء التجارب العربية الفاشلة، ويأتي الرأي الثالث والأخير متخوفاً من هيمنة طائفة أو عائلة أو قبيلة على المناصب أو الوظائف القيادية.

ونقول لمن يحكم على التجارب العربية، إنه قياس مخالف لما ندعو إليه، فهي بدلاً من أن تحول الاختلاف إلى إبداع فكري تظلله ثقافة التسامح والتعايش، نراها تتستر خلف مسميات براقة كالتقدمي والديمقراطي، إلا أنها ليس لها من الواقع الملموس إلا المسميات مثلما نشهد في لبنان والعراق مثالاً لا حصراً.

أما الخوف من الهيمنة الفئوية، فهو أمر تسهل مواجهته من خلال مقترح قانون لإشهار الأحزاب السياسية على أساس "برامجي" تتقدم به أي من القوى السياسية التي تحركها مصالح المواطن والمواطنة أو حتى السلطة نفسها.

ويمنع القانون نفسه إشهار أي حزب من مكون واحد أو فكر عنصري أو إقصائي، وبذلك نكون قد حققنا نقلة في العمل السياسي بالكامل من حيث مشاركة فعلية ومحاسبة مفقودة وبرامج قابلة للتنفيذ، فلا يوجد في هذا العالم فرد يدّعي أنه يحمل برنامجاً سياسياً ناهيك عن استحالة تطبيقه بمفرده؟

وفي ضوء تلك التطورات ستختفي ثقافة سياسة عرض الرجل الأوحد، ونشطاء السياسة، وحالة التردي السياسي التي انعكست على نواحٍ أخرى، وإنهاء حالة الجمود المجتمعي الذي أصبح لا يتنفس ولا يتحدث إلا في السياسة... وهذا أمر لا يمارس في أكثر المجتمعات ديمقراطية وحرية وتقدماً على الصعد الصناعية والعملية والثقافية... فبدلاً من هذا الكم من الناشطين السياسيين يكون لديهم نشطاء في مجالات أخرى على مستويات البيئة والعلوم والتربية والرياضة والثقافة... إلخ. فالمجتمعات التي تعيش طويلاً بلا تنظيم سياسي يفصل السلطات ويعزز ثقافة المواطنة تصبح حتماً مجتمعات هشة أمام أي اختبار طائفي أو عنصري.

وقد عشنا تجارب سياسية مرهقة عانى فيها الجميع، وأولهم المواطن والوطن والمخلصون الباحثون عن الاستقرار والتنمية وتحريك الحياة السياسية نحو إحراز تقدم ينفع الجميع، ويراعي انتشار ثقافة التسامح والتعايش داخل المجتمع، ويعمل على وحدته وتماسكه. وأخيراً نقول... "إذا تركت الأمور لنفسها... فإنها ستتجه من سيئ إلى أسوأ".

back to top