الأوروبيون يفقدون إيمانهم بأوروبا

نشر في 18-05-2013
آخر تحديث 18-05-2013 | 00:01
تبدو الفجوة العميقة بين وجهات النظر في أوروبا مقلقة أيضاً، ففي حين يعتبر 1% من اليونانيين، و3% من الإيطاليين، و4% من الإسبان، و9% من الفرنسيين وضعهم الاقتصادي جيداً، يعرب 74% من الألمان عن رضاهم عن الاقتصاد.
 شبيغل خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، تراجع دعم الاتحاد الأوروبي في القارة، علاوة على ذلك، فَقَدَ كثيرون الإيمان بممثليهم المنتخبين، ففي ألمانيا وحدها ما زال الشعب يعتبر الاتحاد الأوروبي مناسباً، غير أن الفجوة بينها وبين سائر أوروبا تتسع.

تؤدي الأزمة الاقتصادية المتواصلة ومشاكل العملة الدائمة في أوروبا إلى اضمحلال إيمان الأوروبيين بمشروع الاتحاد الأوروبي بسرعة. هذا ما كشفه استطلاع رأي جديد أجراه «مركز بيو للأبحاث» الغني عن التعريف في العاصمة الأميركية واشنطن، وقد نُشرت نتائج هذا الاستطلاع مساء يوم الاثنين الماضي.

استطلع هذا المعهد رأي 8 آلاف شخص في ثمانٍ من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في شهر مارس، فتوصّل إلى بعض النتائج المقلقة، ففي سنة واحدة، تراجعت نسبة الأوروبيين الذين ينظرون إلى مشروع الاتحاد الأوروبي نظرة إيجابية من 60% عام 2012 إلى 45% فقط خلال هذه السنة. علاوة على ذلك، تواصل الأغلبية في ألمانيا وحدها منح بروكسل المزيد من الدعم في محاولتها لمكافحة الأزمة المستمرة.

«بات الاتحاد الأوروبي اليوم رجل أوروبا السقيم الجديد». ترِد هذه العبارة في مستهلّ التقرير، الذي يضيف: «تحوّلت الجهود المبذولة خلال نصف القرن الماضي لإنشاء قارة أوروبية أكثر وحدةً إلى الضحية الرئيسة للأزمة الأوروبية، فيواجه المشروع الأوروبي اليوم الكثير من العقبات في معظم أنحاء أوروبا».

ولعل مصدر القلق الأكبر بالنسبة إلى الأوروبيين يتمثل بالوضع في فرنسا، حيث يعتقد 91% ممن استُطلعوا أن اقتصاد البلد في حالة يُرثى لها، وتفوق هذه النسبة بنحو 10% أرقام عام 2012. علاوة على ذلك، يظن 67% أن الرئيس فرانسوا هولاند «يخفق في التعاطي مع تحديات الأزمة الاقتصادية». ويُعتبر هذا التصنيف أسوأ بنحو 24 نقطة مئوية مما ناله سلفه نيكولا ساركوزي. كذلك اعتبر 77% من الفرنسيين أن التكامل الأوروبي زاد الوضع الاقتصادي في البلد سوءاً.

نظرة أكثر تشاؤماً إلى أوروبا

من بين الدول الثماني التي استُطلعت (ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا واليونان وبولندا والجمهورية التشيكية)، أعربت اليونان وإيطاليا وحدهما عن نظرة أكثر تشاؤماً إلى التكامل الاقتصادي الأوروبي، مقارنةً بالفرنسيين، ولا شك أن هذا عبء إضافي يثقل التعاون الفرنسي-الألماني، الذي شكّل في الماضي الدافع وراء التكامل في القارة الأوروبية.

بالإضافة إلى ذلك، لا يكفّ الناس في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي عن التكلم بالسوء عن قادتهم السياسيين. في إيطاليا مثلاً، حيث صوّت الناخبون أخيراً لإخراج رئيس الوزراء ماريو مونتي من منصبه، يعبّر 25% فقط عن رضاهم عن طريقة إدارة الحكومة الأزمة، ما يُعتبر أقل بنحو 23% مقارنةً بالسنة الماضية. كذلك يشعر 96% بعدم الرضا عن توجه بلادهم، مقابل 97% في اليونان و94% في إسبانيا.

كذلك بدأت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي حظيت باحترام واسع في أوروبا السنة الماضي نتيجة تعاملها مع الأزمة الأوروبية، تفقد الدعم. صحيح أن الأغلبية في خمسة من البلدان الثمانية المستطلعة تعتقد أنها تبلي حسناً، لكن دعمها تراجع بنحو 24 نقطة مئوية في إسبانيا، 19 في إيطاليا، وست في موطنها ألمانيا خلال الأشهر الاثني عشر الماضية.

فجوة عميقة

تبدو الفجوة العميقة بين وجهات النظر في أوروبا مقلقة أيضاً، ففي حين يعتبر 1% من اليونانيين، و3% من الإيطاليين، و4% من الإسبان، و9% من الفرنسيين وضعهم الاقتصادي جيداً، يعرب 74% من الألمان عن رضاهم عن الاقتصاد.

يشير التقرير: «يشدّد استطلاع عام 2013 أكثر من أي وقت مضى على الاختلافات في وجهات النظر بين الألمان وسائر الأوروبيين في عدد من المسائل. فيعبّر الألمان عن وجهة نظر أكثر تفاؤلاً في مجالات عدة، منها الاقتصاد، والوضع المالي الشخصي، والمستقبل، والاتحاد الأوروبي، والتكامل الاقتصادي الأوروبي، وقيادتهم المنتخبة».

صحيح أن الألمان ينظرون بتفاؤل إلى وضعهم الحالي، إلا أن الآخرين في أوروبا لا يبدون متأثرين بإنجازهم هذا، فعندما سئل المستطلعون عن الدول الأوروبية الأخرى، أكد المشاركون في ست من الدول المستطلعة أن الألمان الأقل تعاطفاً. كذلك اعتبرت خمس دول أن ألمانيا الأكثر تعجرفاً، لكن الألمان أنفسهم لا يشاطرونهم الرأي، فهم يعتبرون بلدهم أهلاً للثقة، والأقل عجرفة، والأكثر تعاطفاً في أوروبا.

Gregor Peter Schmitz

back to top