كارمن لبّس: شخصية ريم الجريئة والوقحة استفزتني وأخافتني!

نشر في 14-08-2013 | 00:02
آخر تحديث 14-08-2013 | 00:02
بين شخصيتي «ميسم» في المسلسل اللبناني «العائدة» ( كتابة شكري انيس فاخوري وإخراج كارولين ميلان) و{ريم» في المسلسل السوري {سنعود بعد قليل» ( كتابة رافي وهبي واخراج الليث حجو) فرق شاسع سواء في مساحة الدور أو طبيعته. دافعت عن الحق وواجهت الظلم في الأول، واستعملت انوثتها الجريئة والوقحة في الثاني لتحقيق ما تريد. وبين الدورين النقيضين جذبت الممثلة القديرة كارمن لبّس المشاهدين وتألقت محلياً وعربياً.
عن مسلسليها الرمضانيين ونظرتها إلى المرأة والمجتمع وأعمالها المرتقبة في مصر والمغرب تحدثت كارمن إلى «الجريدة».
نال مسلسل «العائدة» في جزئه الأول ثلاث  جوائز «موركس دور»، فما تعليقك؟

حصد المسلسل هذه الجوائز عن أفضل عمل لبناني وليس عربيًا مشتركًا مثل «روبي» الذي عرض في الموسم الرمضاني نفسه، برأيي يجب تقدير الأعمال اللبنانية محليًا وتكريمها على الأقل لأنها لا تسوَّق خارج لبنان.

كيف تقيمين الجزء الثاني الذي عرض هذا العام؟

ألوم تلفزيون «الجديد» لأنه لم يسوّق الجزء الثاني كما يجب. مع أنه عالج قضايا بشكل مكثّف وتطرق إلى زواريب المجتمع ووقائع نعيشها في يومياتنا اللبنانية، وتناول الفساد في السلكين السياسي والأمني، إلا أنه حلّ في المرتبة الثانية  وفق الإحصاءات المنشورة ولم يحظَ بنسبة حضور عالية، لتزامنه مع  «لعبة الموت» الأضخم إنتاجيًا وعربيًا وتقديمه  قصة معروفة وجميلة ومشوّقة بأحداثها. هذا النوع يجذب المشاهدين أكثر من المسلسلات الاجتماعية، لذلك أعتبر أن احتلال المرتبة الثانية جيد مقارنة مع الإمكانات الإنتاجية المحلية التي نفّذ العمل بها.

هل تعبّر شخصية ميسم عن واقع النساء العربيات؟

تناولنا في هذا المسلسل الإنسان عموماً وليست المرأة بحد ذاتها، فطرحنا معاناة الفقير الذي لا يملك واسطة وسلطة ومالاً، ويدفع ثمن أخطاء غيره من دون أن يسترجع حقه، ويُسجن لجريمة لم يرتكبها، وعندما يحاول استرداد حقه لا يتمكن من مواجهة أصحاب النفوذ في بلد يتحكم هؤلاء به. فضلا عن أننا طرحنا قضية المرأة التي، إذا حملت من الرجل الذي تحب قبل الزواج ومات، تضطر إلى التفتيش عن أب بديل، لأن المجتمع العربي يرفض الأم العزباء ويرفض تسجيلها الطفل، بينما تختلف معالجة هذه الأمور في دول الغرب.

نص شكري أنيس فاخوري من صلب قضايا المجتمع، كيف تقيمينه مقارنة مع النصوص الدرامية الأخرى؟

اقتُبست نصوص أغلبية المسلسلات الدرامية، في السنتين الماضيتين، من قصص عالمية تُرجمت وعدّلت لتلائم طبيعة المجتمع العربي، وحده الكاتب شكري أنيس فاخوري  يتناول قضايا محلية لبنانية، لذلك أحييه وأحبه كثيرًا. يؤسفني أن أقرأ تعليقات صحافية سلبية عن الأعمال المحلية بدلا من دعمها وتشجيعها.

هل يمكن لهذه القضايا المحلية أن تكسب مشاهدين من الدول العربية؟

تلقيت ردود فعل إيجابية حول «العائدة» من مشاهدين عرب، ذلك أن القضايا التي طرحها المسلسل موجودة في المجتمعات كافة، سواء قضايا الفساد أو السلطة والنفوذ أو مشكلات المرأة، لذلك شعر المشاهدون العرب بأنهم معنيون بها.

كيف  تقيّمين التعاون مع المخرجة كارولين ميلان؟

مخرجة جيد جدًا تتابع عن كثب أداء الممثلين، وهذا التعاون هو الثالث بيننا.

والحضور اللافت للممثلين اللبنانيين في الأعمال العربية المشتركة هذا العام؟

اكتشف المنتجون العرب أن ثمة ممثلين جيدين ووجوهًا لبنانية جميلة، فاستعانوا بهم لإحداث تغيير في الكاست الذي لم يتبدل، منذ سنوات، في الأعمال العربية. فضلا عن أن الوضع السوري المتأزم الذي نتمنى انتهاءه على خير، أدى إلى تصوير كمّ من المسلسلات السورية في لبنان، على غرار «سنعود بعد قليل» الذي نقل صورة عن لجوء المواطنين السوريين إلى لبنان، فكان، برأيي، أهمّ مسلسل عربي ترجم واقعًا اجتماعيًا حقيقيًا لمواطنين يعانون من رؤية بلدهم ينهار والعائلات تتشتت، فيما ترجم «ولادة من الخاصرة» واقعًا دمويًا لم أتحمّل متابعته صراحة.  فضلا عن أن الانفتاح على الفضائيات العربية وانتشار اللبنانيين في البلدان العربية كما انتشار المصريين والسوريين في لبنان، كل ذلك احتاج إلى ترجمة واقعية وفعلية في الأعمال الدرامية، فتحقق هذا الخليط.

كيف ينظر المشاهد العربي إلى الممثل اللبناني، برأيك؟

بات المشاهد العربي يحب الممثلين اللبنانيين ويتابعهم، لذا كان من الضروري أن تتغير الصورة التي سادت في الماضي عن الممثلة اللبنانية الجريئة التي يقدمون لها أدوارًا معينة ولا تزال تطلب لها، للأسف، رغم التقدم الذي حققناه، كونها متحررة أكثر من غيرها، إنما يجب ألا تحصر في هذه الأدوار فحسب.

لماذا ينجذب المشاهد إلى القصص الرومنسية أكثر من الاجتماعية؟

للأعمال الرومنسية المنفذة بأسلوب درامي تركي جمهورها الكبير، لأن الشعب العربي عاطفي بطبعه، لكن الغرام ما زال من المحرّمات في مجتمعه، لذلك يفتش عن فشة خلق تتمثل بمشاهدته لهذه الأعمال، خصوصًا أن متابعي المسلسلات في غالبيتهم  من ربّات المنزل والسيدات.

للأسف لا تُكتب أعمال عربية رومنسية بل يتم التركيز على التاريخ والحروب والإجرام والقصص الاجتماعية، لأن الكتّاب لا يستطيعون التطرق إلى قضايا تشكل «تابو» في مجتمعاتهم، وإذا تحدثوا عنها تأتي المعالجة سطحية، فضلا عن أن الممثلات العربيات يخشين أداءها.

تختلف شخصيتا ريم وميسم شكلا ومضمونًا، أية واحدة منهما أتعبتك أكثر؟

رافقتني ميسم منذ رمضان الماضي، لذلك لم تتعبني ولم أشعر أنني أمثلها كونها راسخة في ذهني، وتشبهني بمواقفها وعفويتها وصراحتها واندفاعها وثقتها العمياء بالآخرين، بينما دور ريم جديد ومختلف عما قدمته سابقًا، لذا طلبت تنسيق مواعيد تصوير «العائدة» في شكل يتناسب مع «سنعود بعد قليل»، وكنت أرتاح يومين بين العملين لأتمكن من الفصل بين الشخصيتين.

كيف تصفين شخصية ريم؟

خشيت هذا الدور لأنه جريء، فخففت قليلا من جرأته ووقاحته من دون أن يؤثر ذلك في مجرى القصة، وبهذه المناسبة أحيي المخرج الليت حجو الذي تشاورت معه للتعديل في الشخصية، إذ لا يجوز أن تطلّ الممثلة اللبنانية دائمًا بمظهر الجريئة جدًا، فأظهرني بصورة لائقة لا وقحة، حتى الثياب التي اختيرت للدور كانت لائقة. علمًا أن ثمة نساء يعتبرن إغواء الرجل جزء من الحرية وهذا ليس صوابًا، لذلك تعبت نفسيًا في تقديم هذه الشخصية التي استفزتني تصرفاتها على الصعيد الشخصي.

كيف استطعت تمثيلها اذًا؟

شكّلت تحديًا كبيرًا بالنسبة اليّ لأنها لا تشبهني، رغم أنها تمثل شريحة من النساء، لذا كان من الضروري تجسيدها.

كيف تقيّمين  ردود الفعل عليها؟

تلقيت اتصالات مرحبة بهذا الدور الذي أُطلقت عليه صفة «وقاحة راقية»، وقرأت تعليقات صحافية إيجابية، فارتحت لتقبل الناس لهذه الشخصية وعدم نفورهم منها، رغم أنها مختلفة عن الأدوار التي أديتها في الفترة الأخيرة، ودافعت عن المرأة والحق والعدالة...

هل تابعت الأعمال الرمضانية؟

لم أتابعها بشكل مكثف بسبب التصوير، لكنني  شاهدت «سنعود بعد قليل» وبضع حلقات من «لعبة الموت» و{جذور» و{العراف» و{ولادة من الخاصرة» إنما لم أستطع تكوين صورة دقيقة عنها.

ثمة أعمال درامية تجارية ضخمة تحظى بجماهرية واسعة، فهل يُكتب لها الخلود؟

ثمة أمر مهم يغضون النظر عنه أحيانًا وهو أن المؤسسة اللبنانية للإرسال أقوى محطة تلفزيونية محلية، على صعيد نسبة المشاهدين الذين اعتادوا متابعة أي عمل يعرض عبرها، مهما كان مستواه، لإدراكها جيّدًا كيفية تسويقه والترويج له. لذلك ألوم محطة «الجديد» على عدم تسويق الجزء الثاني من «العائدة»  والترويج له كما يجب، مع أنه  من انتاجها الخاص. الآن بعد انتهاء شهر رمضان لا بد من أن يظهر  أي عمل رسخ في ذهن المشاهد.

هل الجمع بين مبدأ التسويق التجاري والنوعية في الدراما ضروري؟

في السينما قد يعرض فيلم نخبوي في المهرجانات لكنه لا يحظى بجماهرية، وآخر لا يعرض في المهرجانات لكنه يكسب جمهورًا. من الضروري أن نضيف شيئًا ما إلى العمل النخبوي التلفزيوني ليقترب من المبدأ الجماهيري، فندمج الاثنين معًا ليفرّق الناس بين العمل الهابط والعمل الجيد.

من لفتكِ من  الممثلين العرب هذا العام؟

الممثل السوري قصي الخولي، لفتني أداءه البعيد عن أي  نمطية، بل يعتمد على ردة الفعل العكسية في المشاهد، كذلك الممثل السوري عابد فهد، إنما عرض أعماله الثلاثة «سنعود بعد قليل» و{ولادة من الخاصرة» و{لعبة الموت» بتوقيت متلاحق عبر المؤسسة اللبنانية للارسال لم يكن موفقًا. أما الممثلة السورية دانا مرديني ففاجأتني بأدائها الملفت والرائع، وهي من الممثلات الواعدات لأنها تعبر عن إحساسها بشكل جميل، وأنا أوجه لها تحية لأنني أحببتها كثيرًا.

هل من دور يصعب عليك أداءه؟

يصعب عليّ أداء دور المرأة الضعيفة المعنفة، لأنني قد أقوم بردة فعل عكسية للدفاع عن نفسي. فإذا قبلت بدور مماثل، سأخطط حتمًا  لكيفية الانتقام من الرجل الذي يعنفني، فضلا عن أن شكلي وشخصيتي لا يناسبان لأداء مثل هذا الدور. أشعر بالإهانة عندما تُستضعف امرأة وتهان وتعنّف مع ذلك تقبل وتسكت حتى تخسر روحها تدريجًا.

بم تنصحينها؟

أنصحها بالانتفاض والصراخ لتنقذ نفسها، فهي تتحمّل مسؤولية هذا الأمر، إذا حصل، لأنها تقبل بواقعها. فضلا عن أن تعنيف الرجل لزوجته هو نتيجة تربية الأم التي أنشأته على فكرة أنه أهم من شقيقته، وبالتالي لديه حقوق أكثر منها، فيصبح سلطويًا يعنف زوجته، فيما تنشأ الفتاة على مبدأ أنها ضعيفة ومعنفة.

هل نفهم من كلامك أنك تلومين الأم لأنها لم تربِّ أولادها على احترام المرأة؟

بالطبع، فهي الأساس والمسؤولة عن تنشئة رجال يحترمون المرأة، فتربيهم على المساواة بينهم وبين شقيقاتهم ليتكوّن مجتمع صالح. فضلا عن أنني أدعم إقرار قانون إعدام الرجل المعنف لزوجته، لأن ذلك يردعه ويحثه على التفكير مرارًا قبل التصرف، مثلما يردع قانون المحاسبة عن ارتكاب أخطاء طبية مثلا أو رشوى أو سرقة...

هل أثبتت الدراما اللبنانية حضورها عربيًا؟

اقتحمت الكاتبة كلوديا مرشليان الشاشات العربية ككاتبة لبنانية، لذا أوجه لها تحية، إنما إنتاج هذه الأعمال ما زال عربيًا. من هنا أدعو المنتجين اللبنانيين أن يتفقوا،  لمرة واحدة، لتقديم عمل إنتاجي  ضخم، فنخرج عبره إلى السوق العربية، لا أعرف إلى أي مدى يمكن أن يخرق منتج لبناني وحده السوق العربية بإنتاج لبناني وليس عربيًا.

ماذا عن  أعمالك الجديدة؟

مسلسل مصري ضخم في عنوان «قصر عابدين»، من كتابة هبة حمادة وإخراج عامر عرفة وإنتاج MBC، يضم شخصيات كثيرة وتدور أحداثه في قصر عابدين، لذا يحتاج إلى تحضيرات واهتمام بالتفاصيل قبل البدء بالتصوير. أؤدي فيه دور رئيسة الخدم في القصر، وهو جديد ولم يسبق أن قدّمته، سأبدو قبيحة الوجه وقاسية إنما طيبة القلب، ونكتشف تدريجًا أن هذه الشخصية القاسية هي نتيجة وجع طفولي،  وسأتحدث بالعربية المكسّرة والتركية. كذلك أقرأ نصًا مغربيًا في عنوان «عايدة»، أتمنى المشاركة فيه وهو باللغتين المغربية والفرنسية. أعتبر أن هذين المسلسلين بمثابة تحدٍّ بالنسبة إليّ لأنهما يتطلبان جهدًا ليس تمثيليًا فحسب، بل اهتمام بمخارج الجمل والإحساس بها لأقنع المشاهد بشخصيتي.

back to top