الشاعرة السورية فرات إسبر: الربيع العربي مخضّب بدماء المبدعين

نشر في 15-05-2013 | 00:02
آخر تحديث 15-05-2013 | 00:02
No Image Caption
أبدت الشاعرة السورية فرات إسبر تخوفها مما سمته فوضى الفتاوى الدينية ووصولها إلى تحريم الشعر والكتابة، وقالت في حوارها لـ {الجريدة} إنه في خضم ثورات الربيع العربي تم إحراق المجمع العلمي في مصر وتحريم كتب نجيب محفوظ ومحاربة الفن، وما علينا الآن سوى انتظار نهاية الربيع العربي.
كيف ترين ديوانك الأخير {نزهة بين السماء والأرض}؟

امتداد لما بدأت به في مجموعاتي الأولى، يتضمن أكثر من رؤية وسؤال وأعتقد أنني أكثر نضجاً بما قدمت فيه من تجربة شعرية. عموماً، لا أستطيع تقييم هذه التجارب، لأن الشاعر يقدم شعره وعلى المتلقي مسؤولية  تلقيه أو عدم تلقيه.

ماذا عن الروافد والتجارب التي شكلت وعيك الإبداعي وصقلت موهبتك الأدبية؟

انطلاقاً من قناعاتي، الموهبة هي الأساس وإذا لم تكن موجودة فالوعي الإبداعي يكون قاصراً. أن تكون مثقفاً كبيراً لا يعني أنك شاعر كبير. الشعر حالة إبداعية بامتياز تحتاج إلى موهبة وفطنة وذكاء وتأملا، أحاول وأسعى كي أقدم ما هو متميز شعرياً، وأتمنى أن أفوز بكنز الشعر.

بمن تأثرت في كتاباتك الشعرية عربياً وعالمياً، وهل لك طقوس معينة في الكتابة؟

لا أعرف كيف أفسر مسألة التأثر، حتى إنني لا أقتنع بها. إما أن تكون شاعراً أو لا تكون. والتأثر هو نقل صوت الآخر وإضافته إلى صوتك، فيما على الشاعر أن يكون متفرداً، أن تقرأه هو ذاته لا أن تقرأ شاعراً آخر في صداه. أتمنى ألا أسقط في ظل من الظلال.

كيف يمكن للشعر أن يطور من أدواته ليلبي الحاجة العربية في مشهدها راهناً؟

الشعر إنساني بالدرجة الأولى. ما يلامس الإنسان روحاً وجسداً علينا أن ندركه ونتلمسه وجوداً وحقيقة. دمرت الثورات العربية روح الإنسان والشاعر يقف عاجزاً من هول ما ُيرتكب تحت ظلالها وما يعلن من فتاوى وقرارات باسم الدين، والدين الحقيقي براءٌ منها.

كيف تقيمّين الأوضاع في سورية اليوم بعد ما يزيد على العامين من الثورة السورية؟

نهر الدم في سورية مرعب وخطير وآمل أن ينتهي هذا الموت ويتوقف. كنا نأمل خيراً من الثورات العربية ولكن ما نشهده الآن يدمي القلوب، حيث ترتكب باسم الدين أعمال مخالفة للإسلام. ماذا تتوقع من ثورة تقطع رأس طه حسين في مصر وأبي العلاء المعري في سورية، أو تهدد بإزالة وتفجير الأهرامات وتكسير المتاحف والتماثيل في بلدانها إذ تعتبرها كفرا وإلحاداً؟!

تتفاوت آراء بعض الكتاب والأدباء حول الثورة السورية، كيف ترين هذا التفاوت، وهل خذل بعض الكتاب قراءهم؟

نعم، صحيح. ولكن اختلاف وجهات النظر أدى إلى هذا الخلاف وعمّقه، وغياب الوعي الجمعي لمفهوم الثورة. على الثورة أن تحمي الشعب مهما كانت همجية السلطة. كل ثورة لا تملك الأخلاق في التعامل مع الواقع الذي ثارت لأجله تسقط في المطب الذي تحاربه، مهما كبُرت أخطاء النظام، على الثورة أن تقوم بواجب الحماية لا التخويف والتخوين لباقي فئات الشعب أو لكل من لا يتوجه إليها.

كيف ترين وظيفة الشعر؟

الشعر سبٌر للعوالم الخفية في الذات، استرجاع الآلام في الروح وكشف للغيب بقراءة الحياة وما فيها.

هل تضعين النقد في حساباتك؟

النقد البناء الهادف والجاد يُغني ويزيد من قيمة العمل الأدبي ويمنحه الثقة، ولكن أؤكد مراراً أن النقد العربي انتهى زمنه. انتهى زمن كبار النقاد في العالم العربي، والأسماء المهمة واللامعة. كان الناقد قديماً ينتظر أي إصدار سواء في الشعر أو الرواية أو المسرح، ويشتريه ليكتب عنه كتابة أدبية نقدية. ولكن اليوم، تصل الكتب إلى كثير من المجلات والمهتمين أو من يدعي أنه مهتم بالشأن الثقافي، إلا أنه لا ينظر إليها لأن العلاقات الشخصية والمصالح المتبادلة تجرف النقد في مدار أهوائها... على نقاد اليوم أن يعيدوا النظر في مهمتهم.

 

كيف تنظرين إلى دور الترجمة في نقل الأدب والثقافة العربية إلى الغرب؟

هذه جسور لا بد منها. الترجمة علم جديد يضاف إلى الفنون والثقافة، الترجمة مسؤولية ثقافية وأخلاقية بالدرجة الأولى. واليوم أصبح لدينا استسهال كبير في الترجمة وتجد ترجمات كثيرة لأشخاص لا علاقة لهم باللغات الأخرى. اللغة روح وعند الترجمة لا بد للمترجم من أن يكون على دراية باللهجات الخاصة بالأدب الذي ينقله. مثلاً، كيف لمترجم أن يترجم نجيب محفوظ ولا يلم باللهجة المصرية وهذا ما ينطبق تماماً على اللغة الأخرى. تحتاج الترجمة إلى إخلاص وتفان في العمل الذي تنقله.

هل الكتابة لديك بديل عن انتكاسات لمشاريع فردية؟

يمكن القول بأن الكتابة ترميم للذات، إذ لا نستطيع أن نقول عنها إنها وسيلة للعيش وإنما هي وسيلة للحياة بالمعنى الروحي، تحمي من الخراب النفسي.

ما هو جديدك في الفترة المقبلة؟

لا جديد الآن سوى انتظار نهاية الربيع العربي.

{نزهة بين السماء والأرض}

أيتها الوحدة من علّمك العزلة؟

أيتها العزلة من علّمك الارتفاع؟

شمسٌ أنا

وفي فلكي أدور

أمرُّ على المتصوّف، في حكمة العاقل

وتيه المجنون

ذائقةٌ نفسي الموت

أي طعم لفم ٍ حائر؟

عين الحياة ضيّقة لا تراني

علّمني حبُّها بأنها فانية

علّمها حبي بأنني باقية

وعلى سريرها أنتفضُ كطائرٍ

لا يريد الصعود

لا يريد الهبوط

ياليل

خَيِّم على قلبه كي لا يراني

صيادٌ يحمل الكفن

يمرُّ على شرفات الحياة

يقطفُ أعمارنا الناضجة

back to top