أخبر طبيب الأسنان بمشاكلك القلبية!
يشير الأطباء إلى أن بعض المصابين بأمراض صمامات القلب يحتاجون إلى عناية خاصة بالأسنان.
طوال 100 سنة تقريباً، راح الباحثون يستكشفون الروابط المحتملة بين أمراض الأسنان وأمراض القلب. من المعروف أن جراحة الأسنان قد تؤدي إلى التهاب في حال الإصابة بأنواع معينة من أمراض صمامات القلب، لكن تبقى هذه الحالة غير شائعة.
طوال 100 سنة تقريباً، راح الباحثون يستكشفون الروابط المحتملة بين أمراض الأسنان وأمراض القلب. من المعروف أن جراحة الأسنان قد تؤدي إلى التهاب في حال الإصابة بأنواع معينة من أمراض صمامات القلب، لكن تبقى هذه الحالة غير شائعة.
في السنوات الأخيرة، توقع الباحثون أن تؤدي أمراض اللثة والأنسجة الداعمة (أي التهاب اللثة والأنسجة الناعمة التي تدعم الأسنان) إلى ارتفاع خطر مرض الشريان التاجي، وهو النوع الأكثر شيوعاً من أمراض القلب الخطيرة. تتقاسم أمراض اللثة والأنسجة الداعمة ومرض الشريان التاجي عدداً من عوامل الخطر نفسها وغالباً ما يواجه صاحب اللثة والأسنان المتضررة مشاكل في القلب.تنجم أمراض اللثة والأنسجة الداعمة عن أكثر من 500 نوع مختلف من الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في شريط بيولوجي يصعب نزعه اسمه لوحة الأسنان. يشمل جسم الراشدين أكثر من مليار جرثومة تعيش في الفم. يتواجد معظم تلك الجراثيم في مساحة ضحلة حول الجهة الخارجية من الأسنان. تظهر جيوب أعمق تزامناً مع تطور أمراض اللثة والأنسجة الداعمة.
يرتفع خطر أمراض الأسنان (نمو مفرط للجراثيم وكائنات أخرى تخترق اللثة والأسنان على مسافة أعمق) مع التقدم في السن.لكن ما من أدلة مقنعة على أن أمراض اللثة والأنسجة الداعمة تؤدي إلى مرض الشريان التاجي. هذا ما استنتجته لجنة من الخبراء استعانت بها «جمعية القلب الأميركية» في السنة الماضية. كُلّفت اللجنة بمهمة صعبة تقضي بمراجعة الأدلة المتضاربة المستخلصة من دراسات مبنية على المراقبة، لكن لا تستطيع تلك الدراسات تحديد الأسباب والنتائج والتجارب العيادية القليلة التي توفر بيانات أصعب حول العلاقة السببية بين مختلف العوامل.يقول د. جون داسيلفا، أستاذ عيادي في كلية طب الأسنان في جامعة هارفارد: «حتى الآن، لا تثبت الدراسات التي تشير إلى وجود رابط بين أمراض القلب ومشاكل الأسنان أن أمراض اللثة والأنسجة الداعمة تسبب أمراض القلب».جدل مستمرلا يعني ذلك أن الدراسات التي تتناول الرابط بين أمراض الأسنان وأمراض القلب توقفت. نُشرت دراسة جديدة في مجلة «الجلطة الدماغية» (Stroke) استناداً إلى قاعدة بيانات شركات التأمين الوطنية في تايوان، وقد استنتجت تراجع خطر الجلطة عند الأشخاص الذين يتعالجون من أمراض اللثة والأنسجة الداعمة خلال فترة 10 سنوات مقارنةً بمن لا يعالجون أمراض الأسنان. استنتج الباحثون أن العناية المنتظمة بالأسنان تمنع الجلطات الدماغية، مع أن الدراسة لم تستبعد تفسيرات أخرى للنتائج (على سبيل المثال، يستفيد الأشخاص الذين يعتنون بأسنانهم بانتظام من رعاية صحية أفضل بشكل عام).حتى في حال وجود رابط بين أمراض القلب وأمراض الأسنان، تعتبر «جمعية القلب الأميركية» أن الادعاءات القائلة إن العناية بالأسنان تمنع أمراض القلب «غير مكفولة».خطر التهاب بطانة القلبأوصت «جمعية القلب الأميركية» و{جمعية طب الأسنان الأميركية» سابقاً بأن يأخذ الناس المضادات الحيوية قبل الخضوع لأي جراحة أسنان يتم خلالها لكز اللثة أو الأسنان وثقبها وسحبها، أو العمليات التي يمكن أن تفسد اللثة أو جلد الفم. لكنها غيرت تلك التوصيات في عام 2007.يكمن مصدر القلق في واقع أن النزيف خلال جراحة الأسنان قد يدفع الميكروبات نحو مجرى الدم. في حالات نادرة، قد يؤدي ذلك الأمر إلى التهاب بطانة القلب الجرثومي (أي التهاب البطانة الداخلية للقلب) بحسب د. داسيلفا. قد يضر ذلك الالتهاب بصمامات القلب ويؤدي إلى مشاكل جدية أخرى. صحيح أن الحالة ليست شائعة، لكن قد يصعب التخلص منها ويمكن أن تكون قاتلة أحياناً.اليوم، توصي جمعيّتا القلب وطب الأسنان بأخذ المضادات الحيوية قبل جراحة الأسنان في حالة الأفراد أدناه:- الذين يضعون صمام قلب اصطناعي (بيولوجي أو ميكانيكي).- الذين أصيبوا سابقاً بالتهاب بطانة القلب الجرثومي.- المصابون بمرض قلبي خلقي لم تتم معالجته بعد، أو تمت معالجته بجهاز أو مادة اصطناعية، أو تمت معالجته لكنه لا يزال يسبب المشاكل.- الذين خضعوا لزراعة قلب وواجهوا مشكلة في الصمام.اعتلال عضلة القلب الضخامييمكن أن يمنع التشخيص المبكر حالات الموت المفاجئ. حين تعرف ما إذا كنت واحداً من أصل 500 مصاب باعتلال عضلة القلب الضخامي، يمكنك أن تنقذ حياتك (أو تتجنب الموت المفاجئ لشخص تحبه!). على رغم اسم المرض الطويل، غالباً ما يظهر «اعتلال عضلة القلب الضخامي» في العناوين الرئيسة. فهو السبب الأكثر شيوعاً لانهيار الرياضيين الأصحاء ظاهرياً وموتهم. بحسب د. كريستين سيدمان، أستاذة في الطب وعلم الوراثة في مستشفى بريغهام للنساء وكلية هارفارد الطبية، كان يمكن تجنب عدد من حالات الموت تلك لو علم هؤلاء الأفراد أن قريباً لهم مصاب بالحالة نفسها.توضح د. سيدمان (اكتشف فريقها أول تحول جيني يسبب اعتلال عضلة القلب الضخامي): «يجب أن يعرف الناس أن المرض يكون وراثياً في معظم الحالات. حين نعلم أن بعض الأفراد مصابون بهذا المرض، يمكن أن نساعدهم على التحكم بالعوارض وتخفيف خطر الوصول إلى نتائج كارثية مثل الموت المفاجئ». صحيح أنه مرض وراثي، لكن قد يظهر اعتلال عضلة القلب الضخامي في أي مرحلة من الحياة تقريباً، بدءاً من الطفولة وصولاً إلى أي عمر متقدم.تضيف د. سيدمان: «طوال سنوات عدة، كان الفرد يظن عموماً أن عدم ظهور أي عوارض لمرض اعتلال عضلة القلب الضخامي بين عمر الخامسة والثلاثين والأربعين يعني أنه لن يصاب بالمرض مطلقاً. إنه تحليل خاطئ. نعلم الآن أن بعض التحولات يؤدي إلى ظهور مؤشرات متأخرة جداً للمرض بعد عمر الخمسين». يعني ذلك ضرورة الخضوع للاختبارات الجينية أو متابعة الرعاية بالذات طوال الحياة.صامت إلى أن يظهر فجأةًلا يواجه بعض المصابين باعتلال عضلة القلب الضخامي أي عوارض. لكن حين تتطور العوارض، قد تشمل مؤشرات مثل ضيق التنفس خلال الرياضة، وألم في الصدر، وخفقان القلب، والدوار، والإغماء أحياناً. في بعض الحالات، يكون العارض الأول هو الموت المفاجئ.لكنّ غياب العوارض لا يعني عدم حدوث شيء داخل القلب. الإصابة باعتلال عضلة القلب الضخامي تعني زيادة سماكة جدران البطين الأيسر، حجرة القلب التي تبذل المجهود الأكبر. يجب أن يسترخي البطين الأيسر سريعاً كي يمتلئ بالدم الغني بالأوكسيجين ثم ينقبض بقوة في الوقت المناسب لدفعه نحو الجسم. في جميع الحالات تقريباً، تعتبر سيدمان أن أسوأ ما يمكن أن يحصل هو زيادة سماكة الحاجز الفاصل بين البطينين الأيسر والأيمن.توضح سيدمان: «يجب أن يتدفق الدم ويتجاوز الحاجز كي يخرج من القلب. عند بعض المصابين بمرض اعتلال عضلة القلب الضخامي، في 35% إلى 50% من الحالات، تؤدي سماكة الحاجز إلى إعاقة تدفق الدم نحو الشريان الأورطي». قد تحصل أيضاً تغيرات أو انعكاسات في الصمام التاجي الذي يفصل الحجرتين العليا والسفلى عن الجهة اليسرى من القلب، ما يسمح للدم بالتسرب نحو الخلف.لا شك في أن اعتلال عضلة القلب الضخامي يصبح أكثر خطورة عند إعاقة تدفق الدم، لكن تتفاوت درجة الانسداد. لا يعاني البعض من أي انسداد في وقت الراحة بينما يشتد الانسداد خلال الرياضة أو بعد وجبة الطعام.الانسداد ليس المشكلة الوحيدة التي يواجهها المصابون بمرض اعتلال عضلة القلب الضخامي. فالبطين الأيسر السميك لا يسترخي كما يجب. بل إنه يفرض ضغطاً مفرطاً على الأذين الأيسر (حجرة القلب العليا التي تحاول ملء البطين بالدم) فيتمدد الأذين. يؤدي ذلك إلى الرجفان الأذيني (إيقاع قلب غير طبيعي).قد يؤدي عدم معالجة اعتلال عضلة القلب الضخامي إلى ثلاث نتائج:★ موت القلب المفاجئ حين يصبح إيقاع القلب غير منتظم من دون سابق إنذار وسريعاً بشكل غير طبيعي. لحسن الحظ، إنها حالة نادرة. يبلغ خطر موت القلب المفاجئ عند المصاب باعتلال عضلة القلب الضخامي 1% سنوياً.★ قصور القلب.★ الرجفان الأذيني الذي يرتبط عموماً بقصور القلب. الرجفان الأذيني يزيد خطر الجلطة الدماغية.تمرير التحولات الجينيةتقول د. سيدمان إن 70% من الأشخاص الذين يواجهون مشكلة زيادة سماكة البطين الأيسر التي لا يمكن تفسيرها بمرض آخر يحملون على الأقل أحد التحولات التي تسبب اعتلال عضلة القلب الضخامي (عددها أكثر من 1400). تظن أن معظم الفئة المتبقية (30%) تحمل تحولات ترتبط باعتلال عضلة القلب الضخامي لكن لم يتم اكتشافها بعد.إنها تحولات طاغية: الشخص الذي يرث إحدى الجينات الضارة من أحد والديه سيُصاب بمرض اعتلال عضلة القلب الضخامي وتبلغ نسبة تمرير التحول الجيني إلى أطفاله 50%. يعني ذلك أن اعتلال عضلة القلب الضخامي لا يصيب الأفراد حصراً بل العائلات عموماً. يحمل نصف الأقارب من الدرجة الأولى (الوالدان، الأشقاء، الأولاد) التحول الجيني على الأرجح.الكلمة المفتاح هنا هي «على الأرجح». وحدها الاختبارات الجينية تستطيع أن تثبت وجود التحول الجيني، ووحدها الاختبارات العيادية تستطيع أن تثبت ما إذا كان الشخص مصاباً بمرض اعتلال عضلة القلب الضخامي.تقول سيدمان: «للأسف، يأتي البعض إلينا بعد وفاة أحد أفراد الأسرة بسبب مرض اعتلال عضلة القلب الضخامي. يجب أن يخضع كل فرد لديه قريب مصاب بالمرض للفحص العيادي (ليس مرة فقط بل على المدى الطويل). أو يجب أن يجري اختبارات جينية للتأكد من هوية الأشخاص المعرضين للإصابة بالمرض. هذا العامل بالغ الأهمية».تساهم علاجات اعتلال عضلة القلب الضخامي في تحسين نوعية الحياة وإطالة مدتها.صحيح أن الأشخاص الذين يحملون جينات اعتلال عضلة القلب الضخامي يكونون أكثر عرضة للإصابة بالمرض، لكن لا تنطبق هذه القاعدة على الجميع. كل من يحمل جينات المرض يجب أن يخضع لفحوصات دورية بحثاً عن أولى مؤشرات المرض، لأن العلاج المبكر قد يغير مسار اعتلال عضلة القلب الضخامي.