انقلبت حياتنا...

نشر في 06-07-2013
آخر تحديث 06-07-2013 | 00:01
 د. نادية القناعي تتردد كثيراً على مسامعنا جملة أن الحياة انقلبت، وأن كل ما فيها صار أعلاه أسفله، ويبدأ التذمر من هذا المنطلق، ويصاحبه العويل لتبدل أحوال الدنيا وتلونها وتحورها.

وما إن تلتقط أذناي هذه الكلمات حتى تتهافت في خيالي صورة الطيور، وهي تطير على سطح الأرض، بينما نحن البشر نسير بين السحب.

لكن الحمد لله أن الحياة لم تنقلب، فما زلنا نسير على الأرض وما زالت العصافير تحلق في الفضاء.

فالنفس البشرية هي التي تحولت، والأفئدة هي التي انقلبت، والمفاهيم هي التي انعكست، حتى بات الظلم هو السائد والعدل هو حالة استثنائية، والكذب هو القاعدة والصدق خروج على هذه القاعدة.

وأصبح الزيف هو الظاهر والحقيقة هي الغائب، والأخ هو العدو والعدو هو المقرب، المنافق هو المحبب والمخلص هو المنبوذ، اللص هو السوي والبريء هو المذنب، الفوضوي هو المجتهد والملتزم هو غير المنضبط، صوت الحق هو المضطهد وصوت الباطل هو المسموع.

وهذا كله ليس بسبب تقلب الحياة بظواهر الكون الطبيعية ولا بسبب تسونامي المحيط الهندي، وليس للاحتباس الحراري دخل فيه، لكن يعزى هذا إلى احتباس إنسانيتنا في قوالب من المصلحة الشخصية، وإلى عرقلة المبادئ بحواجز الماديات.

وما إن نحرر أرواحنا من الأنانية ونقوم بكسر كل ما يقيد قيمنا الأخلاقية، حتى ترد المفاهيم إلى نصابها، ونرى الحياة بشكلها الطبيعي وليست منقلبة رأساً على عقب كما ندّعي.

back to top