رئيس المركز الإسلامي في نيويورك د. أحمد دويدار لـ الجريدة.: ظاهرة زواج مسلمات أميركا من غير المسلمين تهددنا بالتفكك

نشر في 03-08-2013 | 00:02
آخر تحديث 03-08-2013 | 00:02
No Image Caption
أكد رئيس المركز الإسلامى بالولايات المتحدة الأميركية د. أحمد دويدار أن مسلمي أميركا يمنحون أصواتهم في الانتخابات لمن هم أقل عداوة للإسلام، انظلاقاً من قاعدة تقليل المفاسد، موضحاً في حواره لـ«الجريدة» أن ظاهرة زواج المسلمات من غير المسلمين باتت تهدد الجالية الإسلامية هناك، كما طالب بعدم خلع المرأة المسلمة لحجابها في الغرب بحجة أنه يسبب لها مضايقات، خاصة بعد إباحة ذلك من بعض الدعاة.
• مسلمو أميركا يطلقون بين الحين والآخر دعوة لتأسيس اتحاد أو لوبي إسلامي. ما سبب تعثر هذا الحلم؟

لابد من التأكيد على معلومة مهمة، وهي أن المسلمين في الولايات المتحدة والغرب عموماً، ينقصهم السيطرة الاقتصادية والمال الكافيان لتأسيس هذا اللوبي، فمصير أي لوبي من دون هذه الدعامات سيكون الفشل، إلى جانب أن معظم المهاجرين المسلمين في أميركا جاؤوا من أجل لقمة العيش، أو هرباً من الاضطهاد السياسي في بلدانهم، فعلى الرغم من عددهم الكبير فإنهم أصحاب قضايا متفرقة، ولا تجمعهم قضية مشتركة، وهناك أيضاً إشكالية التعددية المذهبية، التي يعتنقها مسلمو الولايات المتحدة، ومع ذلك نسعى بقوة إلى تكوين هذا اللوبي الإسلامي لأن قيامه سيُحدث نقلة نوعية في أوضاع المسلمين كافة حول العالم.

• ينتشر في المجتمع الغربي زواج المسلمة من غير المسلم كيف ترى هذه الظاهرة؟

النصوص القرآنية واضحة الدلالة على حرمة زواج المسلمة من غير المسلم، قال تعالى: «وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ» (البقرة: 221)، وقال تعالى أيضاً: «لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ» (الممتحنة: 10)، وهذا الحكم القاطع في حرمة زواج المسلمة من غير المسلم يشير بوضوح إلى ضرورة الالتزام بالمبدأ الذي أرساه الإسلام منذ مجيئه إلى الناس وهو أنه دين العزة والعلو والرفعة وليس دين المتابعة والتبعية، وفي الحديث: «الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه»، وزواج المسلمة من غير المسلم فيه تضارب مع هذا المبدأ، لأن الزوجية يترتب عليها مجموعة من الحقوق، ومن بينها تبعية الزوجة لزوجها وطاعتها له، وعدم نشوزها عليه، إلى جانب قيامها على تلبية احتياجاته وتوافرها على رعايته، كما أن فيه ضياعاً للأولاد لأنهم سيكونون تحت رعاية الأب في التربية والتنشئة، فكيف يؤتمن الأب غير المسلم على دين أبنائه وتربيتهم.

• الإسلام في الغرب متهم بأنه الشريعة تسمح للرجل بضرب الزوجة، ما تعليقك؟

ضرب الزوج لزوجته له استخدامات مجازية تعني: العزل والمفارقة والإبعاد والترك، وضرب المرأة في بيتها معناه الأولى والأجدر (الترك والمفارقة والاعتزال) أي ترك منزل الزوجية واعتزال المرأة وتلقين المرأة درساً بليغاً في إمكان الاستغناء عنها، والنبي صلى الله عليه وسلم حين نشب خلاف بينه وبين زوجاته لجأ إلى المشربة، وظل فيها شهراً كاملاً تاركاً ومفارقاً لهن، ثم خيرهن بعد ذلك بالبقاء على نفس العيش والتسريح بإحسان.

• حجاب المرأة المسلمة في الغرب يسبب لها مشكلات يومية ومع ذلك نصح بعض العلماء بعدم ارتدائه في المهجر منعاً للضرر، ماذا تقول في هذه القضية؟

المرأة المسلمة تلتزم بحجابها في معظم بلاد المسلمين حتى بلاد المهجر، لكن أعداء الإسلام يعلنون الحرب عليه، ويسخِّرون عملاءهم من الحكام لاستئصاله من بلاد المسلمين، ويثير البعض شبهة أن الحجاب ليس تشريعاً سماوياً، وإنما هو مجرد عادات وتقاليد اجتماعية، ومعوق لعمل المرأة وتقدمها، ويُقصر النظر للمرأة على أنها جسد يُقصد للشهوة، ولأجل ذلك عقدت المؤتمرات العالمية في بكين والقاهرة والولايات المتحدة، إلا أن واقع المرأة يكذب هذه الافتراءات فساهمت أمهات المؤمنين والصحابيات في القتال والتعليم والحياة الاجتماعية والسياسية، كما ظهرت الفقيهات والحافظات طوال العهود الإسلامية، وفي المجتمع الأميركي تمتلئ الهيئات بالمحجبات الطبيبات والمهندسات والصيدليات والمِخْبَرِيات والمحاميات والمُعلمات والموظفات في جميع الدوائر الحكومية، ولم يمنعها حجابها من ممارسة هذه الأعمال أو غيرها.

• هل يحل للمسلم في الغرب أن يعمل بالسياسة؟ وهل ثمة ضوابط  لذلك؟

العمل السياسي لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً، فالحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، وجميع الأعمال في ذلك سواء، وعلى هذا فالأصل العام أن يتقيد العمل السياسي بمرجعية الشريعة، وأن ينضبط بضوابط المصلحة الشرعية، وأن يراقب مشروعيته ثلة من الفقهاء والخبراء ممن يحسنون الفهم عن الله ورسوله، ويضعون الأمور في نصابها، فلا يغلقون باب الاستصلاح بالكلية فيفوتون كثيرا من المصالح الشرعية، ولا يفتحونه على مصراعيه بغير ضابط فيدخلون في دين الله ما ليس منه، وإذا كانت الأمة قد اصطلحت على هيئات رقابة شرعية داخل المصارف الإسلامية لمراقبة مشروعية عقودها فإن العمل السياسي أحوج منها لمثل هذه الرقابة، وينبغي أن يسلس القائمون عليه قيادهم لها، وأن يجعلوها حجة بينهم وبين الله عز وجل، وجنة يتقون بها سخطه وعذابه!

• أثناء الاستحقاقات الانتخابية هل تؤيدون مرشحاً لولاية أو للرئاسة، حتى إذا لم تكن له إسهامات للمسلمين هناك؟

نعم يحدث هذا انطلاقا من القاعدة التي تجيز إعانة أحد المرشحين لهذه الولايات من غير المسلمين على مرشح آخر إذا كان الأول معروفاً بقلة عدائه للمسلمين، وكان الآخر شديد النكاية بهم، بناء على قاعدة تقليل المفاسد، وهي إحدى القواعد الشرعية المعتبرة ما لم يعارض ذلك بمفسدة راجحة، وإن تضمن هذا العمل فيما تضمن إعانة على معصية، فقد تجوز الإعانة على المعصية لا من حيث كونها معصية، بل من حيث كونها سبيلاً متعيناً لدفع معصية أكبر.

• ما أهم الحقوق السياسية التي يتمتع بها المسلم المقيم في الولايات المتحدة؟

التظاهر هو إعلان رأي أو إظهار عاطفة في صورة مسيرة جماعية، وهو وسيلة معاصرة من وسائل التعبير عن الرأي، وتوجيه القرار السياسي في المجتمعات الديمقراطية، ويعد من الحقوق الدستورية المكفولة في معظم هذه الدول، وتنظم القوانين في العادة حدود ممارسة هذه الحق حيث تشترط له إذنا مسبقا وميقاتا محددا، وتحظر بطبيعة الحال المساس بالممتلكات والمرافق العامة.

ويتمتع التظاهر في المجتمعات الغربية بالشرعية والحماية القانونية، وتنظم القوانين ممارسته كما تنظم ممارسة أي حق آخر من الحقوق المشروعة، وهو وسيلة من وسائل الضغط المشروعة للتعبير عن الرأي، وتشكيل الوعي السياسي لدى صناع القرار في هذه المجتمعات، وللناس في هذه المجتمعات دراية بممارسته، تحول دون أن يتحول إلى وسيلة من وسائل الفوضى أو التخريب للممتلكات والمرافق العامة، والتظاهر ليس بديلا من الأعمال الدعوية أو التربوية، وإنما هو من جملة الأنشطة التي يتسنى للجالية المسلمة ممارستها.

back to top