وداعاً لتشافيز الشهامة

نشر في 14-03-2013
آخر تحديث 14-03-2013 | 00:01
 حسن مصطفى الموسوي من أكبر مصائب هذه الأمة هي تخليها عن قضاياها، وابتلاؤها ببعض القادة الذين يدينون بالولاء للقوى الغربية التي لا تريد أمة مفكرة وحرة في قراراتها، بل أمة خانعة ومنبطحة للإملاءات الأجنبية؛ ولذلك لم يكتف هؤلاء القادة بالتخلي عن قضايا هذه الأمة بل تآمروا عليها وخاصة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وما يزيد من القهر هو أنه في ظل تخاذل المؤتمنين على القضية وتآمرهم عليها، تأتينا النصرة من أناس لا روابط مشتركة معهم لا في اللغة ولا الدين ولا العرق، لكن بالتأكيد نشترك معهم في الإنسانية، ومن هؤلاء الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز.

لم يكن من مصلحة الرئيس الشهم تشافيز وفنزويلا القومية والاقتصادية معاداة أميركا ومن معها من دول الغرب، ومحاولة السباحة ضد التيار السائد في ذلك الوقت في أميركا الجنوبية، لكنه أصر على ذلك بعدما رأى آثار الرأسمالية المتوحشة في دول قارته والعربدة التي تمارسها تلك الدول في الشرق الأوسط بواسطة ربيبتهن إسرائيل، فلم ينجح في سياسته الخارجية الجديدة فحسب بل ألهم شعوبا أخرى لاتخاذ نفس المنهج المناهض للهيمنة الأجنبية على خيرات بلدانها وسيادتها عبر سياسات صندوق النقد الدولي، وأدى ذلك إلى ظهور تسونامي يساري اجتاح هذه القارة بوصول لولا دا سيلفا رئيس البرازيل، وكريشنا رئيس الأرجنتين، ورافاييل كوريا رئيس الأكوادور وإيفو موراليس رئيس بوليفيا، وفرناندو لوغو رئيس الباراغواي.

ولذلك لم يكن غريبا أبدا أن يطرد الرئيس تشافيز السفير الصهيوني إبان الحرب الآثمة على لبنان في 2006 وكرر نفس الخطوة في 2009 إبان العدوان على غزة فيما كانت بعض الدول العربية تتآمر مع العدو وأسيادها على سحق قوى المقاومة الباسلة.

انتقده الكثيرون على سياسته الاقتصادية الداخلية القائمة على استعمال إيرادات النفط للإنفاق العام على حساب الاستثمار، وانتقد الكثيرون مركزيته وتوسعه في سياسة التأميم أكثر من اللازم، مما أدى إلى انحسار الاستثمار الأجنبي في بلده، وبعض هذه الانتقادات وجيهة وصحيحة، لكن ما يحسب له هو أنه لم يستعمل هذه الأموال لكي يزيد من انتفاخ كروش القطط السمان، بل وجهها إلى الفقراء والطبقة المسحوقة، حتى بات بطلهم ومنقذهم، فاهتم بالتعليم وطوره عبر إنشاء 22 جامعة جديدة، فصار عدد الجامعات سبعة أضعاف ما كان عليه قبل توليه الحكم، وبعد أن أمم القطاع النفطي، تضاعف حجم الاقتصاد إلى المثلين خلال ست سنوات، وانخفض معدل الفقر بمقدار 50% ومعدل الفقر الشديد بمقدار 70%.

سواء اختلفنا أو اتفقنا مع الرئيس الراحل تشافيز، فإن ما لا يمكننا جميعا إنكاره هو دوره الكبير في تغيير الوجهة السياسية في أميركا الجنوبية، كما أن حزننا على فقده يأتي من باب وقوفه النادر والجريء مع حقنا ضد الباطل، وعجبي ممن يستنكر علينا هذا الحزن لفقد هذا الرجل الشهم بحجة أننا نفعل ذلك من منطلقات طائفية، فهل من يتعاطف مع من وقف مع قضية العرب والمسلمين هو الطائفي في هذا الزمان الأغبر؟! ألا إنهم هم الطائفيون ولكن لا يشعرون.

back to top