الذكرى العاشرة لاحتلال العراق (1)

نشر في 13-04-2013 | 00:01
آخر تحديث 13-04-2013 | 00:01
 د. عماد الدين الجبوري صارت معطيات ونتائج السنوات العشر الماضية من الغزو الأميركي للعراق، واضحة وجلية لا نحتاج إلى سردها هنا. لكنها تبقى تتطلب سبر غورها للكشف عن خفايا وحقائق لاتزال مجهولة لنا وللكثير، إذ إن عدم اكتراث جورج بوش لاستحصال الموافقة الأممية، وضربه القوانين الدولية والأعراف الأخلاقية، ليشن عدوانه الفتاك في 19/ 3/ 2003 تستوجب الإمعان في السبب أو الأسباب المتوارية خلف كذبة خطر أسلحة الدمار الشامل التي استغلها زمرة "المحافظين الجُدد" أسوأ وأردأ استغلال، حيث دفع ثمنها البلدان العراقي خصوصاً والأميركي عموماً، وحصد ثمارها الجانبان الإيراني والإسرائيلي.

عندما اعترف بوش علناً في 13/ 1/ 2009 بأنه أخطأ استعمال عبارة "المهمة أنجزت" التي قالها من على حاملة الطائرات "لنكولن" في 1/ 5/ 2003، كان ذلك دليلاً ساطعاً على وجود مقاومة وطنية مسلحة كسرت شوكة الجيش الأميركي، وألحقت به هزيمة ميدانية تكللت بالانسحاب الرسمي قبيل 31/ 12/ 2011.

أما في الذكرى العاشرة لاحتلال العراق، فعندما نسمع أن بوش يمارس الآن هواية الرسم لدفع الضجر والسأم عن نفسه، فإنه اعتراف نفسي آخر على خطأ الغزو الذي ارتكبه سياسياً وسيلاحقه تاريخياً.

إن الانسحاب العسكري الرسمي الأميركي نتج عنه احتلال إيراني عبر تسليم السلطة بيد الكتلة المصنوعة والمدعومة من قِبل الطغمة الحاكمة المتشددة في طهران، إذ إن قدوم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى بغداد في 3/ 3/ 2008، كان إيذاناً علنياً لقبضة "المتشددين الجُدد" على ربوع العراق. وكذلك زيارة رئيس "مجلس تشخيص مصلحة النظام"، هاشمي رفسنجاني، التي قام بها إلى بغداد في 2/ 3/ 2009، إذ ادعى أن: أهداف زيارته تتمثل في التعبير عن استعداد تام في نقل خبرات إيران في المجالات المختلفة خصوصاً الاقتصادية والثقافية والصناعية والتجارية من أجل تطور وتنمية العراق. لكن نواياه الماكرة انفضحت بابتلاع النظام الإيراني لجزيرة "أم الرصاص" العراقية في شط العرب في غضون زيارته المشؤومة.

على أية حال، ونحن نكتب عن الذكرى العاشرة لاحتلال العراق، ودخول القوات الأميركية إلى بغداد في 9/ 4/ 2003، فإن الحُكم الطائفي الذي يقوده نوري المالكي منذ عام 2006 قد أوصل العراق إلى قاع التأخر والتخلف في المجالات والميادين المختلفة، ناهيك عن الحديث عن السجون والمعتقلات السرية والعلنية التي شملت مئات الآلاف من العراقيين.

وإذا استطاع المالكي أن يخمد ثورة 25 فبراير 2011 بقتل أكثر من 25 شهيداً في اليوم الأول منها، وتقطيع أوصال الطرقات والمواصلات بـ"السيطرات" (المفارز) الأمنية والحواجز الأسمنتية، وغلق الجسور والمعابر، فإن الانتفاضة العفوية التي انطلقت في الفلوجة بتاريخ 23/ 12/ 2012 لتمتد إلى مدن ومحافظات عدة: الأنبار، ونينوى، وصلاح الدين، وديالى، وبغداد؛ فإن تظاهراتها المليونية في أيام الجُمع وساحات اعتصاماتها التي يسودها بشكل كبير تيار شعبي وجماهيري انتفاضة أحرار العراق

لا قدرة للمالكي هذه المرة على فضها بقوة السلاح، لأن هؤلاء المنتفضين سلمياً قد وعدهم قادة المقاومة العراقية أن تحميهم من بطش قوات المالكي، وفعلاً أقوى مجابهة جرت في 12/ 2/ 2013 على الساحل الصحراوي بين سورية والعراق، عندما منيت قوات المالكي بخسارة فادحة دمرتها فصائل المقاومة العراقية، مما اضطر إعلام المالكي إلى أن يعتم ويكتم أخبار "عملية السيف البتار" بشكل فجائي!

back to top