الروائية التونسية بسمة حمدي: قيود الإبداع تخنق أحلام الربيع العربي

نشر في 19-05-2013 | 00:02
آخر تحديث 19-05-2013 | 00:02
No Image Caption
ترى الروائية التونسية بسمة حمدي أن بعد ثورات الربيع العربي زادت الهجمة على الثقافة العربية وظهر مصطلحا الحلال والحرام، كذلك تعرض الكثير من الكتاب لهجمات شرسة ارتبطت بصعود التيار الإسلامي إلى الحكم في كل من تونس ومصر، ما يعد مؤشراً خطيراً ويكمن في فرض قيود على الإبداع بمختلف مجالاته.
أخبرينا عن روايتك {العنقاء والأفاعي}.

 

كتبت {العنقاء والأفاعي} عام 2008 وتقدمت بها للنشر سنة 2010 قبل الثورة التونسية بخمسة أشهر. لكن للأسف تباطأ الناشر في إخراجها للنور حتى منتصف 2011. وهي رواية سياسية  اجتماعية،  ذات بعد درامي، وأبطالها مصريون. ربما لهذا السبب اخترت أن أبدأ بنشرها في مصر، ولعلي باختيارها أردت مصافحة القارئ والمواطن المصري.

سبق وذكرت أن روايتك دعوة إلى إعلام حر وأنها مهدت لثورات الربيع العربي، كيف؟

الجزء الأول من السؤال هو فعلا مقولتي، أما الجزء الثاني فقلت تحديداً إن رواية {العنقاء والأفاعي} مهدت لثورات الربيع العربي بشهادة النقاد. ونعود إلى النصف الأول من السؤال، كانت البطلة في بداية الرواية صحافية اكتسبت شعبية عريضة من خلال كتاباتها اللاذعة والتي كانت تصارح فيها الشعب المصري بحقيقة أوضاعه وحرصت كل الحرص على كشف قضايا فساد عدة. كانت كتاباتها وبالاً عليها وتعرضت لمحاولة اغتيال، ثم انتقلت للعمل في إحدى القنوات الفضائية في برنامج يحمل عنوان {أمة إلى أين؟}، من إعدادها وتقديمها واستعملت فيه سياسة الهرم المقلوب، أي أن يكون ضيوفها من عامة الشعب، أصحاب القضية الذين لا يعرفون التنميق ثم قدمت حلقات عن الحالة العربية المتردية، ودعت إلى فصل الإعلام عن التبعية للحكومات باعتباره يساهم في تضليل المواطن العادي الذي لا يجد في إعلام بلاده ما يترجم حاله وحال الشارع العربي. أما أنها رواية ممهدة للربيع العربي ففي طياتها كثير من الإرهاصات التي أدت إلى الثورات العربية. يكفي أن تقرأ على ظهر الغلاف الأسطر التالية: العنقاء والأفاعي حملت في طياتها ألم الأمة وأوجاع الوطن المنهوب، وحكاية شعب مقهور... أوجاع أمة بلا خطوط حمراء. العنقاء والأفاعي بلاءاتها الأربعة: لا للفساد، لا للمتاجرة باسم الدين، لا للفتنة، لا للفرقة.

ماذا عن أعمالك القصصية الأخرى وكتابتك المقال السياسي؟

كانت القصة القصيرة بداية لمشواري الأدبي والمقال السياسي كان وليد فترة تواجدي في الجماهيرية الليبية في التسعينيات. أما الرواية فهي الأقرب إلي لأني أتناول من خلالها المجتمع العربي من خلال فترة سياسية محددة وربما لإيماني بأن الرواية السياسية هي الأصدق في طرح الأفكار والحلول لأنها ببساطة تحقق ذاكرة للعمل قد لا تتواجد في نوعيات أخرى من الرواية. زد على ذلك يقيني الراسخ بأن كل ما يحيط بنا وما يحدث في الشارع وللمواطن إنما هو وليد السياسة، صغرت المشاكل أم كبرت.

أيهما الأقرب إليك القصة أم الرواية والبعض يقول إننا نعيش زمن الرواية؟

 

لا أنكر فضل القصة ولكني أميل إلى الرواية لأن فيها مساحات من الإبداع والحركة محكومة في القصة. تعطيني الرواية الفرصة للحركة والحوار لا تعطيها لي القصة، فضلاً عن أن الرواية مقروءة عن القصة في هذه الفترة بالذات. أنظر إلى دور النشر ستجد بين كل 25 مؤلفاً ثلاث أو أربع روايات كأقصى تقدير.

ماذا عن الروافد والتجارب التي شكلت وعيك الإبداعي وصقلت موهبتك؟

لا يصقل الموهبة الأدبية إلا كثرة القراءة ومتابعة الإصدارات. 20 سنة من عمري تنقلت فيها بين أقطار عربية عدة، وأحداث سياسية وأنا خارج حدود تونس شكلت وعياً سياسياً كبيراً لي وظفتها كلها في كتاباتي فساهمت في إضفاء المزيد من اللمسات الإيجابية على أعمالي، حتى قيل عني إني مطبخ متنقل لا يخلو من الطبخات العربية سياسياً.

كيف تقيمن الأوضاع في تونس بعد الثورة؟

 

تونس ليست أفضل حالاً من مصر، والثورة التونسية انحرفت عن مسارها، وبات الصراع السياسي ينذر بمزيد من العنف ولعل واقعة اغتيال المناضل التونسي الكبير شكري بلعيد تُعد مؤشراً إلى واقع ما يحدث في تونس الخضراء. تونس في طريقها إلى ثورة أخرى تصحح الوضع المتردي.

هل ترين أن تعبير الربيع العربي سقط بعد النتائج التي ألت إليها هذه الثورات؟

 

مصطلح الربيع العربي لم يكن عربياً بل هو غربي. أميل إلى مصطلح {الصحوة العربية}. أنا متفائلة، ومهما حدث لن أحمل الثورة والثوار نتائج ما آلت إليه الأوضاع لأني ببساطة آمنت وما زلت أؤمن بالثورة وبالثوار الذين قادوها. نعم الزلازل لها توابع وينطبق ذلك على كل ثورة. ومهما كانت التوابع يبقى إيماني بثوارنا وأقلامنا من ورائهم لتصحيح مسار الثورات.

إلى أي مدى تشبهك كتاباتك؟

بسمة حمدي وبطلة {العنقاء والأفاعي} وجهان لعملة واحدة التمرد الشراسة، الروح القتالية والعقيدة الثورية وحب هذه الأمة... كلها قواسم مشتركة.

هل تؤمنين بالنقد وتعملين له حساباً؟

نعم. يشكل النقد مرآة يرى فيها الكاتب نفسه. النقد بشقيه الإيجابي والسلبي يضيف إلى إسم الكاتب أو المبدع ولا ينقص منه. أعمل دائماً على عدم الوقوع في سقطات تحدث فجوة عميقة في مسيرتي. أحرص دوماً على أن أكون واقعية رغم خيالي الخصب. أحرص على أن تكون معلوماتي التاريخية صحيحة، وذلك ليس لأجل النقد بل للحفاظ على مصداقية روايتي والتي بالأساس رواية سياسية.

ما المشكلات التي تواجه الثقافة العربية والأديب العربي؟

بعد ثورات الربيع العربي، زادت الهجمة على الثقافة العربية وظهر مصطلحا الحلال والحرام... كما تعرض الكتاب لهجمات شرسة ارتبطت بصعود التيار الإسلامي إلى الحكم في كل من تونس ومصر. في تونس تعرض الشاعر التونسي الصغير أولاد أحمد للاعتداء الوحشي في أحد شوارع العاصمة. يكمن الخطر في فرض قيود على الإصدارات والعودة إلى مصادرة البعض منها كما كان يحدث في العهد البائد. هنا يأتي دور اتحاد الكتاب العرب ليحمي أعضاءه أو إنشاء رابطة تدافع عن المبدع العربي أمام أي انتهاكات يتعرض لها، فالأمة التي لا تملك الكلمة الحرة لا مستقبل لها، ونحتاج إلى صحوة أدبية تواكب الثورات العربية.

ما هو جديدك في الفترة المقبلة؟

استعد لإطلاق الجزء الثاني من رواية {العنقاء والأفاعي} وتدور أحداثها منذ فترة التنحي وحتى تنصيب مرسي رئيساً لمصر. يتحرك أبطالي داخل الأحداث التي مرت بمصر في هذه الفترة، على عكس عالم الرواية حيث بضع الأبطال الأحداث وبالأسماء الحقيقية للساسة والنشطاء والرموز الوطنية.

back to top