للعقوبات على إيران تأثير في موقفها النووي

نشر في 25-04-2013
آخر تحديث 25-04-2013 | 00:01
بعد إعلان الاتحاد الأوروبي أنه سينظر في فرض عقوبات على إيران بدّل نظام طهران، رغم خطابه السابق، موقفه بإعرابه عن استعداده لتناول ومعالجة ما رفضه خلال مفاوضاته مع مجموعة (5+1) في عامَي 2010 و2011، وخصوصاً اقتراحات تلك المجموعة.
 المونيتور ادعت الحكومة الإيرانية في مناسبات عدة أن العقوبات لا تؤثر في سياساتها النووية، وأنها لن تؤثر فيها في المستقبل... إلا أن سلوكها الخاص يكشف واقعاً مختلفاً.

خلال جولتَي المفاوضات بين إيران ومجموعة (5+1) (الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا) بين عامَي 2010 و2011، رفض فريق المفاوضين الإيراني حتى الاطلاع على اقتراحات لتعزيز الثقة قدمتها مجموعة (5+1). على العكس، طالبت إيران برفع العقوبات الراهنة، ودعت مجموعة (5+1) إلى الإقرار بحق إيران في تخصيب اليورانيوم.

لكن الأوضاع تبدلت بعد أن أعلن الاتحاد الأوروبي في 23 يناير عام 2012 أنه سيفرض حصاراً على النفط الإيراني في شهر يوليو المقبل. فبعد الإعلان، بدل النظام الإيراني، رغم خطابه السابق، موقفه بإعرابه عن استعداده لتناول ومعالجة ما رفضه خلال مفاوضاته مع مجموعة (5+1) في عامَي 2010 و2011، خصوصا اقتراحات المجموعة.

ظهر ذلك بشكل واضح في رسالة بعث بها كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين، سعيد جليلي، إلى كبيرة مفاوضي مجموعة (5+1)، كاثرين آشتون، في الخامس عشر من فبراير، بعد ثلاثة أسابيع على إعلان الاتحاد الأوروبي خطته لفرض المزيد من العقوبات على إيران، فقد وصف دبلوماسي بارز التعاطى مع المسألة الإيرانية طوال أكثر من عقد الرسالة بأنها "إنجاز" لأنها "تذكر مباشرة استعداد إيران لتركيز المفاوضات حول المسألة النووية وتفادي النسخ الماضية من الانتقادات الطويلة التي وجهتها ضد المعايير الدولية المزدوجة الواضحة". وهذا أحد الأسباب التي جعلت كثيرين يصفون مفاوضات إسطنبول، التي عُقدت بعد ذلك (في شهر أبريل من السنة الماضية)، بـ"الإيجابية". وفي الجولة التالية من المفاوضات في بغداد في مايو عام 2012، واصل كلا الطرفين مناقشة اقتراحات محددة.

استمر ذلك أيضا خلال المفاوضات التي عُقدت في موسكو، فقد ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" عن هذه المفاوضات: "قدم المفاوضون الإيرانيون للمرة الأولى رداً مفصلاً بشأن مجموعة من الاقتراحات طُرحت عليهم في اجتماع خلال الشهر الماضي في بغداد. وأوضح مسؤول أميركي بارز، طلب عدم ذكر اسمه نظراً إلى دقة المحادثات، أن هذا حدث للمرة الأولى خلال سنوات كثيرة".

وأثناء الاجتماع التالي في إسطنبول في 19 سبتمبر عام 2012، عرضت إيران، وفق سفيرها إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تعليق تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20% "في حال قبل الغرب برفع العقوبات عن طهران". صحيح أن هذا العرض اقتصر على تعليق التخصيب، لكنه اعتُبر إنجازاً، فقبل إعلان الاتحاد الأوروبي عن نيته فرض عقوبات على النفط الإيراني، كانت الحكومة الإيرانية ترفض حتى التطرق إلى عملية تخصيبها اليورانيوم إلى نسبة 20%.

 علاوة على ذلك، أثر استعداد إيران الجديد في الجولة التالية من المحادثات التي أُجريت في ألماتا بكازاخستان في شهر فبراير الماضي وفي الجولة الأخرى التي بدأت في مطلع هذا الشهر. صحيح أن الطرفَين لم يتوصلا بعد إلى اتفاق، إلا أنهما ناقشا خلال الاجتماعَين اقتراحات متبادلة بينهما بشكل أكثر تفصيلاً من السابق، وقد شمل ذلك التطرق إلى تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20%.

لولا العقوبات لما امتلكت الحكومة الإيرانية أي دافع لتبدل استراتيجيتها عما اعتمدته خلال مفاوضاتها مع مجموعة 5+1 في عامَي 2010 و2011، التي ركزت على مطالبها الخاصة فحسب، ولا شك أن ذلك كان سيؤدي في النهاية إلى انهيار العملية الدبلوماسية.

كذلك أثرت العقوبات الأخيرة في عملية اتخاذ إيران القرارات بشأن مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى نسبة 20%.

بدأت إيران تنتج يورانيوم مخصب إلى نسبة 20% في شهر فبراير عام 2010، إلا أن القائد الأعلى، آية الله علي خامنئي، لم يحاول مطلقاً تحويله إلى وقود نووي، ما يجعله غير صالح للاستخدام في صنع قنبلة، بل اكتفى بإنتاجه وتكديسه، رغم الاقتراحات المتكررة التي قدمتها مجموعة (5+1) بشأن القيام بذلك في الخارج كجزء من صفقة تبادل.

لكن تقريرا نُشر في مدونة Arms Control Now اقتبس عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قولها في تقريرها الصادر في أغسطس عام 2013 إن إيران بدأت تقوم بذلك هي بنفسها.

لا شك أن بدء إيران بالقيام بذلك بعد إعلان الاتحاد الأوروبي عن عقوبات النفط في شهر يناير عام 2012 يشكل دليلاً إضافياً على أن العقوبات أثرت في استراتيجيتها النووية، هذه الاستراتيجية التي اتضح أنها تتفاعل مع الضغط.

من المؤكد أن العقوبات وحدها لا تشكل الحل الحاسم، فعلى كلا الطرفين أن يعرب عن التزامه بالعملية الدبلوماسية، ويعبر عن استعداده للتسوية، ويعالج كل منهما مخاوف الآخر.

برهنت العقوبات، رغم حدودها، أنها فاعلة، فالنظام في إيران نظام منطقي يحسب كل خطوة يقدِم عليها، وإذا واصلت العقوبات تضييق الخناق على إيران، فمن المحتمل أن يقرر خامنئي التخلي عن خطاب "عدم الاستسلام للضغط الغربي" ليُنقذ طوق نجاة النظام، ألا وهو الاقتصاد.

* مير جافدانفار | Meir Javedanfar

back to top