جريمة في سرير شاعرة المعارضة

نشر في 08-08-2013 | 00:01
آخر تحديث 08-08-2013 | 00:01
بعض الجرائم لا يمكن الوصول إلى فاعليها، فتظل عالقة في الهواء، لا القانون استطاع أن يكشفها ولا الشهود توصلوا إلى الفاعلين. على الرغم من ذلك يبقى الانتقام الإلهي قادراً، دون غيره، على تحقيق القصاص من المجرمين معدومي الضمير، الذين ساعدتهم الظروف في الهروب من فخ القبض عليهم، ناسين أن العدالة الإلهية لا تعرف عبارة «ضد مجهول».
وصلت الشرطة إلى المنزل رقم 36 في شارع الأحرار في الحي الراقي. كانت الساعة تقترب من الثالثة فجراً. استيقظ السكان والجيران على سارينة الشرطة... وبدأت الأنظار تتجه نحو الطابق الخامس، حيث كانت السيدة مادلين تقف أمام الشقة رقم 9 وهي متوترة، وما إن شاهدت ضابط الشرطة حتى بادرته قائلة:

* منذ أبلغتكم سارعت في الحضور إلى هنا... ولم أرفع يدي من فوق جرس باب الشقة طوال نصف ساعة. لكن لا حس ولا خبر... حتى هاتف فريدة لم يعد يرد... ولا تأتي منه سوى عبارة واحدة: { الرقم المطلوب مغلق... أو خارج نطاق الخدمة}.

سأل الضابط مادلين:

* ثمة احتمال بأن تكون السيدة فريدة غادرت الشقة بعدما استغاثت بك... وأخشى من مسؤولية اقتحام الشقة... هل أخبرتك أنها في انتظارك؟!

 

** لا... لم تقل ولم تطلب زيارتي... لكنها كانت تتصل بي كل خمس دقائق لتؤكد أنها تشعر بشيء غريب داخل شقتها... وأنها سمعت صوت حركة وينتابها خوف شديد. وفي مكالمة أخرى أخبرتني أن الخوف جعلها غير قادرة على الحركة وتخشى النهوض من السرير لمعرفة ما يحدث خارج غرفتها!

في آخر مكالمة طلبت مني أن أظل على اتصال بها حتى الصباح، وفجأة، خفت صوتها بشدة وهي تبكي وتهمس لي أن التيار الكهربائي قد انقطع! وحينما نصحتها بأن تغلق عليها باب حجرتها من الداخل أجابتني أنها فعلت ذلك... إلا أنني، بعد هذه المكالمة، حاولت الاتصال بها للاطمئنان عليها، كما طلبت مني، لكنها لم تعد ترد، ما أقلقني فاتصلت بكم في شرطة النجدة وسبقتكم إلى هنا!

وقف الضابط يفكر بعمق... وبعد لحظات اتخذ قراراً لم يتردد في تنفيذه، اتصل بوكيل النيابة وحصل منه على إذن شفوي بكسر باب الشقة. داخل الشقة اضطر الضابط نفسه إلى كسر باب حجرة النوم... وكان المشهد في غاية الغرابة!

شبهة جنائية

السيدة فريدة فوق سريرها شبه عارية على رغم الجو البارد الذي حول الأجساد إلى قطع من الثلج... إلى جوارها علبة فارغة من الحبوب المنومة!... وعلى حافة السرير سترة رجالية ! وقبل أن تندفع مادلين نحوها جذبها الضابط... طلب منها ومن رجاله ألا يقترب أحد من محيط السرير حتى يتضح الأمر، إن كانت ثمة جريمة أم لا، خصوصاً أنه لا يمكن الجزم بأن فريدة على قيد الحياة... أم فارقتها الروح... ولن يحدد ذلك سوى الطبيب!

دقائق ثم حضر طبيب من سكان العمارة ليعلن أن فريدة أصبحت جسداً بلا روح. انهارت مادلين ولم تتمالك نفسها وغرقت في البكاء، بينما بدأ الضابط يتصور أن الحادث، من مظهره العام، يبدو انتحاراً... لكن مادلين تنبهت إلى وصف الضابط، فصاحت في غضب ممزوج بالحزن:

** لا... فريدة لم تنتحر!

وجد ضابط النجدة في موقفها فرصة ليحاورها، قبل حضور ضابط المباحث، ليتولى تحديد ما إذا كانت ثمة شبهة جنائية فتأخذ الإجراءات شكلاً آخر، أم مجرد حادث انتحار لا يستلزم تشكيل فريق بحث جنائي أو عمل تحريات أو البحث عن الجاني... سأل ضابط النجدة مادلين:

* ما الذي يجعلك واثقة من أن السيدة فريدة لم تنتحر؟

 

** وهل تخلع امرأة تريد الانتحار ملابسها أو تخفف منها حينما تشرع في تنفيذ جريمتها، وهي تعلم أنها ستكون مكشوفة لكل من هب ودب، فور اكتشاف وفاتها؟! حتى لو افترضنا أن هذه كانت ملابسها قبل تناول هذه الكمية من الأقراص المنومة... فهل يمكن تصوّر أن ترتدي امرأة أو رجل في هذا البرد القارس وجهاز التكييف مغلق مثل هذه القطع الرمزية من الملابس؟! أنا واثقة بأن صديقة عمري لم تنتحر.

كانت حريصة

حضر فريق من المباحث ووكيل النيابة وتمت معاينة الجثة والمكان، واعترف رئيس المباحث بأنه يميل إلى رأي مادلين، وأنه يشم رائحة الجريمة في المكان... مستنداً في تحليله، إلى المكالمات المتتالية التي أجرتها فريدة مع مادلين وإحساسها بوجود حركة غريبة داخل الشقة أسفر عن شعورها بالخوف... ثم استجابتها لنصيحة مادلين، ويعدّ إغلاق حجرتها من الداخل دليلاً آخر على أنها كانت حريصة على الحياة.

أمر وكيل النيابة بتشريح الجثة لمعرفة سبب الوفاة مع التصريح بدفنها بعد إعداد تقرير الطبيب الشرعي، وتكليف المباحث بجمع التحريات وكشف غموض الحادث! كان أمام فريق البحث الجنائي تساؤلات تبحث عن إجابة:

* إذا كان ثمة جانٍ أو جناة فلماذا ارتكبوا الجريمة؟!

* هل أدى انقطاع التيار الكهربائي دوراً في الجريمة؟

* كيف دخل الجاني أو الجناة الشقة من دون عنف أو مقاومة؟

* هل أجبر الجاني السيدة فريدة على تناول علبة الأقراص المنومة كاملة لتبدو الجريمة في شكل انتحار؟

* ومن هو صاحب السترة الأنيقة على حافة سرير السيدة فريدة وتفوح منها رائحة عطر رجالي، ما يؤكد أنه غادر المكان في زمن معاصر للجريمة أو قبلها أو بعدها مباشرة؟

* وأخيراً، أين بواب العمارة؟ ولماذا لم يكن موجوداً تلك الليلة؟

قبل أن تحاول مادلين الإجابة عن أي سؤال، فوجئ رئيس المباحث برجل في الستين من عمره يطلب الإدلاء بأقواله:

* اسمي حسين... مدير عام سابق. أسكن الشقة الملاصقة لشقة السيدة فريدة... عندي واقعة محددة أرى أنها قد تفيد التحقيق... يتردّد رجل على السيدة فريدة، لا أعرف مدى صلته بها، قابلته بالصدفة مرات أثناء دخولي إلى شقتي أو خروجي منها... وكنا نلقي التحية على بعضنا من دون أن يعرف كل منا الآخر... وقد شاهدته ذات يوم يخرج من سيارته الحمراء الفارهة أسفل العمارة متجهاً إلى الفناء لحظة خروجي منه.

* وما الذي جعلك تشكك في هذا الرجل بالذات؟!

** أنا لا أتهم أحداً، لكني أنبه إلى ملحوظة قد تكون مهمة... ففي المرات التي شاهدته فيها يدخل شقة فريدة كان الوقت يتجاوز منتصف الليل بدقائق... أما ليلة الواقعة فشاهدته ينصرف في الموعد الذي كان معتاداً الحضور فيه!

 

* هل انقطع التيار الكهربائي في شقتك في تلك الليلة؟

 

** نعم... وفي المنطقة كلها... لكن سرعان ما عاد بعد لحظات!

 

* وما معلوماتك عن غياب بواب العمارة؟

 

** يعلم السكان أنه يأخذ إجازة تتراوح بين أسبوع وعشرة أيام كل عام... وأثناء إجازته يستخدم كل منا مفتاحه الخاص في فتح باب العمارة أو غلقه. آخر من يحضر ليلاً يغلق الباب بالمفتاح، وأول من يخرج صباحاً يفتحه، ويستمر هذا الوضع إلى حين انتهاء إجازة البواب.

* وهل كان الشخص الذي يتردد على فريدة يستخدم جرس باب الشقة أم كان معه مفتاح خاص؟

 

** لم أشاهد أنه كان يستخدم مفتاحاً خاصاً.

كان ثمة إجماع من السكان الذين أدلوا بأقوالهم على الإجابات نفسها المتعلقة بالعمارة والبواب والتيار الكهربائي. كذلك أجمعوا على أن بعضهم شاهد صاحب السيارة الحمراء الفارهة يتردد على شقة فريدة... بينما نفى البعض الآخر معرفته به.

قبل أن ينصرف المدير العام السابق الذي أثار حكاية صاحب السيارة الحمراء، عرض رئيس المباحث عليه الجاكيت الرجالي وسأله إن كان شاهد صاحب السيارة الحمراء يرتديه؟ أجاب الرجل:

** لا أستطيع أن أحدد لأن برودة الجو فرضت عليه أن يغلق أزرار البالطو الذي كان يرتديه... ولم يظهر من البدلة الكحلي سوى الجزء الأسفل منها.

حبيبها

على رغم تكتم المباحث على الواقعة فإن الخبر تسرّب إلى الصحافة، فأثارت ضجة وشكلت ضغوطاً على رجال الشرطة، لا سيما بعد اهتمام الرأي العام بالواقعة على أثر الكشف عن شخصية السيدة فريدة... فهي مدربة سباحة شهيرة في أحد الأندية الكبرى... وصاحبة {أتيلييه} معروف في وسط القاهرة... وصدرت لها أعمال أدبية كشفت عن رؤى سياسية معارضة لنظام الحكم ولبعض أوجه الفساد. لهذا اجتهد الناس في تفسير الحادث وأطلقوا العنان للخيال وشطحت بهم الأفكار... إلا أن مادلين كشفت في التحقيقات عن شخصية فريدة... قالت:

 

**... لم يكن لها في السنوات الأخيرة أصدقاء، ولا صديقات، كانت تقول لي باستمرار إنها خرجت من الدنيا بعلاقتي بها. على رغم اختلاف العقيدة بيننا كانت تثق بي بلا حدود... وكنت على دراية بعلاقتها مع صاحب السيارة الحمراء، فهو أحد كبار الأطباء في مصر. تعرفت فريدة إليه خلال دراستها الجامعية... كانت طالبة في كلية الآداب وهو طالب في الطب... وكانا يشاركان في النشاط الأدبي في الجامعة... أحبها كمال ولم يجرؤ على مصارحتها بحبه نظراً إلى الفارق الاجتماعي بينهما... لطالما تمنت لو يطلب يدها، وضايقتها سلبيته وخجله الزائد عن الحد...

 أرادت أن تغيظه فقبلت خطوبتها على أحد زملائها... كانت جميلة للغاية والجميع يتسابقون لنيل رضاها، لكن كمال لم يحرك ساكناً... تزوجت من زميلها الثري فور تخرجها بينما اختفى كمال. وبعد سنوات وصل زواجها إلى طريق مسدود بسبب الغيرة الحمقاء لزوجها، ضايقته شهرتها في النادي الاجتماعي وقصائد الحب والغزل التي كانت تنشرها في الصحف... وظهورها في برامج تلفزيونية... كان زوجها يؤمن بأن المرأة مكانها البيت، بينما تأكدت هي أن نصيبها الأسود أوقعها في هذا الرجل المتزمت... وانتهى بهما المطاف إلى الطلاق... وما كادت تفيق من صدمة الانفصال حتى فوجئت برحيل أمها ثم لحق والدها بها.

عانت فريدة الوحدة إلا أنها ما لبثت أن تغلبت عليها بالعودة إلى أنشطتها المختلفة كمدربة للسباحة وأديبة واعدة... وساعدها الميراث الكبير الذي تركه أبواها على أن تعيش حياتها كما تريد. وذات يوم قررت فتح {أتيلييه} في موقع متميز في قلب القاهرة. وكشفت للمرة الأولى عن موهبتها الرائعة في الفن التشكيلي. بل فاجأتني، أنا صديقة عمرها، بلوحات مبهرة رسمتها أثناء فترة أحزانها وانزوائها... وليلة الافتتاح حدث ما لم يخطر لها ببال.

فوجئت بكمال يقف أمام إحدى اللوحات تتأبط ذراعه سيدة جميلة... وما إن وقعت عيناها في عينيه حتى ارتبكت... وارتبك... وتلعثم الاثنان... وتظاهر كلاهما بأنه لا يعرف الآخر... لكنها لم تنم ليلتها... ظلت تحدثني هاتفياً، حتى الفجر، عن تلك اللحظات التي أيقنت فيها أنها لم ولن تحب رجلاً في حياتها سوى كمال...

المثير أنه زارها في اليوم التالي، واعتذر عن تجاهله لها خوفاً من غيرة زوجته التي تخنقه... وضحكت فريدة... لكنه ضحك أمرّ من البكاء... ومن دون أن تشعر روت له طلاقها من زوجها، رجل الأعمال الثري للسبب نفسه... الغيرة التي تدمر! وبدأ الحب القديم يفرض نفسه على فريدة وكمال الذي أصبح طبيباً نابغاً... وأعتقد أنهما عاشا معاً أجمل أيام عمرهما.

ويا لها من عجائب القدر... كمال أصبح جريئاً في حبه وفريدة غرقت في غرامه من دون أن تجرؤ على أن تحثه على الزواج منها... كان يحدثها عن ارتباطه الجنوني بأطفاله الثلاثة، وأنه يصبر على زوجته، من أجلهم، ويحتمل أذيّتها... وكانت هي تستمع إليه وهي تتمزق! لم تكن قادرة على إنهاء العلاقة حرصاً على سمعتها وكرامتها... لأنها تحبه. ولم تكن مرتاحة لتغلغل كمال في حياتها من دون أن يرتبط بها برباط شرعي. كانت تشعر بالقرب منه بأنها تعيش في النعيم والنار معاً... نعيم الحب وجحيم العلاقة غير الشرعية. لكن يبدو أنها استسلمت لهذا الواقع حتى آخر يوم في حياتها التي انتهت بهذا الشكل المأساوي.

 

* هل أخبرتك بوجود كمال في مكالمتها الأخيرة لك؟

 

** لا...

* يؤكد جارها أن كمال خرج من شقة فريدة بعد دقائق من منتصف الليل... فمتى حدثتك بالضبط؟

 

** الثانية فجراً.

 

اعتراف

استدعت النيابة الدكتور كمال. سألته عن وجوده ليلة الحادثة في شقة فريدة وأنه كان آخر من غادرها قبل وفاتها... وعرض عليه المحقق السترة التي كانت على حافة سرير فريدة. وجاءت ردود كمال صريحة وواضحة، لا لبس فيها ولا لف أو دوران. قال:

** نعم... أنا صاحب الجاكيت. نعم كنت أتردد عليها في ساعات النهار المتفق عليها... وليلة وفاتها زرتها ليلا في نفس موعد انصرافي المعتاد من قبل. كان الوضع خطيراً. تلقيت أكثر من مكالمة تهديد لأبتعد عن فريدة. حذرني بعض أصدقائي السياسيين من علاقتي بها بسبب قصائدها التي تهاجم الحكومة والنظام وتلقى رواجاً بين الناس وتتهافت عليها الصحف.

 ذهبت إليها في تلك الليلة لأصارحها بأن إصرارها على هذا الموقف السياسي يضر بعلاقتي بها ويسبب لي شبهات. اقترحت عليها أن نبتعد بعض الوقت ما دامو يراقبوننا. من هم؟ لا أدري! لكني فوجئت بها تنفجر في وجهي لأول مرة. اتهمتني بأنني شبعت منها وأريد العودة إلى حياتي الأسرية المنتظمة مع زوجتي وأولادي. لم تكن فريدة التي أعرفها وإنما بركان تتناثر منه الحمم في الاتجاهات كافة. صاحت في وجهي بأنها نادمة وتستحق أن تلعن نفسها لأنها سلمتني نفسها. ووصفتني بأنني وغد ونذل وأناني. تخلت عن ذكائها المعهود، ولم تفهم رسالتي إليها والحذر الذي يجب أن نتخذه معاً. ظنت أنني أؤلف مكالمات التهديد. نسيت مواقفها السياسية وعداءها للدولة، وكانت امرأة تدافع فقط عن عواطفها. وكي لا تتطور المشادة الكلامية إلى شجار قررت إنهاء الزيارة بسرعة. ونظراً إلى ارتباكي ارتديت البالطو ونسيت الجاكيت في المكان الذي خلعته فيه لحظة وصولي.

* ماذا كانت ترتدي فريدة لحظة انصرافك؟!

** نفس الملابس التي استقبلتني بها. {ترينج} أبيض وفوقه روب. كان الجو شديد البرودة!

* لكن تم العثور عليها شبه عارية؟

** لا أعرف ماذا حدث بعدما غادرت الشقة!

* كيف تفسر تناولها علبة كاملة من الأقراص المنومة... وتقرير الطب الشرعي الذي أثبت أن الوفاة ناتجة من تعاطيها لهذه الحبوب؟

 

** أعرف عن فريدة ما لا يعرفه أي شخص آخر. لم تلجأ أبداً إلى الأقراص المنومة! ووفقاً لشخصيتها لا يمكن أن تنتحر.

 

* وما تفسيرك لإبلاغها مادلين بأنها تشعر بحركة غريبة داخل شقتها... وأنها كانت تموت في جلدها خوفاً؟

 

** أبلغتني قبل أسابيع أنها تعرضت لحادث مريب وهي تقود سيارتها... وأن العناية الآلهية أنقذتها من الموت بعدما طاردتها عربة ملاكي وهي عائدة من الأتيلييه في وقت متأخر... قلت لها إنها ربما تكون معاكسة، إلا أنها كانت على يقين من أن سائق السيارة كان يتربص بها ويريد أن يجعل عجلة القيادة تختل في يدها... لا أستبعد أن تكون فريدة على حق في مخاوفها!

 

أنهى الدكتور كمال أقواله بدموع لم يستطع التغلب عليها. وعلى رغم توقف المحقق عن توجيه الأسئلة فإن كمال ظل يردد وهو يبكي:

** داريت حبي لها منذ أيام الجامعة. وبعدما عدنا إلى بعضنا ظللت أداري الحب الكبير نفسه، خوفاً من أن أفقد أولادي لو طلبت زوجتي الطلاق... الآن ستعرف زوجتي والعالم كله بعد نشر أقوالي أنني كنت أحبها. اعترف وأقر بأني لم ولن أحب سواها... لقد خسرتها وخسرت بيتي. ليتها عاشت لتخفف عني هذه الصدمة. عزائي الوحيد أنني لن أترك دماءها تضيع هدراً ولن يغمض لي جفن حتى أصل إلى الجناة.

... ويبدو أن المحقق رفض أن يكتب بقية أقوال كمال التي اتهم فيها جهة ما بارتكاب الحادث.

 

مرت الأيام...

لا الشرطة وصلت إلى الجناة... ولا الرأي العام اقتنع بأن فريدة انتحرت... ولا كمال أوفى بوعده بأن يصل إلى الحقيقة مهما كلفه الأمر... بينما أخفى الناشرون وأصحاب المكتبات دواوين فريدة... ولم تعد تباع إلا سراً.

back to top