حوار الطرشان: رسالة إلى سيف الدولة

نشر في 27-04-2013
آخر تحديث 27-04-2013 | 00:01
 فيصل الرسمان كلمات خفيفات بسيطات بعيدات عن كل تعقيد، أرسلها إلى من أدين له بالولاء المطلق والعهد الموثق الذي لا تنفصم عراه، مهما امتدت وطالت بي السنون.

أرسلها إلى الساهر الواعي على مصلحتي ومستقبل أبنائي، إلى رمز هذا البلد ودرة تاجه، حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، أمير دولة الكويت، حفظه الله ورعاه.

*** سيدي لقد نشأت بالقرب من أبيك وتعلمت السياسة من عمك وأخيك، حتى وصل أمر هذا البلد إليك، وقد عاصَرت الزعماء وزاملت الوزراء، ومررت بالمطارات وحضرت المؤتمرات، ممثلاً لبلدك وشارحاً لسياسته.

وفي سبيل ذلك دخلت الدهاليز المظلمات وتخطيت المدلهمات، مما أكسبك الخبرات التي تغني عن الشهادات.

فأنت يا سيدي فذ بشخصيتك، وفذ بتفكيرك، وفذ بتعاملك، وفذ بتواضعك، فكل هذه الأفذاذ قد اجتمعت لك.

فدعني يا سيدي أشرح لك عما يجول به خاطري، وأبين لك عما يخفيه مكنون صدري.

يا سيف الدولة... إنني من العاشقين للديمقراطية، ومن المحبين لحرية الرأي، ومن المتيمين بحرية الفكر، ولكنني في المقابل أرى أن الديمقراطية التي ندّعيها منذ عقود، ونزعم كذباً رفع شعارها، لا يمكن أن تُسمى ولو من باب التجاوز ديمقراطية. لأنني عندما أنظر من غير عناء إلى الساحة السياسية في هذا البلد الجميل، فإن البصر يصطدم بالواقع الأليم ليرتد عليّ حسيراً حزيناً جراء تلك الأوضاع المفهومة وغير المفهومة في الوقت ذاته.

فأصبحت، والحال هذه، ضائعاً تائهاً تعصف بيّ أمواج الديمقراطيات المزعومة، كما تعصف الرياح بالسفن الشراعية التي تقطعت بها السبل في عرض البحر المظلم.

فالشيعة وديمقراطيتهم لا يمكن أن يسكنوا ويطيب لهم الجوار بالقرب من السنّة وديمقراطيتهم، والعكس بطبيعة الحال صحيح.

كما أن ديمقراطية القبائل - إن صح التعبير- على اختلاف مشاربهم، لا يمكن أن تتوافق مع ديمقراطية ما يسمى بـ"الحضر»، وبدافع مما سبق قوله كثر الهرج والمرج، ودبت الفوضى، وظهرت طفيليات لا يمكن لها أن تظهر.

ومع كل هذا، فإن المرء يعزي النفس ويعللها قائلاً إن الديمقراطية كلما مرت عليها السنون وعتقت، تطورت وتحسن حالها، فالصبر عليها خير من قتلها، ولكنها تبقى مجرد تعزية وتعليل.

*** يا سيف الدولة... إن التطور الذي نراه يسير بوتيرة متسارعة من حولنا، ونحن مازلنا واقفين في محطة التخلف، يحتم علينا أن نجلب العزم، ونكد الفكر، ونُعمل العقل بأفضل ما يكون عليه الإعمال، لكي نستطيع مواكبة الحضارة والسير في ركبها كشركاء لا كرقباء.

وإعمال العقل يعني إطلاقه، وفتح حدوده، والتشجيع على إبداعاته، لكي نجني ثماره كما فعل الأخرون.

وهذا الأمر يتأتى عن طريق خلق فلسفة تعليمية جديدة متحررة من ربقة الجمود الذي فرض عليها عقوداً كثيرة، فالمناهج التعليمية لابد أن تتغير، وطريقة التدريس لابد أن تتبدل، لكي ينشأ نشء جديد يستطيع أن يرفع نبراس العلم الحديث بكل ثقة، ليبني الدولة بناءً عصرياً، ويؤسس بثبات للأرضية المشتركة التي لابد أن تؤسس ليستند إليها جموع المواطنين، بعيداً عن العصبيات التي لا تغترف إلا من معين آسن، وإذا ما أُسست الأرضية بان معلم الطريق المؤدي إلى ميادين الحضارة والتقدم.

*** نهاية المطاف... أقول لسيدي إن ما قد سلف من قول مجرد بوح للمقام السامي، الذي يعلم أكثر مني، ويملك إدراكاً أوسع من إدراكي، ولكنه كما بينت مجرد بوح... والسلام.

back to top