ماذا قدم العرب للعالم والإنسانية؟

نشر في 03-10-2013
آخر تحديث 03-10-2013 | 00:01
كثير ممن رأوا البيئة الصحراوية التي ظهر فيها الإسلام تصوروا أنه دين بدوي، لكنه في الحقيقة حركة معادية للبداوة، وكثيرة هي الآيات القرآنية الكريمة التي تندد بالأعراب، وتثني على العرب والقرآن الكريم يصف نفسه بأنه «قرآن عربي».
 أ. د. محمد جابر الأنصاري لو أردنا النظر ماذا قدم العرب للعالم والإنسانية والتطور الحديث لأدهشنا ما نراه.

أولاً: قدم العرب للعالم والإنسانية الإسلام الحنيف- ذلك الدين الكريم... الدين الحق... الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وفي دراسة مقارنة للأديان- وباعتراف غير المسلمين- بدا أنهم يشعرون براحة فكرية وطمأنينه نفسية عندما يفهمون ويتفهمون الإسلام، وقد اعتنق الكثيرون الإسلام من غير العرب، وهم لا يفهمون العربية التي كُتب بها القرآن الكريم.

ثانياً: ثمة 300 مدينة أنشأها المسلمون، وعدها المؤرخ السوري القدير شاكر مصطفى، الذي عاش في دولة الكويت ومات فيها (انظر كتاب أزمة التطور العربي) الصادر عن المؤتمر المنعقد بجامعة الكويت عام 1973م، وكثير ممن رأوا البيئة الصحراوية التي ظهر فيها الإسلام تصوروا أنه دين بدوي، لكنه في الحقيقة حركة معادية للبداوة، وكثيرة هي الآيات القرآنية الكريمة التي تندد بالأعراب، وتثني على العرب والقرآن الكريم يصف نفسه بأنه "قرآن عربي".

ثالثاً: كانت "قضية القضايا" التي شغلت الفلاسفة والمفكرين في تاريخ الحضارة العربية- الإسلامية هي حالة التوفيق بين الفكر الديني والفكر العقلي: هل يلتقيان أم يتناقضان؟

فمن رآهما متفقين- وهم الأغلبية- ومن رآهما لا يتفقان، وكان الجاحظ أول من تعاطى بشؤون الفلسفة والعقل، لكنه كتب في أمور عدة، منها شؤون "الحيوان".

أما أول "فيلسوف" تؤرخ به الفلسفة في تاريخ الحضارة- العربية الإسلامية، فهو "الكِندي"، وهو عربي من بني كِندة، وقد تصدى لهذه القضية وغيرها من القضايا الفلسفية الخالصة.

وليس ضرورياً أن تكون بقية الفلاسفة من أصل عربي، فقد ظهر الفارابي وابن سينا وهما ليسا من أصل عربي، وقد ارتبط الفارابي بالفيلسوف اليوناني أفلاطون، وحاول أن يكتب كتاباً شبيهاً بجمهوريته هو كتاب "المدينة الفاضلة"، وهذا يدل على أن الفارابي كان يقرأ اليونانية.

أما ابن سينا، فقد كان نموذجاً للتلاقي والتلاحم بين الثقافتين العربية والفارسية، وبالإضافة إلى الفلسفة، كان طبيباً معروفاً، وكان طبه يدرس في أوروبا حتى قرون متأخرة، ومن روائعه في الشعر العربي "الحمامة".

وفيها يقول:

هبطت إليك من المحل الأرفع... ورقاء ذات تدلل وتمنع.

وهي قصيدة طويلة، ويكني بها عن "النفس" في الإنسان، وله من الكتب المرجعية كتاب "القانون" في الطب.

رابعاً: روح البحث العلمي: ينسب للعلماء العرب والمسلمين، نشرهم لروح البحث العلمي، ومنهم استقى علماء أوروبا هذه الروح، وعرفوا بها، وعلى عاتقهم أسست الجامعات في أوروبا. خامساً: نقلهم للورق (المهم للكتابة) من الصين إلى الغرب، وكان ذلك أهم "إنجاز" قدموه للعلم وللعالم.

أما أهم ما قدمته الحضارة العربية الإسلامية للإنسانية فهو الروح السمحة التي عايشت بين الأديان والثقافات، وكانت مثار إعجاب وتقدير واعتراف الباحثين الأجانب، والملك عبدالله بن عبدالعزيز، يعمل على نشرها في السعودية، وكذلك الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين، وقد ارتكز مشروعه الإصلاحي على ذلك من واقع البحرين وتعايش الأديان والثقافات فيها منذ أقدم العصور. والأجانب المقيمون في البحرين يقرون بذلك، ويعترفون به، والواقع أن دول الخليج العربية كافة يعيشون هذا الواقع الآن لأسباب اقتصادية وإنسانية.

* أكاديمي ومفكر من البحرين

back to top