الولايات المتحدة تقترب من الحرب في سورية

نشر في 31-03-2013
آخر تحديث 31-03-2013 | 00:01
مخاطر الصراع السوري كبيرة بالنسبة إلى الولايات المتحدة... فسورية محاطة بدول بالغة الأهمية بالنسبة إلى الأميركيين: تركيا وإسرائيل والأردن ولبنان والعراق، ومن الممكن لحرب طائفية طويلة في سورية أن تمتد عبر الحدود إلى أي من هذه الدول.
 لوس أنجلس تايمز لا يحمل التدخل العسكري في العالم الإسلامي للولايات المتحدة إلا الأسى، على ما يبدو، فلم تحقق النجاح في أي من عمليات تدخلها هذه، لا في العراق ولا أفغانستان أو حتى ليبيا.

رغم ذلك، تقترب إدارة أوباما بتردد من التدخل في الحرب الأهلية في سورية، مساعدةً الثوار الذين يناضلون للإطاحة بنظام بشار الأسد العنيف. وهذا ضروري: فكلما طالت الحرب، ساء الوضع بالنسبة إلى الولايات المتحدة والسوريين على حدّ سواء. حصدت هذه الحرب حتى اليوم أكثر من 70 ألف قتيل، في حين خسر نحو 4 ملايين منازلهم، ونلاحظ أن الحجج المناهضة للتدخل بدأت تنهار بسرعة. لماذا؟ لأن كل البدائل أسوأ.

تبدو المعارضة السورية راهناً في حالة فوضى، ففي الأسبوع الماضي، استقال فجأة رئيس المجلس الحاكم التابع للثوار، الائتلاف الوطني السوري، مشتكياً من أن جماعة "الإخوان المسلمين" الأكثر تشدداً قد أضعفت سلطته. دعمت المملكة العربية السعودية أحد طرفَي هذا الخلاف (معاذ الخطيب المعتدل) في حين حظي الطرف الآخر (جماعة الإخوان المسلمين) بتأييد قطر، منافستها في الخليج العربي. اكتسب هذان البلدان نفوذاً كبيراً بين الثوار من خلال مدّهم بالمال والأسلحة، وتحاول الولايات المتحدة الواقعة بين هذين الطرفين تأدية دور الوسيط للتوصل إلى تسوية، إنما من دون اللجوء إلى إمدادات الأسلحة.

لم ينجح الإحجام الأميركي عن التدخل في وقف الحرب، بل زاد عملية تنظيم المعارضة صعوبة، فقد قدّمت الدول المجاورة لسورية (الدول العربية المتنافسة، فضلاً عن تركيا) المساعدة إلى مجموعات الثوار المفضلة لديها ما أدى إلى الانقسام لا النصر.

في هذه الأثناء، على أرض الواقع، اكتسبت الجماعة الإسلامية المتشددة، "جبهة النصرة" المتفرعة من تنظيم "القاعدة" في العراق، سمعة كأكثر القوات المقاتلة فاعلية بين الثوار، ما يساعدها على اجتذاب المزيد من المقاتلين. من هنا نلاحظ أن مخاطر هذا الصراع كبيرة بالنسبة إلى الولايات المتحدة. فسورية محاطة بدول بالغة الأهمية بالنسبة إلى الأميركيين: تركيا وإسرائيل والأردن ولبنان والعراق. ومن الممكن لحرب طائفية طويلة في سورية أن تمتد عبر الحدود إلى أي من هذه الدول.

علاوة على ذلك، إذا انتهت الحرب بعودة نظام الأسد، فسيشكل ذلك انتصاراً لإيران وكارثة للولايات المتحدة. أما إذا انتهت بانتصار جبهة النصرة، فسيكون الوضع أسوأ.

لهذا السبب لا تزال إدارة أوباما تحاول حضّ النظام والثوار على التفاوض والتوصل إلى هدنة تطيح بالأسد، ولكن لا يبدو أي من الطرفين مستعداً للتفاوض.

عبرت الإدارة عن انحيازها شفهياً، معلنةً أن رحيل الأسد ضروري، ومعترفةً بالثوار كلاعبين شرعيين في أي حكومة جديدة. كذلك تعهدت بتقديم مساعدات إنسانية تصل قيمتها إلى نحو 385 مليون دولار. وزودت قادة الثوار بالتدريب ومعدات الاتصال. وتشير بعض التقارير الأخيرة إلى أن وكالات الاستخبارات الأميركية منحت وحدات من الثوار مختارة بعناية معلومات عسكرية وتدريباً خاصاً، وساعدتها في الحصول على شحنات أسلحة من مزودين، مثل المملكة العربية السعودية وقطر.

من مشاكل هذا النوع الخفي من المساعدة أن معظم السوريين لا يعلمون به. حتى الجزء العلني من هذا البرنامج، والمساعدات الإنسانية، لا يحمل عبارة "صُنع في الولايات المتحدة". أخبر توم مالينوسكي من منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" إحدى لجان مجلس النواب الأميركي الأسبوع الماضي: "يسأل الجميع [في سورية]... لمَ لا يساعدوننا؟ وقد وُجِّه هذا الغضب بالتحديد تجاه الولايات المتحدة".

باتت الحجج التي تُقدَّم لتأييد عدم التدخل في سورية مألوفة: لا نرغب في إلغاء احتمال عقد مفاوضات، قد تطيل المساعدة العسكرية الحرب. لا يمكننا التأكد من أن هذه المساعدات لن تقع بين أيدي الأشخاص الخطأ. وقد ننجر نتيجة ذلك إلى إنزال جنودنا إلى ساحة القتال، فضلاً عن أننا سئمنا الحروب في العالم الإسلامي.

لكن تقديم المساعدة العسكرية للثوار في هذه المرحلة قد يدفع الحكومة إلى التفاوض، بدل أن يلغي هذا الاحتمال. كذلك قد تقصر هذه المساعدة الحرب. صحيح أن الأسلحة في تقع بين أيدي الأشخاص غير المناسبين، لكن هذه الحجة تكون مناسبة إن كنا نزوّد الثوار بصواريخ أرض جو، لا بنادق وذخيرة.

علاوة على ذلك، لا داعي أن تتحول هذه المساعدة إلى سبب يجرنا إلى التدخل على الأرض، ففي تدخلنا في ليبيا عام 2011، أرسل أوباما طائرات قوات الجو الأميركية وسفن البحرية الأميركية إلى الحرب، إلا أنه اعتبر إنزال الجنود إلى ساحة المعركة خطاً أحمر والتزم به.

لا ننكر أن الحرب في ليبيا لم تؤل إلى نهاية جيدة (ماذا كنا نتوقع؟ سويسرا؟). لكن مَن يشتكون اليوم مما حدث في ليبيا ينسون البديل آنذاك: هجمات معمر القذافي بالدبابات والطائرات ضد مدن بلده، تماماً كما يفعل الأسد في سورية اليوم.

اقترب أوباما من التدخل المباشر، فقد درس مسؤولوه خيارات تشمل تقديم شحنات أسلحة، وفرض منطقة حظر جوي أميركية، وهجمات ضد قوات الجو السورية. لكن الخطوات التي تُتخذ في هذا المجال بطيئة جداً، فيريد الرئيس الأميركي، على ما يبدو، أن يؤكد أن أي خطوة قد يتخذها لم تكن خياره الأول، بغض النظر عن طبيعتها.

خلال مؤتمر صحافي أجراه الأسبوع الماضي خلال زيارته إلى الشرق الأوسط، اشتكى أوباما من أنه الخاسر الدائم في منصبه هذا. قال إن الولايات المتحدة، "إذا تدخلت عسكرياً، تُنتَقد لأنها تدخلت عسكرياً، وإن لم تتدخل عسكرياً، يردد الناس أيضاً: لِمَ لا تتخذون أي خطوات عسكرية؟".

لا شك أن استياء الرئيس مبرر، فلا يريد مشكلة إضافية، فكم بالأحرى حرباً أخرى! لكن التردد ليس من صفات القيادة، ولا حتى القيادة من الخلف. لذلك علينا القيام بالمزيد.

* دويل ماكمانوس | Doyle McManus

back to top