رغبة صادقة

نشر في 03-02-2013
آخر تحديث 03-02-2013 | 00:01
No Image Caption
 بدر سلطان العيسى ليس لدي أدنى شك في أن صاحب السمو الأمير يرغب رغبة صادقة وأكيدة في أن يرى الكويت تعود إلى سابق عهدها كما كانت (درة الخليج)، ويشارك سموه هذه الرغبة كل المخلصين من أهل هذا البلد.

لم تكن هذه الرغبة لصاحب السمو هي الأولى التي تمنى فيها الخير للكويت وأهلها والمقيمين على أرضها، ففي السنوات الثماني الفائتة أبدى سموه هذا الشعور الصادق وهذه الرغبة الأكيدة في كل خطاباته ومجالسه، في أن يرى الكويت بلدا مزدهرا اقتصاديا، ويرى فيها ديمقراطية حقيقية كما حددها دستور 1962، وبالرغم من كل هذه الأماني الطيبة والصادقة لسموه يبرز سؤال كبير يقول لماذا سارت الأمور في هذا الطريق الخطأ، وبلغت هذا الحد من السوء والتردي، أدى إلى انتشار الرشوة والفساد والمحسوبية وخراب الذمم حتى أصبحت هذه السلوكيات الشائنة في حكم العرف الذي يمارسه بعض المسؤولين الكبار والصغار دون خوف من عقاب أو وازع أخلاقي أو وطني.

فالمواطن الذي يحب بلده لا يمكن أن يسلك مثل هذا السلوك الشائن، وصاحب السمو هو القائل "إن الفساد والرشوة في بلدية الكويت لا تحمله البعارين"، والأمر في نظري قد تعدى مقدرة البعارين على حمل الرشوة والفساد، وأصبح الأمر يحتاج إلى رافعات لكي تستطيع حمل الفساد والرشوة.

ليس في الأمر أي مبالغة أو تهويل، فما يحدث في البلدية يحدث مثله وأكثر في وزارة الشؤون والوزارات الأخرى، وذكر صاحب السمو بلدية الكويت بالذات كمثل للفساد والتعدي على أملاك الدولة لما للبلدية من التصاق مباشر بمصالح الفرد الكويتي، ليس معنى هذا أن الوزارات الأخرى أقل فساداً وأقل ممارسة للرشوة، فما يحدث في وزارة الشؤون من فساد وقبول للرشاوى يفوق ما يحدث في بلدية الكويت، وأملنا في أن تتحرك وزيرة الشؤون وتبحث في كل أوجه الفساد التي أصبحت واضحة، وترى لكل من له عين حتى إن كانت مصابة بالرمد.

لقد راقبنا وخلال عقدين من الزمان كيف تحولت الكويت إلى بلد أصبح فيه النهب والسلب بطرق مختلفة مألوفا ومعترفا به، إن لم تكن بعض الشخصيات النافذة تحميه، وتلك التي لها مراكز في الدولة تتجاوز صنوف المحاسبة والتي لا يهمها العقاب، فما دامت الأمور منفلتة على غاربها وما دام ليس هناك من يحاسب أو يردع فإن من يستطيعون مقاومة إغراء أخذ الأموال التي ليست لهم سوف ينحصر عددهم بالمحصنين أخلاقيا والمحبين لبلدهم وهم أقلية.

والمثل القائل "إن المال السائب يعلم السرقة" لا يمكن قبوله والأخذ به في أي دولة تدار بصورة حديثة تخضع في كل سلوكياتها إلى القانون والإجراءات التي يقوم عليها الاقتصاد الصحيح.

ما زال في الكويت من يحمل بعض الحب وما زال من لديه وازع أخلاقي يرفض قبول هذه الأعمال المشينة إلا أنهم يشكلون أقلية، ومجهودهم ضائع أمام فساد الآخرين وتجاوز المتلاعبين بمقدرات الكويت. لقد راعني حدوث هذا الانهيار السريع والتدهور في أخلاق وأمانة بعض المسؤولين خلال فترة قصيرة لا تقاس بعمر الشعوب، وحقيقة الأمر أنني لم أجد أي سبب لمثل هذا التدهور والتحول الكارثي في أخلاق الموظف وأخلاق البعض، حيث شاع بين الكل استسهال عملية السلب، وتجاوز كل ما ليس لهم حق في الاستحواذ عليه وسرقته سرقة واضحة ومكشوفة دون خوف، فما دام لا يوجد من يحاسب ومن يردع، فقليل من المواطنين يستطيع مقاومة أخذ ما ليس له.

لقد مارست العمل التجاري خلال ما يقارب ستة عقود، واكتشفت وإن متأخرا أنه لكي يسير عملي التجاري سهلاً ودون عقبات فإنه يجب عليّ أن أسلك الطريق الذي يسلكه الآخرون إلا أن تربيتي ومعتقداتي وحبي لبلدي ومستقبله تمنعني من السير في هذا الاتجاه.

back to top