هل كشف ذباب الفاكهة علاج فقدان الذاكرة؟
تتوافر طرق عدة لتأخير الإصابة بضعف الذاكرة الذي يرتبط بالسن، والتخفيف منه عندما يظهر. ولكن ثمة أدلة جديدة تُظهر أننا ربما نستطيع تفادي ضعف الذاكرة أو ربما عكسه، وأن لغذائنا دوراً كبير في هذه المسألة.
لا شك في أن فقدان الذاكرة أمر مؤلم. تؤثر هذه المشكلة في معظمنا إلى حد ما، حتى عندما نكون أصحاء وفي سن الشباب. وكشفت الأبحاث أن هذه المشكلة تزداد سوءاً مع التقدّم في السن.يشير تقرير نشره باحثون في مجلة Nature Neuroscience إلى أنهم أجروا تجربة درّبوا فيها ذباب الفاكهة على ربط رائحة محددة بصدمة كهربائية. فتعلمت منها بسرعة تفادي الرائحة، في حين احتاج الذباب الأكبر سناً إلى وقت أطول. ولكن عندما أضاف الباحثون متعدد الأمين (polyamines) إلى غذاء المجموعة الثانية، اكتشفوا أن {الاختلاف في قدرة الذاكرة والتعلم بسبب السن اختفى تقريباً}، حسبما جاء في المجلة أخيراً.
كرر هذه التجربة فريق آخر من الباحثين للتأكد من النتيجة. ولكن بدل أن يغيروا غذاء الذباب، زاد الفريق الثاني نشاط إنزيم مسؤول عن إنتاج متعدد الأمين. فتبيّن أن المقاربتين عكستا ضعف الذاكرة بسبب التقدم في السن.من المستبعد أن يؤدي هذا البحث إلى دواء يعالج ضعف الذاكرة في المستقبل القريب. إلا أن الباحثين توصلوا إلى خلاصة مهمة باكتشافهم أن الغذاء يؤثر في ضعف الذاكرة. نملك أدلة مهمة تؤكد أن عادات أكلنا تؤثر في صحتنا العقلية بطرق مختلفة. وإذا قمنا ببعض البحث، فسنكتشف أن غذاءنا يؤثر في قدرتنا على تذكّر المعلومات.أهمية الكولسترول لا يُعتبر الرابط بين تناول طعام صحي وتحسين قدرة الذاكرة مفاجئاً بحد ذاته. فقد تناولت أبحاث كثيرة هذه العلاقة على مر السنين. لكنك قد تتفاجأ عندما تعلم مقدار تأثير بعض أنواع الطعام في ذاكرتنا. على سبيل المثال، كشفت دراسة أجريت عام 2008 أن مسنين كثراً (في الخامسة والثمانين من عمرهم أو أكبر) يملكون معدلاً أعلى من الكولسترول السيئ يتمتعون بذاكرة أفضل. شملت هذه الدراسة 185 شخصاً فقط، ولم تتوافر للباحثين أي وسيلة للتأكد من أن ارتفاع الكولسترول هو المسؤول عن تحسّن وظائف الذاكرة الذي لاحظته الدراسة. لكن تقريراً نُشر في مجلة Science عام 2001 يعلل تأثير الكولسترول. فقد أشار البحث إلى أن الكولسترول يؤدي دوراً بارزاً في تشكّل المشابك، أي الوصلات بين الخلايا العصبية التي تُعتبر بالغة الأهمية في عملية معالجة دماغنا كل المعلومات، بما فيها معلومات الذاكرة.صحيح أن تناول بيضة بضع مرات في الأسبوع قد يحمي ذاكرتك مع التقدم في السن، لكن يؤدي الإفراط في استهلاك السكر إلى نتائج عكسية. أجرى علماء من معهد أبحاث الدماغ في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس السنة الماضية دراسة عن أن السكر (فضلاً عن أنه يسبب الداء السكري وزيادة الوزن) يتلف المشابك العصبية بسبب مقاومة الأنسولين، ما يؤدي إلى ضعف الذاكرة. ولا شك في أن هذا اكتشاف مهم، علماً أن الأبحاث السابقة تدعم فكرة أن مقاومة الأنسولين تضر بالدماغ، إلا أن الأدلة المتوافرة ليست حاسمة بعد. تناول باحثو جامعة كاليفورنيا في دراستهم الجرذان.طعام أقلمهما كان تأثير أطعمة محددة في ذاكرتنا، يشير احتمال آخر إلى أن تناول كمية أقل من الطعام عموماً يساعد في الحفاظ على الذاكرة. فقد أظهرت دراسات سابقة أن الذاكرة العرضية (episodic memory) تكون ضعيفة في حالة مَن يعانون السمنة. ويستخلص تقرير نُشر في شهر يونيو الماضي أن عدداً من النساء السمينات حققن أداء أفضل في اختبار الذاكرة بعدما خسرن نحو 10 كيلوغرامات من وزنهن. وتمكن الباحثون من تتبع تقدّمهن، مستخدمين التصوير بالرنين المغناطيسي. {بعد خسارة الوزن، ازداد نشاط الدماغ... خلال تشفير الذكريات... وتراجع بعد خسارة الوزن في مناطق ترتبط باسترجاع الذكريات العرضية}، ما يشير إلى عملية استرجاع أفضل، وفق أحد الباحثين.لا شك في أن هذه التجارب لا تُعتبر مطلقاً علاجاً لضعف الذاكرة. رغم ذلك، يشير الدليل تلو الآخر إلى أن ما نأكله والكمية التي نتناولها يؤثران كثيراً في ذاكرتنا. إذاً، بالإضافة إلى الحفاظ على نشاط دماغك، أضف تناول الغذاء الصحي إلى لائحة الأساليب التي تعتمدها للحفاظ على ذاكرتك. وفي مطلق الأحوال، إن لم تتحسن ذاكرتك، تخسر بضعة كيلوغرامات.