سليمان الفهد... رحيل قامة وطنية وأدبية شامخة

نشر في 10-06-2013 | 00:01
آخر تحديث 10-06-2013 | 00:01
فقدت الكويت أمس قامة وطنية وأدبية شامخة برحيل الكاتب الكويتي الساخر سليمان صالح الفهد أحد المرابطين طوال أيام الاحتلال "الصدامي" الغاشم للكويت.

وأصدر الفقيد مع مجموعة من الكتاب والمتطوعين من أبناء الكويت نشرة "26 فبراير" بعد التحرير مباشرة. وكان له قبل ذلك، دور بارز خلال فترة الاحتلال العراقي الغاشم، فقد فوجئ الصامدون بصحيفة "الصرخة" التي تعتبر نوعاً من المقاومة التحريضية، واستمرت في الصدور شهرين وتوقفت بسبب متابعة سلطة الاحتلال لها. وساهم في تحريرها د. بدر الشيباني وسعدية مفرح وليلى محمد صالح وغنيمة زيد الحرب وموضي المفتاح، وتولى توزيعها مجموعة من شباب وشابات كيفان والشامية والخالدية والعديلية.

وشارك الفقيد، رحمه الله، بفعالية في تأسيس الجمعية الكويتية للدفاع عن ضحايا الحرب، ووصل عدد المتطوعين فيها إلى نحو 1200 متطوع ومتطوعة مع الدكتور غانم النجار الذي ترأسها، واتخذت من جمعية المحامين مقراً، وانبثق منها رابطة أهالي الأسرى والمفقودين إلى أن تبلورت فكرة إنشاء "الهيئة الشعبية للتضامن مع الأسرى والمفقودين" بعد أن تمت دعوة جمعيات النفع العام، واستجاب منها 25 جمعية، وكان لتلك الهيئات دور مركزي في جمع المعلومات والتنسيق مع جمعيات حقوق الإنسان، وفي تقديم الخدمات إلى ضحايا التعذيب والاغتصاب وذوي الشهداء والأسرى والمفقودين.

ولد الراحل سليمان الفهد في المرقاب عام 1938، والتحق بمدرسة ملا مرشد الأهلية بحي المرقاب، في منتصف عقد الأربعينيات من القرن العشرين، ثم التحق بمدرسة المرقاب الابتدائية عام 1950، وفي عام 1953 انتقل إلى مدرسة صلاح الدين المتوسطة، وانتهى من المرحلة المتوسطة عام 1956، وقد كانت المدرسة في ذلك الوقت نموذجية تحظى بمستوى تربوي وتعليمي مميز.

انتقل بعد ذلك إلى ثانوية الشويخ ومكث فيها سنتين، ثم سافر إلى دمشق ملتحقاً ببعثة الكويت إلى دار المعلمين عام 1958، وأنهى الدراسة هناك عام 1961. وفي عام 1962، سافر إلى جامعة "عين شمس"، وحصل على ليسانس آداب، قسم فلسفة وعلم نفس عام 1966.

أحب الكتابة منذ صغره، فبدأ الكتابة كهواية عندما كان يدرس في مدرسة الملا مرشد، وفي المرحلة المتوسطة أوكلت إليه كتابة افتتاحية صحيفة "أسرة طارق"، وعندما سافر إلى دمشق بدأ الكتابة، ونشرت له أول مقالة عام 1958 في مجلة "صوت الكويت" التي كانت تصدر عن طريق البعثة الكويتية بمعهد المعلمين هناك، ثم واصل الكتابة عندما كان يدرس في قسم الدراسات النفسية والاجتماعية في جامعة "عين شمس"، وذلك في المجلة الدورية الطلابية للدارسين، التي يصدرها قسم الدراسات النفسية.

بعد عودته من القاهرة التحق بالعمل في وزارة التربية، وعيّن مدرساً للفلسفة وعلم النفس، وفي العام نفسه عيّن ملحقاً ثقافياً، وفي عام 1970 تولى رئاسة القسم في وزارة التربية، لكن العمل الحكومي لم يكن يوماً يعجبه.

لم يستطع التخلي عن هوايته التي أحبها منذ الصغر، وهي الصحافة التي كرس حياته لها، فتوجه عام 1973 للعمل مراقباً في شعبة الصحافة، ثم انتقل إلى مجلة "العربي" عام 1977، حيث عيّن صحافياً، ثم مستشاراً صحافياً في العام نفسه، وفي عام 1979 عيّن مراقباً للشؤون الصحافية. وفي عام 1983 شغل منصب مستشار للوكيل المساعد للإعلام الخارجي، وظل في منصبه هذا حتى عام 1987 حيث قدم استقالته.

بدأ مشواره الصحافي الفعلي في جريدة "السياسة" من خلال زاوية "سوالف" التي انتقلت معه إلى "الوطن" ثم "القبس"، وكان لديه زاوية "خذ وخل" التي كانت تنشر في جريدة "الجريدة" منذ انضم إليها عام 2007 حتى توقف عن الكتابة لدواعٍ صحية ألمت به.

وللكاتب سليمان الفهد، رحمه الله، مجموعة كتب أصدرها بعد الاحتلال، وكانت توضح يوميات "حياة المرابطين" ومعاناتهم إبان الاحتلال، التي وثقها في كتاب من جزأين بعنوان "شاهد على زمان الاحتلال العراقي في الكويت" عام 1991، كما صدر له كتاب "الأرض والعبد" عام 1995.

و"الجريدة" التي آلمها هذا المصاب الجلل تتقدم إلى أسرته الكريمة وإلى جميع زملاء الجسد الصحافي في الكويت وجميع محبيه ومريديه بأحر التعازي في رحيل الزميل أبو نواف، سائلة المولى عز وجل أن يلهم أهله ويلهمنا الصبر والسلوان على هذا المصاب الجلل.

"إنا لله وإنا إليه راجعون".

back to top