من المعري إلى طه حسين... الظلامية تغتال التماثيل والثقافة

نشر في 19-02-2013 | 00:02
آخر تحديث 19-02-2013 | 00:02
من إدلب في سورية إلى المنيا في مصر، كانت وسائل الإعلام تضج بخبر اختفاء تمثال عميد الأدب طه حسين وقطع رأس تمثال الشاعر أبي العلاء المعري. هذان الخبران لا يمكن اعتبارهما حدثين عابرين، فهما يحملان دلالات كثيرة في هذه المرحلة بالذات.
كُتب الكثير عن قطع رأس تمثال المعري وموجة العقلية الـ بن لادنية التي تسيطر على بعض الجماعات السورية التي تعادي كل من يختلف معها، من أنماط الحياة إلى التماثيل إلى الثقافة والدين والتدين. بدا قطع رأس المعري بمثابة اغتيال لأنماط الثقافة في سورية، وبدت الجماعات التكفيرية نوعاً من استبداد جديد يلوح خطره في الأفق، فأن تقطع رأس المعري، وبمنأى عما يقوله في شعره، فهي بذلك تتماهى مع الأفكار الطالبانية الظلامية. وتحضّر هذه الجماعات لما هو أسوأ في المرحلة المقبلة، قد يكون التمثال مجرد رمز عابر لكن تحطيمه كان له وقعه الذي قد يغلب وقع تدمير بعض الأحياء في المدن السورية. هي لعبة الرمزية التي لا تنتبه لها الجماعات المنتفضة في سورية، وربما من وراء أفعالها المشينة تجر البلاد إلى الويلات.

نشرت صور رأس تمثال المعري مقطوعاً وتناقلت وكالات الأنباء خبرًا يفيد عن اختفاء تمثال طه حسين وسط الميدان في المنيا المصرية. ليست المرة الأولى التي يتم فيها الاعتداء على طه حسين، فقبل اختفاء تمثاله منع كتابه «في الشعر الجاهلي» وتعرض للمحاكمة، مع ذلك كان الكتاب علامة على هزيمة المشروع الليبرالي في مصر أمام التيارات الدينية، وأتت الناصرية لتكمل على ما تبقى من ذلك المشروع الذي تبلورت ملامحه في مطلع القرن العشرين. أن تصل الأمور الآن إلى اختفاء أو اغتيال تمثال طه حسين فبذلك تكون مصر أمام شبح جديد هو الظلامية التي تتستر خلف الدين واللحى.

لا غرابة في أن يختفي تمثال طه حسين ما دامت القوى الظلامية المصرية هددت بتدمير الاهرامات الفرعونية باعتبار أنها تخالف الشرع الاسلامي، وبدأت حربها على المشاهد السينمائية والحياة العامة والعشاق، كأنها أتت لتكون ضد الحياة بكل جوانبها. ويأتي خطف أو اغتيال تمثال عميد الأدب بعد أيام على تحسينات على متحفه في القاهرة شملت إعادة صوغ وتشكيل غرفة النوم التي باتت تشتمل على بابين اثنين، أحدهما جرى تثبيته من داخل خزانة ملابس الراحل الكبير، ويؤدي إلى غرفة نوم زوجته الفرنسية سوزان. كذلك تم تحديد ثلاث قاعات كانت مخصصة لاستقبال الضيوف، من بينهم: مثقفون ومفكرون وعاملون في مجال السياسة والتربية.

المفارقة وبحسب معلومات وردت على الـ «فايسبوك» أن تمثال أبو العلاء المعري الذي قطع رأسه في إدلب هو للنحات فتحي محمد، وعند إزاحة الستار عنه كان الفيلسوف طه حسين حاضرًا فنصح فتحي بالدراسة في إيطاليا وهكذا كان.

 ولد الفنان فتحي محمد في حي الشماعين في حلب، وتردد منذ طفولته على الفواخير القريبة من بيته مراقباً العمال يعالجون الطين، ليكتشف محبته لفن النحت مع أول تمثال صنعه العام 1936. درس النحت في مصر بين 1944 و1947، وتابعه في أكاديمية روما على نفقة بلدية حلب  بين 1948و 1954.

فاز فتحي بجائزة المجمع العلمي بدمشق عن تمثاله «أبو العلاء المعري (1944)، وأنجز في روما تمثال «المفكِّرة» (1950)، وحين شارفت دراسته على نهايتها (1951) عكف على إنجاز تمثال «اليافع» الذي جعله واقفاً. نال شهادة دبلوم بدرجة شرف في 9  يونيو 1951، ووقع اختيار لجنة التحكيم على تمثال فتحي لوضعه في متحف فلورنسا.

back to top