حوار الطرشان: حضارة البترول (2)

نشر في 25-05-2013
آخر تحديث 25-05-2013 | 00:01
 فيصل الرسمان قال الأجنبي بعد أن اتخذ وضعية الجلوس، أنتم أناس ميؤوس منكم، لأنكم قريبو العهد بالتخلف والرجعية، بل إن روافد ما وصفتكم به مازالت تنهمر بغزارة لتغذي معينكم الذي يمدكم، فلا تغتروا بتلك السيارات الفاخرة التي تتنقلون بها، لأن ظهور مطاياكم وحميركم لم يجف عرقها بعد، فأنتم يا أعزاء مازلتم وستظلون قابعين على هامش الحضارة من دون أن تتمكنوا من احتلال موقع على صفحتها، لذا يجب عليكم أن تتسربلوا بقميص المصلح، لأن المصلح على الدوام ديدنه التضحية ونكران الذات، جدوا واجتهدوا من أجل البراعم الصغيرة التي تختلف على المدارس الابتدائية، غذوا عقولهم بكل ما هو جديد لكي يواكبوا العصر ويسابقوا التطور.

عليكم بالمناهج العلمية، وعليكم أيضاً بطرق التدريس الفعالة التي لا تعتمد على الحفظ وتكرار الحفظ، لكي تجنوا بعد ذلك ثمار ما زرعتم، شجعوا في النشء حب الابتكار وتبنوا بصدق المبدعين منهم بعيداً عن المحسوبية، واجعلوا من حرية الرأي مبدأ يسيرون عليه، لأن حرية الرأي تعتبر الأساس الأولي لتطور الإنسان، بغير هذا لن تجدوا لكم موطئ قدم على خريطة الحضارة مهما طال الزمن.

قال قادة الفكر المزعومون، لقد فهمنا مقصدك وأدركنا نبل غايتك، وبناء عليه سنقوم ببذل الجهد المطلوب لترى شجرة مجهودنا مثمرة نطعمك من طلعها بعد خمس سنوات على أعلى تقدير.

رحل الأجنبي ولسان حاله يقول -سيرجع لكم حفيدي- الذي لايزال أبوه في ظهري خبيراً يخطط لكم وأنتم لاتزالون وستظلون على الهامش.

اجتمع قادة الفكر في "دار الندوة" فقال كبيرهم أتعرفون ان صاحبنا الأجنبي يرمز للديمقراطية السائدة في بلاده، ونحن والحال هذه لن نقوم بنقاش المقدمات التي أدت إلى التطور الديمقراطي في دول الغرب لأسباب منها، ان مناقشة المقدمات تحتاج إلى وقت طويل لفهمها ووقت أطول لاستيعابها فضلاً عن تطبيقها، والسبب الآخر أن ذاك الأجنبي حتماً لا يريد لنا الخير، لأن دينه ليس على ديننا، فلنهمل ما قاله وننساه، فقال الحاضرون المنصتون، ما الحل إذن من وجهة نظرك؟

قال أنا أدلكم على الحل الذي يجعل عقولنا المستريحة تستريح، والحل هو أن نبحث عن غالب جاهز نأخذه على علاته ونطبقه في مجتمعنا الصغير، فالدول العربية الشقيقة زاخرة بالدساتير ومفعمة بالديمقراطية، صفق الحاضرون بحرارة احمرت لها الأكف.

وضع المجتمعون دستورهم إيذاناً لدفع عجلة الديمقراطية إلى الأمام، بعد أن بنوا المبنى الذي سيجتمع فيه المشرعون.

فمضت السنون ونحن نكابد الديمقراطية المزعومة نلعنها ساعة ونصفق لها ساعة أخرى، مضت السنون ولم يتغير شيء، نصف قرن من الزمان ونحن نقول حتماً سيكون غداً أفضل فيأتي الغد ليصبح حاضراً وبعد ذلك ماضياً، ونحن لانزال نقف في نفس الموقف الأول لا نتحرك ولا نحث النفس على التحرك.

أي ديمقراطية محنطة بإتقان هذه!

خلاصة القول... إن الذين لا يناقشون المقدمات ويتثبتوا منها قبل البناء عليها، فإن النتائج التي تترتب عليها ستكون كارثية... والسلام.

back to top