حرب أخرى تلوح في أفغانستان

نشر في 16-04-2013
آخر تحديث 16-04-2013 | 00:01
ستواصل قوات بريطانيا تقديم المساعدة بتأمينها مروحيات ومعلومات استخباراتية... لكن على غرار المراحل الأخيرة من الحرب العالمية الأولى، لا يرغب الجنود في المخاطرة بحياتهم في حين أن غالبية سياسيينا يعتقدون أن مشاركتنا في هذه الحرب قد انتهت.
 ذي تيليغراف لا شك أن حرب بريطانيا ضد حركة "طالبان" قد انتهت بكامل أوجهها؛ صحيح أننا ما زلنا نبقي على 9 آلاف جندي في أفغانستان، إلا أنهم لا يشاركون في أي نوع من العمليات القتالية العنيفة التي تؤدي، على ما يبدو، إلى مسيرات طويلة من التوابيت عبر رويال ووتون باسيت، بلدة هادئة في منطقة ويلتشاير مُنحت الرعاية الملكية للدور الذي أدته في عودة هؤلاء الجنود القتلى إلى أرض الوطن.

يتضح هذا التبدل الذي طرأ على الصراع في أفغانستان من خلال التراجع الكبير في عدد الوفيات البريطانية، ففي شهر يونيو عام 2010 (الشهر الأول الذي تسلم فيه التحالف زمام السلطة في بريطانيا)، خسر عشرون جندياً حياتهم مع بلوغ الحملة العنيفة لإنزال الهزيمة بـ"طالبان" ذروتها، لكننا لم نفقد خلال السنة الحالية إلا ثلاث وفيات حتى اليوم، علماً أن إحداها وقعت حين قتل جندي أفغاني زميله البريطاني.

يعود هذا الانخفاض المرحب به في معدل الوفيات إلى تراجع قواتنا إلى تأدية دور ثانوي في القتال، ففي حين كانت القوات البريطانية وقوات حلف شمال الأطلسي قبل ثلاث سنوات تنفذ كل العمليات القتالية الكبرى، باتت الوحدات الأفغانية في الآونة الأخيرة تتولى القيادة في معظم هذه العمليات، فيقدّر وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند أن القوات الأفغانية تنفّذ اليوم نحو 80% من العمليات، وهذا ما يجب أن يكون عليه الوضع، بما أن الجيش الأفغاني المؤلف من 350 ألف عنصر يفوق القوات البريطانية بأربعة أضعاف.

بعد أن أمر حامد كرزاي، الرئيس الأفغاني المتقلب، في مطلع هذه السنة قواته بأن تكفّ عن الاعتماد على دعم حلف شمال الأطلسي خلال العمليات، يتوقع كثيرون أن تتوقف القوات البريطانية خلال الأسابيع المقبلة عن المشاركة في عمليات القتال المباشرة. صحيح أن قواتنا ستواصل تقديم المساعدة بتأمينها المروحيات والمعلومات الاستخباراتية، ولكن على غرار المراحل الأخيرة من الحرب العالمية الأولى، لا يرغب الجنود في المخاطر بحياتهم في حين أن أغلبية سياسيينا يعتقدون أن مشاركتنا في هذه الحرب قد انتهت.

ولكن مع انتهاء الحرب، ماذا عن السلام؟ من الملاحظات المقلقة، التي وردت في تقرير قدمته إحدى لجان الدفاع الأسبوع الماضي، عدم الاهتمام الذي أعربت عنه وزارتا "الدفاع" و"الخارجية" البريطانيتان بشكل الإدارة الأفغانية بعد عام 2014، عندما تنتهي عمليات حلف شمال الأطلسي القتالية رسمياً، ولكن بما أن هاتين الوزارتين كانتا مسؤولتين عن إرسال آلاف الجنود البريطانيين إلى جنوب أفغانستان في صيف عام 2006، فقد تظن أنهما ستبذلان قصارى جهدهما لتضمنا ألا تذهب تضحيات العقد الماضي (بلغت حصيلة الوفيات البريطانية الإجمالية 441 قتيلاً) هباء.

لكنهما تتبنيان تدريجياً موقف أن من الأفضل أن تتركا للحكومة الأفغانية مسؤولية تحديد ما يحدث لاحقاً في أفغانستان، ولكن نظراً إلى الصراعات التي نشبت عقب الانسحاب السوفياتي عام 1989، لا يوحي هذا الموقف بالثقة.

من الأسباب الرئيسة التي تدفع وزارتَي "الدفاع" و"الخارجية" إلى الامتناع عن كشف خططهما لأفغانستان بعد رحيل قوات حلف شمال الأطلسي إخفاقهما في تحقيق أحد أهدافهما الرئيسة: حمل حركة طالبان على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. كانت غاية زيادة عدد الجنود، التي وافق عليها الرئيس أوباما عام 2009، الضغط على المتمردين للتخلي عن السلاح والسعي وراء السلام. ومع أن صفوف "طالبان" تضاءلت كثيراً، لا تزال هذه الحركة مترددة في خوض حوار سياسي لأنها تدرك جيداً أن قوات الحلف سترحل قريباً.

ومن دون أي نوع من الصفقات بين "طالبان" والحكومة الأفغانية، فقد يحقق هذا البلد توقع اللجنة: حربا أهلية دموية أخرى.

ما زال أمامنا متسع من الوقت قبل رحيل آخر قوات لحلف شمال الأطلسي من أفغانستان، وعلينا أن نستغل هذه الفترة لدفع الأطراف العنيدة إلى المشاركة في محادثات سلام، لكن هذا الهدف لن يتحقق ما لم يعرب سياسيونا عن التزام حقيقي بحلّ هذا الصراع، وما زال هذا حتى اليوم بعيد المنال.

* كون كافلين | Con Coughlin

back to top